تنسيق الجامعات 2025.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    رئيس الاستشعار من البعد يشارك في مؤتمر تفعيل وتنفيذ الخطة التنفيذية للابتكار في قارة إفريقيا    ذكري مرور 218 عامًا على انتصارات أهالي رشيد.. محافظة البحيرة تبدأ احتفالات العيد القومي    قيادي ب مستقبل وطن: اعتماد قرار مصر بالوكالة الذرية يعكس مكانتها الرفيعة دوليا    رئيس لبنان يبحث مع رئيس الحكومة التطورات الأمنية في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية على قرى جنوبية وبقاعية    بأوامر نتنياهو.. عمليات تفتيش صارمة للسائقين القادمين من الأردن    سلوت: محمد صلاح لاعب عظيم.. ومن الممتع مشاهدته    كمل يا بيبو.. رسالة أعضاء عمومية النادي الأهلي ل"الخطيب"    قتلهم وكتب ينعيهم على فيسبوك.. آخر مشهد لقاتل أسرته فى نبروه بالدقهلية    القومى للمرأة يشيد بملتقى أولادنا الدولى التاسع لفنون ذوى القدرات الخاصة    مجانا.. 11 عيادة متنقلة للكشف على الأهالي بالأماكن النائية والقرى الأكثر احتياجا في دمياط    مدرسة بالإسماعيلية تستعد لاستقبال طلابها بالهدايا والحلوى (فيديو وصور)    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    زلزال بقوة 1 ,6 يضرب بابوا الإندونيسية ويسبب أضرارا متفرقة    برلماني: زيارة ملك إسبانيا تعزز الشراكة الاستراتيجية وترسخ البعد الثقافي والإنساني    تعليم القليوبية يعلن جاهزية المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    منتخب الشابات تحت 20عامًا يواجه غينيا الاستوائية اليوم في تصفيات كأس العالم    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والبيض وارتفاع الذهب    مصر تدعو إلى شبكة عربية موحدة للرعاية الصحية خلال مؤتمر الهيئات الصحية العربية    بحضور نجله.. تكريم النجم الراحل محمود ياسين بمهرجان بورسعيد السينمائي (صور)    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    نائب وزير الصحة: مهلة 7 أيام لتطوير سكن الأطباء في مستشفى قلين التخصصي    رجال الشرطة يتبرعون بالدم دعما للمرضى والمصابين في الشرقية    وزير النقل يعلن فتحا جزئيا للطريق الدائري الإقليمي غدًا السبت    "يكذب على نفسه".. رئيس MI6 يهاجم بوتين بسبب أوكرانيا.. تفاصيل    ضبط متهم بالمنوفية لغسله 12 مليون جنيه متحصلة من نشاط الهجرة غير الشرعية    صالون نفرتيتي يطلق فعالية ميراث النهر والبحر في دمياط ضمن مبادرة البشر حراس الأثر    بعد تماثلها للشفاء.. أول ظهور للفنانة الشابة رنا رئيس    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    سائق يرفع الأجرة ويتلاعب بخط السير فى البحيرة.. والأمن يتدخل    مصدر أمني ينفي صلة "الداخلية" بجمعية عقارية في دمياط    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    فيديو - أمين الفتوى يكشف عن دعاء فك الكرب وكيف تجعله مستجاباً    أستاذ بالأزهر يوضح حكم استخدام السبحة: إظهارها حرام شرعًا في هذه الحالة    مصادرة 1100 علبة سجائر أجنبية مجهولة المصدر في حملة ل «تموين العامرية» (صورة)    صحة غزة: 800 ألف مواطن في القطاع يواجهون ظروفا كارثية    ملك وملكة إسبانيا يفتتحان إضاءة معبد حتشبسوت فى الأقصر.. صور    غلق كلى لشواطئ الإسكندرية بسبب اضطراب حالة البحر    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    نجم الزمالك السابق يكشف سر تصدر الفريق للدوري    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    وزير التعليم العالي يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    للمرأة العاملة، ممنوع وضع المعجنات يوميا فى لانش بوكس المدرسة بدلا من الساندويتشات    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    وزير الخارجية: نسعى لتعزيز التعاون المصري-السعودي لمواجهة التحديات الإقليمية    أصل الحكاية| سرقة الأسورة الملكية من المتحف المصري جريمة تهز الذاكرة الأثرية    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أنور السادات .. زعيم من طراز فريد
في ذكرى وفاته الحادية و الثلاثين


