البنك الأهلي المصري يقود تحالفاً مصرفياً لتمويل «مشارق للاستثمار العقاري» بمليار جنيه    نائب رئيس اتحاد الدواجن: انخفاض غير مسبوق في الأسعار وتحقيق الاكتفاء الذاتي    قائمة أكبر المتاجر المشاركة في البلاك فرايداي وأسعار لا تُفوَّت    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    بينهم مصريان، غرق 4 وإنقاذ العشرات في انقلاب قاربي مهاجرين قبالة سواحل ليبيا (صور)    تعب معايا جدا، تريزيجيه يكشف ما فعله الخطيب مع النادي التركي حتى يعود إلى الأهلي    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    ليفربول يحسم موقفه النهائي من بيع سوبوسلاي    آسر محمد صبري: والدي جعلني أعشق الزمالك.. وشيكابالا مثلي الأعلى    تريزيجيه: الأهلي سألني عن بنشرقي.. وهذا ما دار بيني وبين زيزو قبل مواجهة الزمالك    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    الداخلية تضبط المتهمين بسرقة أبواب حديدية بإحدى المقابر بالشرقية    القبض على أبطال فيديو الاعتداء على شاب ب"الشوم" في المنيا    أسفرت عن إصابة 4 أشخاص.. حبس طرفي مشاجرة في كرداسة    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    محمود حميدة عن إحراج الناس بردوده: مش قاصد    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    السفارة المصرية تضيء روما.. فعالية كبرى للترويج لافتتاح المتحف المصري الكبير.. صور    العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    أطعمة تزيد حدة نزلات البرد يجب تجنبها    فوري تعلن نتائج مالية قياسية للأشهر التسعة الأولى من 2025    سويسرا تكتسح السويد 4-1 في تصفيات كأس العالم 2026    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    الاتحاد الإفريقى: المؤسسة العسكرية هى الكيان الشرعى المتبقى فى السودان    الطفل عبدالله عبد الموجود يبدع فى تلاوة القرآن الكريم.. فيديو    تلاوته أبهرت اللجنة.. الداعية مصطفى حسني يقبل يد متسابق ببرنامج دولة التلاوة    البنك الأهلي يقود تحالف مصرفي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "Zag East" بقيمة مليار جنيه    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    وزارة العمل تسلّم 36 عقد عمل لشباب مصريين للسفر إلى الأردن ضمن خطة فتح أسواق جديدة للعمالة    المتسابق محمد وفيق يحصل على أعلى الدرجات ببرنامج دولة التلاوة    الأمم المتحدة: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة إلى مساعدات    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية الوطنية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الأمن يوضح حقيقة فيديو متداول بشأن سحب دراجة نارية بالجيزة    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ودبلوماسية القمم
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 04 - 2009

غاب الرئيس حسنى مبارك عن قمة الدوحة كما كان متوقعا، وحرصت دوائر شبه رسمية على أن تلمح إلى أن سلوك الرئيس مبارك ليس متفردا، وأن عددا من القادة العرب سوف يحذون حذوه من أبرزهم السلطان قابوس (الذى لا يحضر القمم عادة).
والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (المشغول بانتخابات الرئاسة فى بلاده)، والرئيس عمر البشير (الذى وصل بعد ذلك إلى الدوحة للمشاركة فى القمة)، والملك عبدالله الثانى ملك الأردن (الذى حضر القمة بدوره).
لم يكن القرار المصرى مفاجئا لأحد، فقد سبقه توتر شديد فى العلاقات المصرية القطرية، بدا وكأنه أصبح ملمحا دائما لهذه العلاقات، وقد بلغ هذا التوتر ذروته إبان العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة حين اتهمت دوائر مصرية مسئولة قطر بالتحريض على مصر (من خلال قناة الجزيرة).
وتباهت الدبلوماسية المصرية بأنها نجحت فى حرمان قمة الدوحة التى عقدت بمناسبة ذلك العدوان من النصاب الذى يضفى عليها صفة القمة الطارئة بموجب بروتوكول دورية القمة الذى تمت الموافقة عليه فى قمة القاهرة فى أكتوبر2000.
