العاملين بالمزار : "الطحالب والحشرات" تملء البئر .. وقدمنا شكاوى كثيرة للمسئولين سكان المنطقة : المكان تحول إلى مقلب قمامة وتجمع لديلارات بيع المخدرات
عميد آثار القاهرة : المزار لم تتم به أي أعمال تصليح منذ زيارة الأميرة ديانا عامل: "ساويرس" وعد بإعادة تأهيل المزار ولكنه لم يفى حتى الأن
خيوط عنكبوت وأتربة، القمامة متناثرة في كل مكان، مياه راكدة داخل البئر يتكون عليها الطحالب، لم يتخيل أحد أن هذا هو حال مزار "شجرة مريم" الذي يُفترض أن يكون مقصداً للسائحين، حيث أنها الشجرة التي استظلت بها السيدة مريم العذراء و السيد المسيح اثناء رحلة العائلة المقدسة بمصر .
ذلك المزار الموجود في منطقة "المطرية"، فحين الدخول له تجد باباً ضخماً عليه نقوش من الحديد، وصلبان سورها من الحجر، ويظهر على الجانب الأيمن فور دخوله تمثال للسيدة العذراء مريم حديث الصنع، وفي اليسار على بعد حوالي عشرة أمتار بئر به مياه جوفية عذبة، غسلت السيدة مريم فيه ثياب السيد المسيح.
و في الجهة المقابلة توجد شجرة السيدة مريم العذراء التي استظلت بها، و هي شجرة ضخمة، و يذكر ان شجرة العذراء مريم الأصلية التي استراحت عندها العائلة المقدسة قد أدركها الوهن والضعف وسقطت منذ مئات الأعوام، فهذه الشجرة لا يوجد لها أثر سوى بعض الأفراع التي تم رفعها على قطع من الخشب لإعطاء شكل الشجرة بعد ان سقطت، ويذكر أن الناس يذهبون إلى هذه الشجرة ليتبركوا بها .
وفى نهاية المزار يوجد متحفان صغيران بهما نقوش و لوحات للعائلة المقدسة و بعض مقتنيات السيد المسيح، كالحوض الخشبي الذى اغتسل فيه، وبعض الجذور الخشبية التي تنسب للعائلة المقدسة، بالإضافة إلى رسوم و خرائط حديثة الصنع لأماكن الأديرة و الكنائس التي لها صلة برحلة العائلة المقدسة بمصر .
وكانت ل " الفجر " جولة بمزار شجرة مريم لتتعرف عليه أكثر وعن رحلة العائلة المقدسة و لكن وجدنا مفاجآت كثيرة، كشفها لنا العاملين بالمكان وأهالي المنطقة، فأوضح "جمال موسى"، أحد المسئولين عن تأمين المزار، أنه بالرغم من أهمية المكان الا أنه لا يوجد أي اهتمام أو رعاية به، لافتاً إلى أن المسئولين بالمزار أرسلوا سابقاً العديد من الشكاوى إلى قطاع هيئة الآثار المصرية لكن دوى جدوى، وموضحاً أن هذه الشكاوى كانت بسبب عدم وجود تأمين كافي للمكان أو رعاية للقطع الأثرية الموجودة بداخله .
و أضاف "عادل حنا", مسئول بالمزار، انه على الرغم من الأهمية الروحانية للمزار إلا انه لا يوجد أي اهتمام به، مشيراً إلى أن المياه ركدت داخل البئر و كونت طحالب بسبب تلف المواسير و عدم وجود عناية به، وأنه سبق وقدموا بالعديد من الشكاوى و لكن كانت تقابل بعدم الإجابة من المسئولين.
وقال "عامر عوض"، عامل بالمزار، أنه منذ زيارة الأميرة ديانا للمزار لم يتم العناية به أو بالمرافق الموجودة به، مؤكداً أن المكان أصبح غير مؤهل لإستقبال السائحين، مشيراً إلى أن رجل الأعمال نجيب ساويرس قد قام بزيارة المزار من فترة طويلة وعبر عن استيائه الشديد من وضعه والحالة التي أصبح عليها، وأنه وعد بإعادة تأهيله مرة أخرى حتى يكون مكان مؤهل لاستقبال الزائرين والسياح، ولكن لم يحدث أي جديد حتى الان .
وفي السياق ذاته إلتقت "الفجر" أيضاً بسكان وأهالي منطقة شجرة مريم، والذين فاجأونا بالكثير حين تحدثنا معهم. فى البداية أوضح "عم شوقي", أن مزار شجرة مريم ازداد سوءً بعد الثورة و تحول المكان خلفه إلى تجمع للقمامة، كاشفاً أن هناك من يتاجرون بمكان القمامة والذين لم يسمحون بمرور أحد من المكان، فيما تحولت المناطق المحيطة بالمزار إلى جراج سيارات، لافتاً إلى أن وجودهم يمنع من وجود أي سائح خاصةً بعد حالة الإنفلات الأمني التي نعيشها الأن .