الرئيس الراحل محمد أنور السادات
منح د/ محمد مرسي رئيس الجمهورية للرئيس أنور السادات وسام نجمة الشرف تقديرًا لدوره البارز في صناعة النصر الذي نحتفل به هذا العام بمرور تسعة و ثلاثون عامًا على تلك الملحمة الخالدة التي جسدت عظمة و صلابة الجندي المصري في عبور قناة السويس و تحطيم خط بارليف عام 1973 في يوم السادس من أكتوبر و في نفس الوقت تمر الذكرى الواحدة و الثلاثون لرحيل الرئيس أنور السادات في حادث المنصة الشهير يوم السادس من أكتوبر 1981 أثناء احتفاله بمرور ثمانية أعوام على هذا النصر و كأنه رحيل العريس يوم عُرسه.
محمد أنور السادات هو ثالث رئيس لجمهورية مصر العربية ولد يوم 25 ديسمبر من عام 1918 بقرية ميت أبو الكوم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية لأب مصري و هو المعروف بالسادات أفندي حيث كان والده أول من حمل شهادة الإبتدائية في ميت أبو الكوم و معروف أن أعلى نسبة تعليم في مصر بمحافظة المنوفية و يحث أهالي المنوفية على تعليم أبنائهم لقلة الأراضي الزراعية هناك و أم من أصول سودانية تعرف باسم (ست البرين) ، ألحق السادات أفندي ولده أنور بالكتاب حيث تعلم القرآن و مباديء الحساب ثم ألحقه بالمدرسة الخيرية الإسلامية حيث حصل على شهادة الإبتدائية ثم أنتقل والده للقاهرة بعد عودته من السودان و حصل السادات على شهادة الثانوية من القاهرة عام 1936 في سنة بالغة الأهمية حيث أعلن عن استقلال مصر من خلال معاهدة 1936 التي أبرمها النحاس باشا مع الإنجليز على أن تظل القوات البريطانية في مصر فسمح من خلال تلك المعاهدة بدخول أبناء الطبقة الوسطى و الطبقة الفقيرة للمدرسة الحربية لتوسيع الجيش المصري و هنا ألتحق أنور السادات بالمدرسة الحربية على أثر خلفيته المسبقة من خلال حكايا جدته التي أثرت في حياته لقصص أدهم الشرقاوي و قصة زهران بطل دنشواي و قصة مصطفى كامل و كل من له دور في تحرير الوطن من الإستعمار البريطاني.
محمد أنور السادات فى المدرسة الحربية

تخرج أنور السادات من المدرسة الحربية في فبراير من عام 1938 و أصبح ضابطًا في الجيش بالأورطة الرابعة مشاة بمنطقة المكس بالأسكندرية و في يوليو من نفس العام أنتقل إلى منقباد ثم إلى سلاح الإشارة بالمعادي ثم إلى الصحراء الغربية بمرسى مطروح ثم عاد إلى المعادي ثم مرةً أخرى عاد إلى الصحراء الغربية ، ثم في يونيو 1941 نقل إلى سلاح الحدود و عُين في كتيبة إشارة السلاح بالجبل الأصفر حتى يوم 7 أكتوبر 1942 اليوم الذي ترك فيه الخدمة لمدة ثماني سنوات.
تزوج أنور السادات من زوجته الأولى السيدة إقبال عفيفي و هي من أصول تركية و عائلتها تمتلك أراضي كثيرة ما بين المنوفية و القليوبية و تم الزواج عام 1940 و تلك الفترة هي الفترة الخصبة في حياة السادات السياسية حيث حدث لمصر حادثًا مصيريًا عبر عن بداية النهاية للملكية و هو حادث 4 فبراير 1942 و الذي تم فيه محاصرة الجيش البريطاني لقصر عابدين مقر الملك فاروق الأول حيث طلبت السلطات البريطانية بتولي الوزارة أحد الأصدقاء و كان خير من يتولى الوزارة لقربه من الإنجليز النحاس باشا حيث كانت الدبابات الألمانية تهدد القوات البريطانية من الصحراء الغربية و كادت تقترب من القاهرة و هذا ما جعل الإنجليز يطلبون صديقًا لهم لا للألمان في حال دخولهم مصر.
بعد هذا الحادث الشهير شعر السادات بالغضب فقرر السادات بالاتصال بالألمان للتعاون معهم في الفتك بالإنجليز لإخراجهم من مصر بمساعدة ألمانيا التي كانت تحت لواء النازية الهتلرية و تم الكشف عن اتصالات السادات بالألمان فصدر القرار بمحاكمته بطرده من الجيش يوم 7 أكتوبر 1942 و بموجب قانون الأحكام العرفية الذي صدر وقت الحرب العالمية الثانية لوقوع البلاد في حرب تم اعتقال أنور السادات و أمضى متنقلاً بين السجون المختلفة ما بين معتقل سجن الأجانب و معتقل ماقوسة بالمنيا إلى معتقل الزيتون ، في ظل هذ التنقلات المتعددة بين السجون نجح أنور السادات في الهروب و ظل متخفيًا بأسماء عدة و مهن مختلفة ما بين سائق على عربة نقل ، شيالاً على عربة لوري لحساب متعهد للجيش البريطاني في الإسماعيلية حينما كان في الشرقية ثم عمل في نقل أحجار الدبش من المراكب الآتية في النيل ثم عمل مع مقاول في نقل الرخام.

