ياسر عبد العزيز : قرار قطع العلاقات الأردنية المصرية ليس أردني الأصل نبيل أحمد حلمي : قوة مصر بالمنطقة وراء رجوع العلاقات المصرية الأرنية
في مثل هذا اليوم في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر قررت الحكومة الأردنية إعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية مع جمهورية مصر العربية عام 1984 بعد ‘نقطاع دام لخمسة سنوات عقب معاهدة كامب ديفيد تقديرا منها لتمسك مصر وتلاحمها قيادة وشعبا مع نضال الشعوب العربية فى فلسطينولبنانوالعراق، وحتى لا تحول القطيعة العابرة إلى قاعدة دائمة يستثمرها عدونا انفرادا واستفرادا.
* تطور العلاقات المصرية الأردنية فى الفترة (1952 1978) اي عقب توقيع إتفاقية كامب ديفيد
من خلال عرض سريع لتطور العلاقات المصرية الأردنية (1952 1978) نجد أن المرونة كانت السمة الغالبة للسياسة الخارجية الأردنية فهى التى بادرت بإنهاء حالة العزلة فى عام 1961 وكذلك فى مايو 1967 و نفس الشىء تكرر عام 1973 واستمرارا لديناميكية السياسة الأردنية جاء القرار التاريخى بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر فى عام 1984 بعد قطيعة استمرت ما يقرب من خمس سنوات ، ومن خلال ذلك العرض نجد بداية أن الأفكار والمبادئ التى جاءت بها ثورة 23 يوليو 1952 كانت بمثابة دعوة صريحة للأردن للتخلص من بقايا النفوذ البريطانى وتعزيز قوته العسكرية وتبنى سياسة الاعتماد على الدول العربية بدلا من الاعتماد على بريطانيا وقد أمكن فعلا التوصل إلى توقيع اتفاقية للتضامن العربى فى 19 يناير 1957 بين الأردن وكل من مصر وسوريا والسعودية والذى تعهدت بموجبه الدول الثلاث بتقديم معونة سنوية قدرها 125 مليون جنيه مصرى للأردن لمدة عشر سنوات بدلا من المعونة البريطانية.
وبعد ذلك قررت الحكومة الأردنية فى مارس 1957 إلغاء المعاهدة البريطانية، ولكن بعد إقالة حكومة النابلسى رفضت سوريا ومصر دفع التزاماتها واستمرت السعودية فى تقديم المعونة وتمر العلاقات المصرية الأردنية بفترة من التوتر منذ إقالة حكومة نابلسى 1957 وخاصة فى عام 1958 بعد الإطاحة بنظام الحكم الملكى الهاشمى فى العراق، ولم تتحسن إلا فى فبراير 1961 حين بادر الملك حسين بإرسال رسالة إلى الرئيس عبد الناصر بهدف تحسين العلاقات بين الدولتين، وقد رد الرئيس عبدالناصر برسالة مماثلة وقد أسفر هذا التقارب عن وقف الحملات الإعلامية المتبادلة وأبلغ موسى ناصر وزير الخارجية الأردنى نظيره المصرى محمد فوزى بالأمر الملكى بعدم الرد على الحملات الموجهة ضد الأردن من الإذاعات العربية.