وانعكست تداعيات هذا التوتر فى العلاقات بين البلدين على جهود المصالحة اللاحقة التى دشنها العاهل السعودى، فذكرت التقارير أن مصر قد اشترطت لحضورها قمة المصالحة الرباعية فى الرياض غياب قطر عن تلك القمة، ثم اتضحت مؤشرات مستوى التمثيل المصرى فى قمة الدوحة عندما غاب وزير الخارجية المصرى عن الاجتماعات الوزارية السابقة لانعقاد القمة.
والواقع أن ثمة شيئا يبدو غير مفهوم فى أزمة العلاقات المصرية القطرية التى تمتد لأبعد من هذه الملابسات الأخيرة بكثير، وقد نذكر أن غياب مصر عن قمة الدوحة الاقتصادية الشرق أوسطية فى1997لم يكن مبعثه موقفا من المشروع الشرق أوسطى الذى دشنته اتفاقية أوسلو 1993بقدر ما كان سببه متعلقا بموقف مصرى من السياسة القطرية.
غير أن الأهم من ذلك بكثير وهو الأمر الذى لم يلتفت إليه أى من التعليقات التى تناولت غياب القيادة المصرية عن قمة الدوحة أن السلوك المصرى فى هذا الصدد أعم بكثير من حالة قمة الدوحة، فقد بات مميزا للسياسة المصرية تجاه دبلوماسية القمم العربية والأفريقية.
تكاد القمم العربية أن تكون قد بدأت كظاهرة مصرية، أو لنقل على نحو أدق مرتبطة بالسياسة المصرية، فقد استضافت أنشاص المصرية أول قمة عربية فى1946لمناقشة تعاظم الخطر الصهيونى على فلسطين، وعقدت القمة الثانية فى بيروت 1956للنظر فى بلورة موقف عربى إزاء العدوان الثلاثى على مصر فى تلك السنة، ثم أمسكت مصر الناصرية بزمام المبادرة فى دبلوماسية القمم فى معظم عقد الستينيات من القرن الماضى.
فدعا عبدالناصر فى نهاية 1963إلى قمة عاجلة فى القاهرة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوقى الخطر الإسرائيلى على مياه نهر الأردن، وعقدت هذه القمة بالفعل فى يناير 1964، وتلتها قمة أخرى فى الإسكندرية فى سبتمبر من السنة نفسها، ثم عقدت فى السياق ذاته قمة الدار البيضاء فى السنة التالية.
ومن اللافت أن القمة الأولى التى عقدت بعيدا عن مبادرات السياسة المصرية كانت هى قمة الخرطوم فى أغسطس/سبتمبر1967التى دعا إليها محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان آنذاك للنظر فى تداعيات الهزيمة العربية أمام العدوان الإسرائيلى فى تلك السنة، وكان عبدالناصر مترددا فى حضورها لاعتبارات مفهومة، غير أنه حسم أمره فى النهاية وحضرها.
وخرج منها بشرعية عربية جديدة كان أساسها الاستقبال الأسطورى الذى حظى به من قبل الشعب السودانى، وكان انسحاب عبدالناصر من قمة الرباط فى1969 إيذانا بفشلها، وبعد ذلك استعادت مصر زمام المبادرة فى دبلوماسية القمم بدعوة عبدالناصر إلى قمة عاجلة فى سبتمبر1970لوقف الاقتتال بين السلطة الأردنية والمقاومة الفلسطينية.
ويمكن القول بأن البصمة المصرية الواضحة على دبلوماسية القمم العربية استمرت فى النصف الأول من السبعينيات وصولا إلى قمة القاهرة فى1976، سواء بسبب الدور المصرى فى إنجاز حرب أكتوبر 1973، أو فى محاولة وقف تداعيات الحرب الأهلية فى لبنان التى تفجرت فى1975.
غير أن القمم اللاحقة منذ قمة بغداد فى1978وحتى قمة عمان فى1987شهدت غيابا مصريا تاما بسبب القطيعة المصرية العربية التى نجمت عن سياسة التسوية السلمية التى اتبعها الرئيس السادات فى إدارة الصراع مع إسرائيل اعتبارا من زيارة القدس فى 1977، وعندما عادت مصر إلى البيت العربى بحضورها قمة الرباط فى1989وبغداد1990سرعان ما استعادت تأثيرها على دبلوماسية القمم العربية، خاصة بعد أن أزاح الغزو العراقى للكويت فى1990العراق كمنافس لمصر على قيادة النظام العربى.