أثناء محاكمته فى قضية اغتيال أمين عثمان






في سبتمبر من عام 1945 تم إلغاء الأحكام العرفية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و بالتالي تم إسقاط التهمة الخاصة بالتجسس لألمانيا من على أنور السادات و هنا كان في حالة تشتت بين المهن المختلفة لطرده من الجيش و ألتحق بجمعية سرية لتحرير مصر و التي تريد أن تتخلص من كل المتعاونين مع الإنجليز و إعتبارهم خونة و كان على رأس المطلوبين لتصفيتهم جسديًا النحاس باشا بسبب حادث 4 فبراير 1942 و شارك السادات في عملية محاولة اغتيال النحاس لكنها فشلت فاتجه المؤشر لأمين عثمان وزير المالية صاحب العلاقة القوية بالمندوب السامي البريطاني و الذي قال(أن مصر امرأة و إنجلترا رجل و زواج إنجلترا من مصر زواجًا كاثوليكيًا لا طلاق منه) مما أدى إلى أن أغتيل على يد الشاب حسين توفيق الذي دربه السادات على حمل السلاح و كان السادات مراقبًا للعملية الاغتيالية التي تمت عام 1946 مما عرضه للاعتقال و قُدم إلى المحاكمة و دخل السجن و تم حبسه في (الزنزانة 54) التي علمته الصبر حيث كانت قذرة و سيئة لا يحتمل فيها أحد العيش و رغم كل هذا قوى نفسه في الإنجليزية و كان نهمًا في القراءة حيث قرأ للمهاتما غاندي الذي كان بمثابة مثله الأعلى (قصة تجاربي مع الحقيقة) باللغة الإنجليزية و كان قد تعلم الألمانية في السجن مع الجاسوس إبلر المشهور بجعفر المصري في عام 1942 و جعل السادات من تجربة السجن بدلاً من أن تكون مريرة من الممكن جعلها مفيدة.
في عام 1948 تم الإفراج عن السادات لعدم كفاية الأدلة في تورطه بقضية اغتيال أمين عثمان حيث أستطاع بدهائه الإفلات منها و تم حبس حسين توفيق عشر سنوات و هنا خرج السادات للحياة للبحث عن ذاته المفقودة بعد أن فُصل من الجيش و أصبح يرتطم بصخور الحياة الصعبة فاشترك مع زميله حسن عزت الذي فضل حياة التجارة عن السياسة و ترك وظيفته بالجيش فشاركه في المقاولات و من خلاله تعرف على جيهان صفوت رؤوف قريبته عام 1948 و التي أصبحت فيما بعد زوجته عام 1949 بعد انفصاله عن زوجته الأولى السيدة إقبال عفيفي و التي أنجب منها بناته (رقية – راوية و كاميليا) و أنجب من السيدة جيهان (لبنى – نهى – جيهان – جمال).
إنفصل السادات عن حسن عزت حيث تم فض الشركة القائمة بينهما بسبب خلافات في وجهات النظر و حاول السادات أن يعود لصفوف الجيش و نجح في محاولاته حيث عاد عن طريق د/ يوسف رشاد طبيب الملك فاروق و كان مع السادات في معسكر منقباد و عاد السادات للجيش عام 1950 و كانت خدمته بعد العودة في العريش و إنضم لتنظيم الضباط الأحرار من خلال جمال عبد الناصر و إنضم في نفس الوقت للحرس الحديدي التابع للملك و الذي كونه يوسف رشاد و أصبح هنا ذو شخصية مزدوجة تجمع بين دفتي السلطة و الساعون للتغيير.
تأتي الأقدار لتختار للسادات أن يكون في دفة الساعون للتغيير حيث صدح الفجر بيوم 23 يوليو من عام 1952 بعد أن قام الجيش بثورته ضد الملك و كان السادات وقت التحرك عائدًا من العريش في أجازته للقاهرة و كان في السينما مع زوجته وقت التحرك و عند عودته للمنزل كان ناصر تاركًا له خطاب بموعد التحرك تسلمه من بواب المنزل و كان وقتها إفتعل مشاجرة مع أحد الناس بالسينما و حرر محضرًا بالواقعة إلى أن نجحت الحركة و ذهب السادات لهم فتم إعلان بيان ثورة 23 يوليو بصوته ليكون في سجل التاريخ بمصافحة أذأن الشعب لصوت الثورة.