ثم تعود العلاقات المصرية الأردنية لتصاب بانتكاسة جديدة بعد ثورة اليمن سنة 1962 والتى ساندتها مصر وأسفرت عن تصدع جديد فى العلاقات العربية تمحورت فيه الأردن والسعودية وسوريا بعد الانفصال ضد التأييد المصرى للحكم الجمهورى فى اليمن واستمر هذا التفكك حتى عام 1964 حين دعا الرئيس جمال عبدالناصر لعقد قمة عربية لمناقشة الأوضاع التى استجدت فى المنطقة وعلى وجه التحديد المشروعات الإسرائيلية الخاصة بتحويل مياه نهر الأردن وقد لبى الأردن دعوة الرئيس عبدالناصر وانعقد مؤتمر القمة العربى الأول بالقاهرة فى يناير 1964 الذى أقر إنشاء قيادة عربية موحدة تولى قيادتها الفريق على عامر وفى القمة الثانية التى عقدت فى الإسكندرية فى سبتمبر 1964 طالب الفريق على عامر بالبدء فى تنفيذ الاستعدادات العسكرية فى كل من لبنانوسورياوالأردن، وطالب بمنحه حرية تحريك القوات العسكرية من دولة عربية إلى أخرى بغية توحيد الجبهات العسكرية الكاملة للمشروع العربى لتحويل مياه نهر الأردن وروافده الذى أقره مؤتمر القمة العربى الثانى، ولم تقبل الأردن ومعها لبنان بوجود قوات مصرية على أراضيها فى وقت السلم، وفى نفس الوقت رفضت هاتان الدولتان قبول التسليح السوفيتى الذى كانت مصر تلح عليهما فى قبوله بهدف توحيد القوات وفى القمة الثالثة التى انعقدت فى الدار البيضاء فى سبتمبر 1965 شكا الفريق على عامر من موقف العناد الأردنى وساد التوتر فى العلاقات العربية عامة والأردنية المصرية على وجه الخصوص واستمر هذا الوضع طوال عام 1966.
وبعد زيارة خاطفة قام بها الملك حسين لمصر تم توقيع معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن فى 30 مايو 1967، وانتهت حرب يونيو 1967 بهزيمة القوات العربية وكان من الطبيعى أن يحدث تقارب عربى فى أعقاب الهزيمة، بهدف توحيد الصفوف وقد ظهرت بوادر هذا التقارب من خلال الرسائل المتبادلة بين الرئيس عبد الناصر والملك حسين فى 22 / 6/ 1967 وشهدت الفترة من 1967 وحتى أوائل 1971 تنسيقا فى توجهات السياسة الخارجية المصرية الأردنية كان من أبرز مظاهرها قبول الدولتين للقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن فى نوفمبر 1967 ولمبادرة روجرز سنة 1970 .
وتصل العلاقات الأردنية المصرية إلى مرحلة التأزم بعد أزمة أيلول 1970 (الصدام المسلح بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية)، وانتهت إلى حد القطيعة بعد طرد المنظمة من الأردن نهائيا فى صيف 1971 وفى أعقاب طرد المنظمة من الأردن حدثت عملية اغتيال وصفى لرئيس الوزراء الأردنى فى نوفمبر 1971 بالقاهرة وتزامنت هذه الأحداث مع إعلان الأردن مشروع المملكة المتحدة وكانت المحصلة قطع مصر لعلاقاتها الدبلوماسية مع الأردن فى أبريل عام 1972.
ولكن هذه العلاقات ما لبثت أن عادت لطبيعتها فى 13 سبتمبر 1973 بعد مباحثات قمة ضمت الملك حسين والرئيس السورى حافظ الأسد والرئيس المصرى أنور السادات حيث أن متطلبات المواجهة العسكرية العربية مع إسرائيل قد أملت إنهاء الخلاف المصرى السورى مع الأردن وتتلاحق الأحداث بعد حرب 1973 وتوقع مصر اتفاقية فصل القوات الثانية مع إسرائيل فى عام 1975، وتصاب العلاقات العربية بالفتور حيث عارضت كل من الأردنوسوريا الاتفاقية وينتقد الرئيس المصرى السادات الموقف الأردنى ويتهمه بأنه وقع تحت التأثير السورى ودخل سياسة المحاور ضد مصر وتمر العلاقات المصرية الأردنية بفترة من الجمود ابتداء من 1974 إلى 1977 حين لجأت الأردن إلى التنسيق مع سوريا فى مجال العمل السياسى والاقتصادى وجاء عام 1977 لينذر بحدوث توتر شديد فى العلاقات العربية بعد زيارة الرئيس المصرى أنور السادات لإسرائيل فى 19 نوفمبر 1977.
