الليلة.. الكنائس المصرية تستقبل العام الجديد بالصلوات والتسبيح    عيار 24 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاربعاء 31-12-2025 في محافظة قنا    31 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    742.6 مليار جنيه للدعم والمنح الاجتماعية.. ماذا قدّمت التضامن خلال 2025؟    تأثير مدمّر على الفلسطينيين.. أطباء بلا حدود تتوقع منعها من العمل في غزة وسط قيود إسرائيلية جديدة    الأردن يؤكد دعم كل جهود خفض التصعيد وضمان أمن اليمن واستقراره    إيران تدعو إلى إدانة دولية لتهديدات ترامب بالحرب ضدها    كليبرز ينتصر سكرامنتو كينجز وبيستونز يفسد احتفال جيمس بعيد ميلاده 41    الأرصاد: أمطار متوسطة على السواحل الشمالية والوجه البحري الخميس والجمعة    التعليم: افتتاح 10 مدارس مصرية يابانية جديدة ورفع العدد إلى 79 مدرسة    نور النبوي ضيف برنامج فضفضت أوي مع معتز التوني اليوم    بدء صرف الدفعة الثانية من الأسمدة الشتوية لمزارعي الجيزة عبر كارت الفلاح    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    4 قضايا أمام الإسماعيلى لرفع إيقاف القيد بعد إزالة مساعد جاريدو    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في جولة الإعادة بمجلس النواب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    نظر جلسة محاكمة 3 فتيات بتهمة الاعتداء على الطالبة كارما بالتجمع بعد قليل    عامل يصيب زميله بكسر فى الجمجمة بسبب خلاف على وجبة طعام بالواحات    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    الجامعة المصرية بكازاخستان تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من مركز "تراث"    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    مطار الغردقة الدولي يستقبل 19 ألف سائح على متن 97 رحلة طيران احتفالا بليلة رأس السنة    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    تجديد حبس عاطلين قتلا مالك كافيه رفض معاكستهما لفتاة في عين شمس    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    اليوم.. نظر محاكمة المتهم في قضية «صغار الهرم»    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    الخارجية الروسية: الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي لن يظل مقطوعا إلى الأبد    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    زيلينسكي يؤكد استعداده للقاء بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    اكتمال ملامح ثمن نهائي أمم إفريقيا.. 16 منتخبًا تحجز مقاعدها رسميًا    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ودبلوماسية القمم
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 04 - 2009

غاب الرئيس حسنى مبارك عن قمة الدوحة كما كان متوقعا، وحرصت دوائر شبه رسمية على أن تلمح إلى أن سلوك الرئيس مبارك ليس متفردا، وأن عددا من القادة العرب سوف يحذون حذوه من أبرزهم السلطان قابوس (الذى لا يحضر القمم عادة).
والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (المشغول بانتخابات الرئاسة فى بلاده)، والرئيس عمر البشير (الذى وصل بعد ذلك إلى الدوحة للمشاركة فى القمة)، والملك عبدالله الثانى ملك الأردن (الذى حضر القمة بدوره).
لم يكن القرار المصرى مفاجئا لأحد، فقد سبقه توتر شديد فى العلاقات المصرية القطرية، بدا وكأنه أصبح ملمحا دائما لهذه العلاقات، وقد بلغ هذا التوتر ذروته إبان العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة حين اتهمت دوائر مصرية مسئولة قطر بالتحريض على مصر (من خلال قناة الجزيرة).
وتباهت الدبلوماسية المصرية بأنها نجحت فى حرمان قمة الدوحة التى عقدت بمناسبة ذلك العدوان من النصاب الذى يضفى عليها صفة القمة الطارئة بموجب بروتوكول دورية القمة الذى تمت الموافقة عليه فى قمة القاهرة فى أكتوبر2000.
وانعكست تداعيات هذا التوتر فى العلاقات بين البلدين على جهود المصالحة اللاحقة التى دشنها العاهل السعودى، فذكرت التقارير أن مصر قد اشترطت لحضورها قمة المصالحة الرباعية فى الرياض غياب قطر عن تلك القمة، ثم اتضحت مؤشرات مستوى التمثيل المصرى فى قمة الدوحة عندما غاب وزير الخارجية المصرى عن الاجتماعات الوزارية السابقة لانعقاد القمة.