السادات مع أعضاء مجلس قيادة الثورة
كان للسادات دورًا حيويًا في الذهاب لعلي ماهر باشا بالأسكندرية لإقناعه بتولي الوزارة تحت لواء الجيش و كان له دور في التفاوض معه لكتابة صيغة تنازل فاروق عن العرش و كان الناس يعرفون السادات جيدًا من خلال قضية أمين عثمان عام 1946 و هنا بدأ العهد الجديد ليبدأ معه السادات عهدًا جديدًا عن الماضي حيث مع السلطة.
تولى السادات رئاسة تحرير أول جريدة للثورة و هي الجمهورية عام 1953 و كان له سابق العمل في الصحافة حيث عمل عام 1950 مراجعًا بمجلة المصور و عين وزيرًا للدولة عام 1954 لمدة شهور قليلة ثم عُين أمينًا عامًا للمؤتمر الإسلامي ثم عين نائبًا بمجلس الأمة عن دائرة تلا عام 1957 لمدة ثلاث دورات و في عام 1960 أنتخب رئيسًا لمجلس الأمة مرتان المرة الأولى من (21 يوليه 1960 حتى 27 سبتمبر 1961) و المرة الثانية من (29 مارس 1964 و حتى 12 نوفمبر 1968) و عُين نائبًا للرئيس جمال عبد الناصر من عام 1964 حتى عام 1966 و أعيد إختياره نائبًل لجمال عبد الناصر في نوفمبر 1969 حيث أقسم السادات اليمين في مكتب ناصر بشكل غير رسمي لضيق الوقت لوجود أنباء تفيد بمحاولة اغتيال ناصر في المغرب أثناء قمة الرباط عام 1969 من خلال وزير الداخلية المغربي.
لم يستمر السادات في منصبه كنائب سوى عشرة أشهر حيث توفي ناصر عام 1970 يوم 28 سبتمبر و البلاد تتجرع كأس الهزيمة النكراء التي حدثت في حرب الأيام الست المعروفة بنكسة 1967 و أعلن السادات بيان وفاة عبد الناصر و تولى رئاسة الجمهورية رسميًا بعد إستفتاء شعبي يوم 15 أكتوبر من عام 1970 ليتولى المسئولية في ظل أمة مجروحة و اقتصاد يعاني الكساد و علاقات متأزمة مع بعض البلاد.
كانت هناك شكوكًا من الداخل و الخارج بأن السادات خير خلف لخير سلف و أنه من الصعب أن يسد فراغ جمال عبد الناصر بمكانته الزعامية الكبيرة على الصعيد العربي و الأفريقي و المصري و كان الفريق الرئاسي الخاص بعبد الناصر المكون من (سامي شرف – علي صبري – شعراوي جمعة – المشير محمد فوزي) بمثابة كارت ضغط على السادات و أنه لا قرار بدون إذن هذا الفريق مما أعطى إنطباعًا للناس بأن السادات لقمة سائغة و مروضة يمكن توجيهها كما يريد الشخص و ظل السادات يعطي هذا الإنطباع بأنه ساذج و ينصاع للآخر حتى جاءت الفرصة حيث كان لديه فن التوقيت و فن المفاجأة حيث باغت هذه العناصر بمفاجأة 15 مايو 1971 و التي سميت بثورة التصحيح ضد مراكز القوى حيث قام بالقبض عليهم جميعًا بعد أن حاولوا عمل إنقلاب على السادات إستطاع السادات بمعرفة هذه المعلومات عن طريق الضابط طه زكي الخبير بالتسجيلات الصوتية حيث أعطى له تسجيلاً يؤكد بعمل محاولة إنقلابية على السادات و ما ساهم في نجاح السادات أنه ضم لصفه كاتب سياسي مخضرم كمحمد حسنين هيكل و اللواء ممدوح سالم لصفه و أكد لهيكل على أنه سيسير على خطى عبد الناصر و كانت بوادر تلك الحركة بدأت بزيارته المفاجئة للاتحاد السوفيتي لحل مشكلة أزمة السلاح و هنا أكد السادات أنه داهية سياسية و شخصية ليست بالهينة.