كما قال "أحمد السيد"، أحد سكان المنطقة : " مزار شجرة مريم لا يعد مزاراً انما هو " مسمار " لا يوجد منه منفعة و لا رعاية له، مشيراً إلى ان هناك من يقول بأن بعض المحتالين يتسللون للمكان أحيانا ليسرقوا بعض المقتنيات الأثرية التي يحتويها.
وكشف أيضاً أن الاماكن المحيطة بالمزار قد استولى عليها مجموعة من البلطجية، حيث يوجد خلف المزار تجمع قمامة كبير يربون عليه الأغنام و يمنعون أي شخص من الاقتراب أو الابلاغ عنهم، بالإضافة إلى ان البلطجية لهم مصالح خاصة مع الحي و النظافة ، مُتهمهم بتقديم رشوة أو ما شابه ذلك، مضيفاً أن الجانب الآخر من المزار تحول إلى جراج سيارات و مكان أساسي لتجمع الديلرات لبيع المخدرات علناً من "برشام و حشيش و افيون و بودرة ... "، مشيراً إلى أنهم قاموا بإبلاغ حي المطرية أكثر من مرة و لكن دون استجابة من أحد .
كما أوضح "عم فؤاد "، و هو أحد سكان منطقة شجرة مريم، أن المزار كان يراعى جيداً قبل أحداث ثورة 25 يناير، مشيراً إلى أنه كانت توجد اتوبيسات تنقل السائحين إليه لرؤية الشجرة المباركة، لكن بعد الثورة و زيادة الانفلات الأمني وانتهى ذلك تماماً .
و أضاف أن الحى ليس له دور ملموس في اصلاح المنطقة، مشيراً إلى أن القمامة المتجمعة خلف المزار هي لمصالح و منفعة شخصية لمستغليها و الحى على دراية بذلك و لكن لا يوجد أي موقف ضدهم .
و بناءً على ما تم عرضه كان لابد أن يتم عرض رؤية المتخصصين وردهم على ما ورد من أهالي المنطقة والمسئولين عن المزار، وتوصيل استغاثة المواطنين لهم، فقد أوضح د. عبد الحليم نور الدين عميد كلية الاثار بجامعة القاهرة و رئيس قطاع الاثار المصرية سابقاً، أن منطقة شجرة مريم ليست وحدها التي تعانى من الإهمال، لافتاُ إلى أن منطقتي المطرية و عين شمس يتمتعون بوجود كمية كبيرة من الآثار الفرعونية و الرومانية و القبطية بهما، قائلاً : " منطقة شجرة مريم لم يتم بها اي أعمال تصليح أو اهتمام منذ زيارة الاميرة ديانا مصر ".
مشدداً على ضرورة أن يُسأل وزير الآثار عن تقصيره في حق هذه المناطق الأثرية، مضيفاً أن إدارة حي المطرية تتحمل أيضاً مسئولية الاهتمام بالحي ونظافته، وهي المسئولة الأولى عن وجود " مقلب قمامة " كبير خلف المزار و لابد من فهم اللغز حول موقفها الغامض من هذا الاهمال.
و أضاف عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، في تصريح خاص ل " الفجر " , أنه لا صحة لما يقال بأن هناك وقائع سرقة للقطع الأثرية من داخل مزار شجرة مريم، لأن أغلب القطع الموجودة خشبية، و يشتبه انها ذات صلة برحلة العائلة المقدسة في مصر لكون عمرها يعود لفترة مرور الرحلة المقدسة بمصر .
وأوضحت "هدى كمال"، مديرة بقطاع الاثار المصرية، ان شجرة مريم لها مشروع تطوير و يتم الآن بحثه و دراسته، مؤكدة أن المسئولين لم يتجاهلوا أي شكوى قدمت إليهم.
و عند سؤالها عن حجم الاهمال الذى يلحق بالمزار و تحول المنطقة من حوله إلى مقلب قمامة و مرتع للبلطجية و تجار المخدرات، رفضت الاجابة عن السؤال معلله ذلك بأنها لا تستطيع الإدلاء بأي تصريحات صحفية دون الرجوع للمكتب الإعلامي، و مضيفة أنها غير مسئولة عن مزار شجرة مريم ، وأن المسئول الأول هو الحى الخاص بالمنطقة و أن هيئة الأثار وحدها هي ما تتحمل العبء . فيما نفى المهندس "السيد خيرالدين ابراهيم"، مساعد رئيس حي المطرية وجود أي اهمال بمنطقة شجرة مريم، كما رفض الإدلاء بأي تصريحات في هذا الشأن .