والواقع أن ثمة شيئا يبدو غير مفهوم فى أزمة العلاقات المصرية القطرية التى تمتد لأبعد من هذه الملابسات الأخيرة بكثير، وقد نذكر أن غياب مصر عن قمة الدوحة الاقتصادية الشرق أوسطية فى1997لم يكن مبعثه موقفا من المشروع الشرق أوسطى الذى دشنته اتفاقية أوسلو 1993بقدر ما كان سببه متعلقا بموقف مصرى من السياسة القطرية.
غير أن الأهم من ذلك بكثير وهو الأمر الذى لم يلتفت إليه أى من التعليقات التى تناولت غياب القيادة المصرية عن قمة الدوحة أن السلوك المصرى فى هذا الصدد أعم بكثير من حالة قمة الدوحة، فقد بات مميزا للسياسة المصرية تجاه دبلوماسية القمم العربية والأفريقية.
تكاد القمم العربية أن تكون قد بدأت كظاهرة مصرية، أو لنقل على نحو أدق مرتبطة بالسياسة المصرية، فقد استضافت أنشاص المصرية أول قمة عربية فى1946لمناقشة تعاظم الخطر الصهيونى على فلسطين، وعقدت القمة الثانية فى بيروت 1956للنظر فى بلورة موقف عربى إزاء العدوان الثلاثى على مصر فى تلك السنة، ثم أمسكت مصر الناصرية بزمام المبادرة فى دبلوماسية القمم فى معظم عقد الستينيات من القرن الماضى.
فدعا عبدالناصر فى نهاية 1963إلى قمة عاجلة فى القاهرة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوقى الخطر الإسرائيلى على مياه نهر الأردن، وعقدت هذه القمة بالفعل فى يناير 1964، وتلتها قمة أخرى فى الإسكندرية فى سبتمبر من السنة نفسها، ثم عقدت فى السياق ذاته قمة الدار البيضاء فى السنة التالية.
ومن اللافت أن القمة الأولى التى عقدت بعيدا عن مبادرات السياسة المصرية كانت هى قمة الخرطوم فى أغسطس/سبتمبر1967التى دعا إليها محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان آنذاك للنظر فى تداعيات الهزيمة العربية أمام العدوان الإسرائيلى فى تلك السنة، وكان عبدالناصر مترددا فى حضورها لاعتبارات مفهومة، غير أنه حسم أمره فى النهاية وحضرها.
وخرج منها بشرعية عربية جديدة كان أساسها الاستقبال الأسطورى الذى حظى به من قبل الشعب السودانى، وكان انسحاب عبدالناصر من قمة الرباط فى1969 إيذانا بفشلها، وبعد ذلك استعادت مصر زمام المبادرة فى دبلوماسية القمم بدعوة عبدالناصر إلى قمة عاجلة فى سبتمبر1970لوقف الاقتتال بين السلطة الأردنية والمقاومة الفلسطينية.
ويمكن القول بأن البصمة المصرية الواضحة على دبلوماسية القمم العربية استمرت فى النصف الأول من السبعينيات وصولا إلى قمة القاهرة فى1976، سواء بسبب الدور المصرى فى إنجاز حرب أكتوبر 1973، أو فى محاولة وقف تداعيات الحرب الأهلية فى لبنان التى تفجرت فى1975.
غير أن القمم اللاحقة منذ قمة بغداد فى1978وحتى قمة عمان فى1987شهدت غيابا مصريا تاما بسبب القطيعة المصرية العربية التى نجمت عن سياسة التسوية السلمية التى اتبعها الرئيس السادات فى إدارة الصراع مع إسرائيل اعتبارا من زيارة القدس فى 1977، وعندما عادت مصر إلى البيت العربى بحضورها قمة الرباط فى1989وبغداد1990سرعان ما استعادت تأثيرها على دبلوماسية القمم العربية، خاصة بعد أن أزاح الغزو العراقى للكويت فى1990العراق كمنافس لمصر على قيادة النظام العربى.