السادات يقود ثورة التصحيح فى مايو 1971

هنا بدأ السادات في الإعداد للمعركة و التي أعد لها من أكتوبر 1971 و تعيينه لمحمد صادق وزيرًا للحربية و محاولاته لجلب الأسلحة من الاتحاد السوفيتي و كان هناك تباطؤ في جلب الأسلحة من قبل الروس مما أدى إلى إصداره قرار 15 مايو 1972 بطرد أكثر من 15,000 خبير روسي و يقول كلمته الشهيرة(نريد المعركة أن تكون معركتنا) و لعل هذا يُعد خطوة لتأميم و تمصير المعركة كتأميم القناة لجمال عبد الناصر.
لجأ السادات للتعتيم الإستراتيجي في التخطيط للمعركة حيث قال في مجلس الشعب (عام الحسم سيكون في آخر 1971) فمر عام 71 دون حسم مما أخرج النكات و السخرية على السادات ثم جاء بتصريحه لمرور عام الحسم بلا حسم بسبب أزمة كشمير لإنشغال أمريكا في تسليح باكستان و إنشغال روسيا في تسليح الهند و هنا كانت تلك الطريقة هي المفتاح السحري لتنفيذ المعركة للخروج من نفق النكسة المظلم و كانت هناك محاولات إنقلابية من خلال الجنرال محمد صادق وزير الحربية سُميت ب(حركة إنقاذ مصر) عام 1972 و التي فشلت و قام السادات بتغيير الجنرال صادق باللواء أحمد إسماعيل الذي كان رئيسًا للمخابرات المصرية ليتم التجهيز للمعركة و لكن كان في الظاهر غضب جماهيري و كثرت المظاهرات الطلابية عام 1972 للتعجيل بالحرب و الإعداد كان في الخفاء لتخرج المعركة بشكل يوحي بالنصر المنتظر.
لكي يتم أخذ القرار بعد صبر طويل قام السادات باللجوء لهنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي لكي يتم حل المشكلة عن طريق التفاوض السلمي حيث أقترح السادات للمفاوضات السلمية فبراير 1973 و التي رُفضت من قِبل جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل و موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي مما أدى إلى ترسيخ فكرة الهجوم و الذي حدث بالفعل يوم 6 أكتوبر 1973 بعبور قناة السويس و تحطيم خط بارليف بالمشاركة مع الجبهة السورية من خلال الرئيس حافظ الأسد و ظلت المعركة إلى أن تم تحرير جزء من سيناء وصلت للكيلو 101 و تحرير سوريا للقنيطرة بالجولان و كانت هناك رغبة من سوريا لاستكمال القتال و عبور الكيلو 101 لكن السادات و جد في ذلك مخاطرة و خصوصًا بعد أن لجأت جولدا مائير لنيكسون الرئيس الأمريكي ببكائها الشديد (أنقذوا إسرائيل) فأمدها بالجسر الجوي و الأقمار الصناعية التي تسببت في ثغرة الدفرسوار و التي راح على أثرها عدد كبير من الشهداء مما أدى للجوء إلى اتفاقية فض الإشتباك الأولى و فض الإشتباك الثانية ما بين 1973 و 1974.
الساداث أثناء حرب أكتوبر 1973

كان للسادات دور في لم الشمل العربي و الإسلامي حيث قام الملك فيصل عاهل السعودية باستخدام ضغط سلاح البترول و هواري بومدين رئيس الجزائر أكمل الأسلحة الناقصة لمصر و الشيخ زايد رئيس الإمارات أستخدم سلاح البترول أيضًا ضد الغرب حينما قال (البترول العربي ليس أغنى من الدم العربي) و بعثت البلاد العربية كتائب لتشارك في المعركة إلى جانب إمداد شاه إيران محمد رضا بهلوي بالبترول للسادات.
السادات مع الملك فيصل

