وكالات لا زالت أوجاع الحرب التي عصفت بالقطاع علي مدار 51 يوم تسيطر علي أصحاب البيوت المهدومة وبالأخص في سكان المناطق الشرقية للقطاع.
ولعل المتجول في تلك المنطقة المنكوبة بفعل آلة الحرب الإسرائيلية يجد أنها تعرضت لكافة أنواع العذاب والألم والظلم والقهر الذي طال كل مناحي الحياة في القطاع، تلك المنطقة التي أبيدت بالكامل ورغم تحولها لمنطقة أشباح، ألا أنك تشاهد التحدي والصمود والإصرار علي العيش بحياة كريمة من قبل سكان تلك المنطقة.
وحول الاصرار على العيش فوق الركام قالت الحاجة أم محمد (55 عام) من سكان بلدة خزاعة ل"دنيا الوطن": "رغم قصف منزلي وتدمير أرضي من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلا أنني لا أزال صامدة علي هذه الأرض الطاهرة التي عشت بها عدة سنوات وتربيت في أكنافها، ومهما فعل الاحتلال لن ينال من عزيمتنا وسنبقي صامدين."
خزاعة ..بلدة جميلة تمتاز بالهدوء وجمال الطبيعة الساحرة تقع شرقي محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ويقطنها عدد كبير من المواطنين.
وبالاشارة الى ما حل بهذه البلدة الجميلة من عدوان غاشم دمر اجزائها وزواياها الجميلة اشارت الحاجة وعيناها تذرف دموعا :"هدموا ودمروا كل شئ في بلدتنا التي كانت أجمل منطقة في مدينة خان يونس والآن أصبحت ممسوحة ومدمرة، والمار بين أروقتها يشعر أن البلدة تعرضت لزلزال مخيف."
وتابعت "من فوق ركام منزلي الذي دفعت به كل ما املك أقول لن ننكسر وسنعمر من جديد لأن هذه أرضنا ولن نتنازل عن شبر منها، وسنبقي شوكة في حلق من يحاول تهجيرنا من أرضنا التي نعشق كل حبة من ترابها"
ماسكة بيدها أدوات تراثية تدلل علي أصالتها في هذه الأرض ومن فوق ركام منزلها، بدأت أم محمد تعيد مشاهد الحياة إلي منزلها بالجلوس فوق ركامه تقوم بعملها لتقول للعالم أننا مصرون علي العيش في بلادنا حتى ولو من فوق ركام منازلنا.
وأضافت: "عاصرت عدة حروب علي القطاع لكنني لم أشهد مثل هذه الحرب في همجيتها ووحشتيها وعنفوانها، لأنها طالت كل شئ علي وجه الأرض سواء الأطفال والنساء والشيوخ وجلهم من المدنيين العزل."
واقفة فوق ركام منزلها مخبأة وجهها من عدسة الكاميرا لا تريد أن يرى العالم ملامح وجهها، الذي عندما تنظر إليه تشاهد بين طياته مشاعر الألم والحزن سادت عليها، وذلك بفعل حالها بعد أن دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزلها وأرضها مصدر رزقها.
وعلي بعد عشرات الأمتار، في أحدى الشوارع المدمرة في البلدة قال محمد أبو ريدة (24عام) :" لم ننس بعد ما حدث وحل بنا خلال الحرب ولا يمكن أن ننسى من طال بنا الزمن، ولكن هذه هي سنة الحياة سنعمل ونكافح من أجل إعادة أعمار بيوتنا التي دمرت، ونحن هنا من بين أزقة الشوارع المدمرة التي لا زالت رائحة البارود تنتشر بها، ولا يزال ترابها معطر بدماء الشهداء، لندلل علي أحقيتنا في العيش في هذه الأرض."
واستطرد حديثه قائلا :"نحن سكان تلك البلدة قررنا أن نوصل رسالة للعالم أجمع أننا مهما تعرضنا من قتل وهدم وتهجير إلا أننا سنبقي في وطننا صامدون."
وكانت خزاعة قد تعرضت خلال العدوان الإسرائيلي علي القطاع لمجزرة بشعة، أدت لاستشهاد العشرات من أبناء البلدة، وإصابة المئات واعتقال العديد من سكانها، حيث نفذت قوات الاحتلال خلال حصار البلدة، إعدامات ميدانية بحق المواطنين واستخدمت السكان المدنيين دروعا بشرية لتغطية علي جرائمها البشعة.