يحتفل العالم خلال هذه الأيام بمولد السيد المسيح الذى جاء إلى مصر طفلا تحمله أمه السيدة مريم العذراء هربًا من الملك هيردوس فى أورشليم الذى أمر بقتل الأطفال من سن سنتين فأقل خوفًا على عرشه، وكانت المطرية بالقاهرة من الأماكن التى استقرت عندها العائلة المقدسة عدة أيام أسفل شجرة الجميز. والآن يجرى تنفيذ مشروع لحماية هذه الشجرة الأثرية التى تعرضت للخطر منذ أسابيع وكانت المنطقة مصدرًا للعديد من القصص عن العائلة المقدسة، خاصة شجرة الجميز التى استظلت بها السيدة مريم وأكلت من ثمارها، إضافة إلى البئر التى اغتسل بمائها الطفل عيسى، منذ أسابيع قليلة تعرضت منطقة شجرة مريم بالمطرية للخطر وذلك بسبب سقوط شجرة ضخمة حديثة مجاورة للشجرة الأثرية مما دفع المسئولين إلى تنفيذ عملية إنقاذ سريع وذلك بالتخلص من جزء كبير من الشجرة الحديثة وقطع أفرعها وإعادة بناء السور المحيط بالموقع والذى تأثر بهذا السقوط ودراسة أفضل وسائل الحماية للشجرة الأثرية من الأمطار والعوامل الجوية، حيث هناك العديد من الاقتراحات منها وضع مظلة فوق الموقع. وقامت «أكتوبر» بزيارة منطقة شجرة مريم حيث التقت خالد أبو العلا مدير المنطقة الذى أكد أن شجرة مريم وكذلك جميع العناصر الأثرية فى الموقع بخير وأن سقوط الشجرة كان نتيجة سوء الأحوال الجوية وهى شجرة حديثة تم رفعها الآن ويجرى حاليًا الانتهاء من بناء السور المحيط بالمنطقة الأثرية. ومع منال كامل كبير مفتشى المنطقة تجولنا فى الموقع الذى يضم شجرة مريم والبئر والمحكى وقاعة الصور وتمثال السيدة مريم العذراء وشرحت قصة هذه الشجرة التى تبلغ الآن أكثر من ألفى عام فتقول إنه عند قدوم العائلة المقدسة إلى مصر كانت المطرية من الأماكن التى استقرت بها لعدة أيام أسفل شجرة جميز استظلت بظلها وأكلت من ثمارها والتى تعرف الآن باسم شجرة مريم وأنه فى القرن السابع عشر لاحظ الرهبان تقدم الشجرة فى العمر فقاموا بأخذ أحد فروعها وزرعوه بجوار الشجرة الأولى. وتضيف منال أن لهذه الشجرة الثانية قصة فأثناء الحملة الفرنسية على مصر وبعد انتصار الفرنسيين على الأتراك فى موقعة عين شمس عام 1798م كان قد أصابهم مرض فقاموا بزيارة الشجرة وتشفعوا عندها لشفائهم وحفروا أسماءهم بالحروف اللاتينية على أفرع الشجرة الثانية ومازالت هذه الحروف موجودة حتى الآن وعندما تقدمت الشجرة الثانية فى العمر ومنذ ثلاثين عام تقريبًا قام الرهبان بزراعة فرع منها بجوارها أى أن الشجرات الثلاث من نفس الأصل. وتضيف منال: منذ أسابيع قليلة فوجئنا بصوت ارتطام قوى هز المكان لنكتشف سقوط الشجرة الثالثة المثمرة على السور واقتلاع جذورها بسبب الأحوال الجوية ونحمد الله أنها لم تسقط على الشجرة الأثرية... وعلى الفور قامت وزارة الآثار بالاشتراك مع الحى فى قطع أفرع الشجرة الواحد تلو الآخر بالمنشار والغريب أن هذه الشجرة وبالرغم مما أصابها وقطع أفرعها فإنها بدأت فى الإنبات مرة أخرى، وقد جاء سقوط الشجرة فوق أحد أفرع الشجرة الثانية الذى أصيب بشرخ غائر طوله حوالى 55سم ولذلك فقد تقرر رفع هذا الفرع خلال الأيام القادمة وتحديد أسلوب علاجه وترميمه. وعلى مسافة قريبة من الشجرة توجد بئر ترجع للعصر اليونانى الرومانى شربت منها السيدة مريم والطفل عيسى وغسلت ملابسه وألقت بالمياه على الأرض فنبت البلسم أو البلسان وهو شجر له زهر أبيض يستخرج من بعض أنواعه العطور كما يستخرج منه زيت الميرون الذى يستخدم فى تعميد الأطفال وللأسف فإن هذا النبات غير موجود حاليًا عند البئر التى اختطلت مياهها بالمياه الجوفية. وإلى جانب البئر يضم المكان أيضًا المحكى الذى تم إنشاؤه عام 2000م وهو يضم مجموعة من الصور الحائطية توضح رحلة العائلة المقدسة فى مصر منها لوحة رسمها فنان كورى تصور يوسف النجار وهو يقدم الطعام للسيدة مريم والطفل عيسى وإلى جوارهم البئر والشجرة ومسلة فرعونية فى الخلف تشير إلى أنهم فى المطرية، كما توجد صورة أخرى للعائلة المقدسة ووراءهم الأهرامات. أما المتحف فهو عبارة عن قاعة صغيرة تضم 34 صورة لبعض الأماكن التى مرت عليها العائلة المقدسة أثناء وجودها فى مصر، كما تضم أيضًا «مزودا» عثر عليه بجوار الشجرة أهداه المتحف القبطى للمنطقة أثناء أعمال التطوير التى تمت عام 2000م ويقال إن السيدة مريم كانت تستخدمه كسرير للطفل الصغير. وكشفت كبيرة مفتشى الشجرة عن الأفواج السياحية قبل ثورة 25 يناير أنها كانت كثيرة خاصة فى الأعياد المسيحيه أما الآن فهى قليلة جدًا، بل تكاد تكون معدومة بسبب عدم الاستقرار الأمنى.