قام السادات في عام 1971 بوضع دستور جديد للبلاد و أفرج عن المعتقلين و أعاد الجماعات و الأحزاب الإسلامية بعد أن قُمعت من جمال عبد الناصر و أستثمر كل ذلك عام 1976 بعودة الأحزاب ثم المنابر ثم الأحزاب مرةً أخرى و أدخل نظام الانفتاح الإقتصادي و شركات القطاع الخاص و لكن كان الانفتاح إستهلاكيًا أكثر منه إنتاجيًا مما أدى لمشاكل كثيرة و قام بوضع حجر الأساس لمترو الأنفاق عام 1976 و فتح منه مرحلة و أسس للمدن الجديدة و التي بدأت بمدينة العاشر من رمضان عام 1977 و قد جسد أسماء المدن الجديدة في إنجازاته كدلالة على حبه لذاته (15 مايو – بدر – 6 أكتوبر – السلام – العبور – الشروق – السادات) و أعطى مناخًا ديمقراطيًا أخذ في التقلص إلى أن تم إختفائه في أواخر أيامه.
بعد وصول جيمي كارتر لرئاسة أمريكا عام 1977 أراد أن يستهل عهده بحل أزمة الشرق الأوسط و كانت هناك مباحثات سرية بين كارتر و السادات من جانب و بين كارتر و رابين رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت من جانب آخر و لكن كانت الانتخابات الإسرائيلية ما بين رابين و بيجن تحسم الدفة لبيجن ليكون أول رئيس وزراء يتولى المنصب من حزب الليكود لتأخذ المحاولات مناح أخرى حيث الليكود يميني متطرف يصعب التفاوض معه حتى جاء السادات في نوفمبر 1977 يعلنها صراحةً في افتتاح دورة برلمانية جديدة أنه على أتم الاستعداد أن يذهب إلى آخر العالم لحل المشكلة المصرية و ستدهش إسرائيل حينما تعلم أني مستعد أن أذهب إلى بيتهم الكنيست ذاته و مناقشتهم مما جعل ياسر عرفات يقوم مصفقًا بحرارة و هو جالس بجانب النائب حسني مبارك حتى دهش العالم من هذا التصريح الذي أصبح واقعًا ملموسًا كالصدمة الكهربائية بزيارته للقدس من 19 حتى 21 نوفمبر 1977 شبهت تلك الزيارة بصعود نيل أرمسترونج للقمر عام 1969 مما أدى إلى إنقسام العرب و قطع علاقاتهم مع مصر حتى وصل الأمر لهجوم الشعوب العربية للسفارات المصرية بالحجارة و خطب السادات في الكنيست يوم 20 نوفمبر خطابه التاريخي و كان رئيس الكنيست في ذاك الوقت اسحق شامير و نال تصفيقًا حادًا من أعضاء الكنيست و كان حاضر تلك الخطبة جولدا مائير و موشيه ديان وزير الخارجية في ذاك الوقت و إيجي ألون و إرييل شارون و في الذهاب و الإياب عند مصافحة السادات لجولدا مائير تلتهب الأكف من التصفيق لأن أعداء الأمس أصبحوا مفاوضي اليوم للسلام.
خطاب السادات أمام الكنيست الإسرائيلى
تم التوصل لاتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 حيث نصت الاتفاقية الأولى بعقد مفاوضات بين إسرائيل و الأردن و مصر و الفلسطينيين و نصت الاتفاقية الثانية التفاوض المباشر بين مصر وإسرائيل من أجل تحقيق الانسحاب من سيناء التي احتلتها إسرائيل في عدوان 1967م ، وتنص الاتفاقية على إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل بعد المرحلة الأولى من الانسحاب من سيناء.