لكن الموقف الأردنى تجاه مبادرة السادات اتسم بالعقلانية حيث أعلن الملك حسين أن زيارة الرئيس السادات لإسرائيل مبادرة شجاعة حطمت الحواجز التى كانت تعوق التسوية العادلة والسلام فى الشرق الأوسط واستمرت الاتصالات بين مصر والأردن حيث زار الملك حسين مصر مرتين فى نهاية عام 1978 بهدف تنسيق مواقف دول المواجهة إلا أن هذه الاتصالات لم تستمر بسبب قرار المقاطعة الجماعية فى نوفمبر 1978 والذى بموجبه قطعت سبع عشرة دولة عربية من بينها الأردن علاقاتها الدبلوماسية مع مصر.
* سياسة مبارك الخارجية السر وراء عودة العلاقات المصرية الأردنية
لم يكن القرار الأردنى مفاجئا بل كان متوقعا منذ تولى الرئيس مبارك السلطة فى مصر لتلك الأسباب تنشيط الدبلوماسية الشعبية عودة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الدور الأردنى فى القمة الإسلامية الرابعة اللقاءات والزيارات المتبادلة تنشيط الدبلوماسية الشعبية ، كما أن القرار جاء إنطلاقا من حقيقة أن غياب مصر عن الساحة العربية ترك فراغا سياسيا هائلا فى المنطقة ، ومن هذا المنطلق فإن الأردن يرى أن مصر ركيزة أساسية فى مواجهة التحديات الإسرائيلية فى الأرض المحتلة ولعل موقف مصر المتمثل فى سحب السفير المصرى من تل أبيب فى أعقاب الغزو الإسرائيلى لجنوب لبنان فى عام 1982 وربط عودة السفير المصرى إلى تل أبيب بالانسحاب من لبنان ووقف بناء المستوطنات فى الأرض المحتلة يؤكد وجهة النظر الأردنية.
شهدت فترة حكم الإخوان جمودا في العلاقات المصرية الأردنية ، حيث أن تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني و الانتقادات التى وجهها للرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، فقد اتهم الرئيس محمد مرسى بأنه سطحي لا يمتلك القدرة على ادارة بلد كمصر، وان جماعة الإخوان المسلمين "ماسونية" يختبئ قادتها الذئاب فى ثوب حملان، لتثير ضجة كبيرة فى الشارع المصرى الذى اعتبرها اهانة قد تسببت في توتر العلاقات بين البلدين .
* ترحيب الدولة الأردونية بمصر الجديدة
بعد قيام ثورة 30 يونيو قام الملك عبد الله الثاني بأول زيارة لحاكم عربي للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور.
ثم تبعه رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، ليلتقي السيسي عندما كان وزيرا للدفاع، ليعود فيما بعد و يوقع تسع اتفاقيات مشتركة في مجالات مختلفة.
جاء الحرص الأردني على المشاركة في حفل تنصيب رئيس مصر " عبد الفتاح السيسي " حيث حرص الملك " عبدلله الثاني " شخصيا على المشاركة في حفل تنصيب السيسي والتواجد مع المجموعة العربية .
ويتضح من ذلك السرد للعلاقات المصرية الأردنية أنها عانت من الكثير من التوترات العديدة التي دائما ما تحرص الأردن على إعادتها وإبان ذلك السرد قال " نبيل أحمد حلمي " أستاذ القانون الدولي ، أن التقدم المصري ووضوح الرؤية عمل على توطيد العلاقات المصرية الأردنية ، حيث أن ما قام به الشعب المصري في ذلك الحين جعل الأردن التي تتسم بالموضوعية تلجأ إلى المصالحة حيث أن قوة مصر بالمنطقة وراء رجوع العلاقات المصرية الأردنية ، إلى جانب ذلك كانت جميع الدول العربية تعمل على التوحد لمواجهة الهجمات الشرسه التي كانت تستهدف الشرق الأوسط .
فيما قال " ياسر عبد العزيز " خبير إعلامي ، أن الأردن دولة مهمة وتربطها بمصر علاقات وثيقة ومتنامية ، مشيرا أن إنقطاع الأردن عن مصر جاء بسبب طرح محاور عربية ولم يكن قرارا أردنيا خالصا في ذلك الوقت ، كما أوضح أن مستقبل العلاقات المصرية الأردنية الآن مبهرا ومشرقا .