وهكذا كان إيقاع القمم العربية فى العقد الأخير من القرن الماضى مصريا خالصا، فعقدت قمة أغسطس1990 فى القاهرة بمبادرة مصرية، واتخذت من القرارات ما أرادت لها السياسة المصرية أن تتخذه، الأمر الذى سبب انقساما عربيا هائلا.
ثم عقدت قمة 1996فى القاهرة أيضا بمبادرة مصرية لمواجهة تداعيات وصول نتانياهو إلى سدة الحكم فى إسرائيل، وكذلك قمة 2000 لدعم انتفاضة الأقصى، وفى تلك القمة ووفق على بروتوكول دورية القمة الذى نقلنا إلى مرحلة جديدة من الحضور المصرى للقمم العربية.
منذ أول قمة عربية دورية عقدت فى عمان 2001 وحتى الآن (قمة الدوحة 2009) عقدت تسع قمم غاب الرئيس مبارك عن أربعة منها، فإذا تذكرنا أن واحدة منها قد عقدت فى شرم الشيخ (2003) لكان معنى هذا أن الرئيس قد تغيب عن حضور نصف القمم التى عقدت خارج مصر.
ومن اللافت أن الظاهرة نفسها موجودة على صعيد القمم الأفريقية وإن يكن على نحو أوضح، فمنذ تعرض الرئيس لمحاولة اغتيال فى أديس أبابا عام1996وحتى قمة سرت فى 2004 لم يحضر أى قمة أفريقية، وبعد حضوره قمة سرت حضر القمة التالية لها فى أبوجا فى يناير 2005، وكانت أول قمة يحضرها فى دولة أفريقية غير عربية بعد حادث 1996.
وبعد ذلك حضر قمة ثانية فى سرت فى يوليو 2005، وتغيب عن باقى القمم منذ ذلك الوقت وحتى الآن عدا قمة أكرا فى يوليو2007، وقمة شرم الشيخ فى يونيو 2008 بطبيعة الحال.
غياب مصر عن قمة الدوحة قد يكون له إذن منطقه الذاتى، غير أن هذا يجب ألا يحرفنا عن مناقشة السياسة المصرية تجاه دبلوماسية القمم بصفة عامة، التى يبدو أن الغياب صار ملمحا من ملامحها، ولن نجد تفسيرا لهذا إلا فى أمرين: أولهما الاعتبارات الأمنية، وهى مهمة بالطبع، ولكن ليس إلى الحد الذى يمثل قيدا على الدور القيادى للدولة، ولها ضماناتها على أى حال.
والثانى الاعتبارات السياسية الناجمة عن خلاف سياسى مع الدولة المضيفة للقمة، كما حدث فى حالتى الغياب الأخيرتين عن قمتى دمشق والدوحة، وهذه مسألة تستحق النقاش، فالقمم ليست ملكا لمضيفيها، وقد حضر عبدالناصر فى1960 اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو على غير وفاق مع السياسة الأمريكية.
ولبى خصوم عبدالناصر جميعا دعوته للقمة فى نهاية 1963لأنهم وجدوا فيها مصلحة لهم، مع أن بعضهم كان هدفا لانتقاداته العلنية الحادة، وبادر عبدالناصر بالذهاب إلى جدة فى 1965 لتوقيع اتفاق حول اليمن مع خصمه اللدود الملك فيصل، بل لقد ذهب السادات إلى أعدى أعداء مصر ليعرض على قادتها السلام فى1977، وهكذا فإن الخلاف السياسى بحد ذاته ليس مبررا للغياب عن القمم.
من ناحية أخرى لعلنا لاحظنا أن البصمة المصرية الواضحة على دبلوماسية القمم العربية قد ارتبطت صعودا وهبوطا بدور مصر القيادى فى النظام العربى، وتبدى الدوائر المصرية المسئولة فى الوقت الراهن تمسكا شديدا بهذا الدور القيادى، وعليها إذن أن تناقش تداعيات الغياب المتكرر عن القمم العربية على الوظيفة القيادية لمصر فى النظام العربى. أما إذا كان ثمة شىء تحت سطح الأحداث لا يعرفه المواطنون العاديون من أمثالنا فقد آن أوان التصريح به كى تبدو السياسة العربية لمصر مفهومة من الجميع ومن ثم أكثر قدرة على اكتساب التأييد والشرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.