توقيع اتفاقية السلام كامب ديفيد 1978

دعا السادات لمؤتمر المينا هاوس لمناقشة الاتفاقية الأولى فلم يحضر العرب للقمة مما أدى لفشل الاتفاقية الأولى فتم تنفيذ الاتفاقية الثانية يوم 26 مارس 1979 ليتم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة لتونس و قطع العرب علاقاتهم مع مصر و تنفيذ الاتفاقية على مراحل من 1979 حتى 1982 و بدأ السادات يفكر في جعل سيناء مركزًا للإنسانية فطمح في تأسيس مجمع الأديان مع طلبه أن يدفن في وادي طوى و لكن الاتفاقية كانت محل اعتراض الكثير حيث نجد أن الجماعات الإسلامية كانت ضد الاتفاقيات بجانب البلاد العربية و مما أثار الغضب استقباله لشاه إيران بعد ثورة إيران الإسلامية كلاجيء سياسي زود دعوات الكثير بالتخلص منه مما أدى إلى مشاكل كثيرة داخلية و خارجية و كانت بادرة إهتزاز عرش السادات في انتفاضة 18 و 19 يناير 1977 الشعبية التي أطلق عليها انتفاضة الحرامية بسبب إلغاء الدعم و لكن زيارة القدس حفظت ماء وجهه و استمرت مراحل تنفيذ المعاهدة حتى جاءت أحداث الزاوية الحمراء و التي تسببت في فتنة طائفية و رفض البابا شنودة الثالث بإرسال المسيحيين لتقديس في الكنيسة القيامة طبقًا للمعاهدات مما أدى إلى تحديد إقامته بجانب إنحراف تيار الإسلاميين عن اتجاهه لضرب الناصريين و اليساريين مما أدى لاعتقالهم في حملات اعتقالات سبتمبر الشهيرة و خطابه الناري في مجلس الشعب يوم 5 سبتمبر و هو الخطاب الأخير و الذي كتب فيه شهادة وفاته بسبب اعتقال 1600 رمز من الاتجاهات المختلفة من بينهم هيكا و فؤاد سراج الدين و غيرهم و ذلك لتحفظ عليهم لحين الانتهاء من تنفيذ المعاهدة يوم 25 أبريل بتحرير سيناء و خروج أخر جندي إسرائيلي من بقعتها لأن بيجن كان يماطل السادات في أغلبية الرفض للمعاهدة فلاداعي لاستكمالها.
السادات مع الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات

كان السادات ينوي الإفراج عن المعتقلين في احتفال مهيب يرتدي فيه الزي الفرعوني و يقدم استقالته من الرئاسة و يتفرغ للكتابة و الصحافة و يتم تغيير نظام الإستفتاء لإنتخاب و لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ففي يوم 6 أكتوبر 1981 حضر السادات كعادة كل عام الاحتفال بالعرض العسكري يوم عُرسه الذي تحولت فيه الاحتفالية إلى هرج و مرج بهجوم مسلحين في العرض و قاموا باغتياله وسط أنظار العالم أجمع و تمت العملية في 40 ثانية و نفذها خالد الإسلامبولي و كان السادات اتفق مع صديقه أنيس منصور بأن يتقابلا في وادي الراحة بسيناء و قد ذهب بالفعل لوادي الراحة و لكن وادي الراحة الأبدية.
اغتيال السادات فى حادث المنصة 6 أكتوبر 1981

بعد هذه الحياة الحافلة بمتنوعاتها تختلف الأراء حول السادات ما بين مؤيد و معارض فهناك من وصفه بالبطل و هناك من إتهمه بالخيانة ، هناك من رأى أنه خان عبد الناصر و هناك من رأى أنه صحح أخطاء ناصر لكن مهما كانت الأراء فسيظل السادات علامة تاريخية بارزة في الوجدان المصري و العالمي حيث قال عنه يونان لبيب رزق (صفحات الكفاح و التحرير المصري بدأت بأحمس و انتهت بأنور السادات) و ولنجد اسمه في سجل دعاة السلام في جائزة نوبل للسلام بأوسلو بالنرويج و التي حصل عليها مناصفة مع مناحم بيجن عام 1978 لنجده جنبًا بجنب مع تيودور روزفلت ، نيلسون مانديلا ، دالاي لاما ، مارتن لوثر كنج و غيرهم و حينما سئل الرئيس كارتر من هم أكثر الشخصيات الذين أثروا في حياتك قال( ونستون تشرشل و أنور السادات).
جنازة الرئيس الراحل أنور السادادت

دُفن السادات في نصب الجندي المجهول الذي أسسه عام 1976 لتشأ الأقدار أن يكون مكان دفنه و ليكتب على قبره (عاش من أجل السلام و مات من أجل المباديء) و ليودعه العالم في جنازة رسمية أكثر منها شعبية ليحضر الجنازة عدد كبير من رؤساء و دول العالم كناية على عالمية السادات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.