وهكذا كان إيقاع القمم العربية فى العقد الأخير من القرن الماضى مصريا خالصا، فعقدت قمة أغسطس1990 فى القاهرة بمبادرة مصرية، واتخذت من القرارات ما أرادت لها السياسة المصرية أن تتخذه، الأمر الذى سبب انقساما عربيا هائلا.
ثم عقدت قمة 1996فى القاهرة أيضا بمبادرة مصرية لمواجهة تداعيات وصول نتانياهو إلى سدة الحكم فى إسرائيل، وكذلك قمة 2000 لدعم انتفاضة الأقصى، وفى تلك القمة ووفق على بروتوكول دورية القمة الذى نقلنا إلى مرحلة جديدة من الحضور المصرى للقمم العربية.
منذ أول قمة عربية دورية عقدت فى عمان 2001 وحتى الآن (قمة الدوحة 2009) عقدت تسع قمم غاب الرئيس مبارك عن أربعة منها، فإذا تذكرنا أن واحدة منها قد عقدت فى شرم الشيخ (2003) لكان معنى هذا أن الرئيس قد تغيب عن حضور نصف القمم التى عقدت خارج مصر.
ومن اللافت أن الظاهرة نفسها موجودة على صعيد القمم الأفريقية وإن يكن على نحو أوضح، فمنذ تعرض الرئيس لمحاولة اغتيال فى أديس أبابا عام1996وحتى قمة سرت فى 2004 لم يحضر أى قمة أفريقية، وبعد حضوره قمة سرت حضر القمة التالية لها فى أبوجا فى يناير 2005، وكانت أول قمة يحضرها فى دولة أفريقية غير عربية بعد حادث 1996.
وبعد ذلك حضر قمة ثانية فى سرت فى يوليو 2005، وتغيب عن باقى القمم منذ ذلك الوقت وحتى الآن عدا قمة أكرا فى يوليو2007، وقمة شرم الشيخ فى يونيو 2008 بطبيعة الحال.
غياب مصر عن قمة الدوحة قد يكون له إذن منطقه الذاتى، غير أن هذا يجب ألا يحرفنا عن مناقشة السياسة المصرية تجاه دبلوماسية القمم بصفة عامة، التى يبدو أن الغياب صار ملمحا من ملامحها، ولن نجد تفسيرا لهذا إلا فى أمرين: أولهما الاعتبارات الأمنية، وهى مهمة بالطبع، ولكن ليس إلى الحد الذى يمثل قيدا على الدور القيادى للدولة، ولها ضماناتها على أى حال.
والثانى الاعتبارات السياسية الناجمة عن خلاف سياسى مع الدولة المضيفة للقمة، كما حدث فى حالتى الغياب الأخيرتين عن قمتى دمشق والدوحة، وهذه مسألة تستحق النقاش، فالقمم ليست ملكا لمضيفيها، وقد حضر عبدالناصر فى1960 اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو على غير وفاق مع السياسة الأمريكية.
ولبى خصوم عبدالناصر جميعا دعوته للقمة فى نهاية 1963لأنهم وجدوا فيها مصلحة لهم، مع أن بعضهم كان هدفا لانتقاداته العلنية الحادة، وبادر عبدالناصر بالذهاب إلى جدة فى 1965 لتوقيع اتفاق حول اليمن مع خصمه اللدود الملك فيصل، بل لقد ذهب السادات إلى أعدى أعداء مصر ليعرض على قادتها السلام فى1977، وهكذا فإن الخلاف السياسى بحد ذاته ليس مبررا للغياب عن القمم.
من ناحية أخرى لعلنا لاحظنا أن البصمة المصرية الواضحة على دبلوماسية القمم العربية قد ارتبطت صعودا وهبوطا بدور مصر القيادى فى النظام العربى، وتبدى الدوائر المصرية المسئولة فى الوقت الراهن تمسكا شديدا بهذا الدور القيادى، وعليها إذن أن تناقش تداعيات الغياب المتكرر عن القمم العربية على الوظيفة القيادية لمصر فى النظام العربى. أما إذا كان ثمة شىء تحت سطح الأحداث لا يعرفه المواطنون العاديون من أمثالنا فقد آن أوان التصريح به كى تبدو السياسة العربية لمصر مفهومة من الجميع ومن ثم أكثر قدرة على اكتساب التأييد والشرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.