قال الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادى، إن الولاياتالمتحدة دخلت مرحلة الأفول الاقتصادى والسياسى ولم تعد القطب الأوحد كما كانت منذ ما يزيد على العشرين عاما عقب انهيار الاتحاد السوفيتى ، مشيرا إلى أن ذلك بسبب مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التى غيرت الواقع الدولى واكسبته ملامحا جديدة تخصم من الرصيد الأمريكى وتقلص من نفوذها، مضيفا يأتى على رأس هذه العوامل مجموعة بريكس الاقتصادية التى تضم كل من روسياوالصين والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل والتى من المتوقع وفق المؤشرات أن تتصدر اقتصاديات العالم فى غضون عشرة أعوام من الآن ليتصدر الإيوان الصينى المركز الاول فى العملات العالمية يليه العملة الهندية ليتراجع الدولار إلى المركز الثالث. وأضاف جودة فى تصريحات خاصة "للفجر " عقب فترة من الهيمنة الأمريكية نتيجة زوال القطب المنافس - الاتحاد السوفيتى - لم يستقر الواقع الدولى كثيرا على هذا النمط، على الرغم من المكتسبات التى حققتها الولاياتالمتحدة خلال هذه الفترة ، الا أن استعادة روسيا لمكانتها الاقليمية عبر مجموعة من المحاور الاقتصادية والسياسية على رأسها مجموعة بريكس والطاقة ، بالتزامن مع تنامى عدد من التكتلات الاقتصادية والسياسية الأخرى ومعدلات التنمية الهائلة التى حققتها الصين قد جنحت بالواقع الدولى إلى النمط التعددى فى تآكل كبير للرصيد الأمريكى.
كما أضاف جودة أن التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدة لمحاربة التنظيم الإرهابى داعش تحت الشعار القديم - الحرب على الإرهاب- فضلا عن صعوبة تسويقه وافتضاح أمره الا أنه يعبر عن نفس خطاب بوش منذ ثلاثة عشر عام عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر .مشيرا إلى أن الخطاب الذى القاه اوباما عشية الذكرى الثالثة عشر من أحداث الحادى عشر من سبتمبر، تضمن عدة رسائل إلى العالم وتحديدا إلى المانياوروسيا ومصر والسعودية.
وتابع: بالنسبة إلى المانيا فهى اكبر حلفاء الولاياتالمتحدة لأنها على رأس اقتصاديات منطقة اليورو، وهى اقوى دولة بالنسبة للاتحاد الاوروبى وبالتالى حلف الناتو، فاراد اوباما أن يقول لها أن امريكا مازالت قوية وأنه مازال هناك الكثيرمن المصالح المشتركة بيننا .وذلك عقب التقارب الذى حدث بين روسياوالمانيا ،عقب توقيع صفقة لبيع الطاقة الروسية بالروبل. الروسى إلى الأخيرة الأمر الذى ازعج الادارة الأمريكية كثيرا لأنها تدرك جيدا مدى أهمية الطاقة كورقة ضغط روسية يمكن أن تفسد الانسجام بين الموقف الأمريكى والأوروبى
واشار إلى روسيا ارادت امريكا أن تقول لها أننى الأقوى اقتصاديا وعسكريا لأنها تعلم أن روسيا ليست على ذات الدرجة من القوة الاقتصادية الأمريكية وإن كانت على درجة عالية من القوة العسكرية .علاوة على ذلك امريكا مدركة للتغيرات التى طرأت على الواقع الدولى التى قلصت كثيرا من النفوذ الأمريكى فى عالم اصبح متعدد الاقطاب .ولكن اوباما بدلا من أن يواجه هذه الحقيقة حاول أن يتجاهلها ويرسل رسالة فاشلة إلى روسيا مفادها أن العالم مازال أحادى القطبية .
وأوضح جودة ، بالنسبة إلى مصر فرسائل اوباما كانت على طريقة سياسة العصا والجزرة ، حيث تضمن الخطاب رسائل تحذيرية وتهديدية من خلال استخدام فزاعة داعش كما تضمن على الوجه الآخر دعما ماليا لمصر لمجابهة الارهاب.
وأخيرا بالنسبة إلى السعودية، اراد اوباما أن يقول لها إن امريكا قادرة على حمايتها من التهديدات التى تتعرض لها بسبب الجماعات الإرهابية حيث أن تمويل السعودية والامارات لصفقات السلاح الروسى الذى تعاقدت عليها مصر سبب ازعاجا شديدا للادارة الأمريكية التى ينبنى اقتصادها على السلاح.
وأشار جودة إلى أن التصريح الذى صدر عن رئيس البنك الدولى " امريكى الهوى" عن استعداد البنك لتمويل مشروعات فى قناة السويس الجديدة وتقديم الدعم إلى مصر يأتى فى اطار المحاولات الأمريكية لاستمالة مصر التى تحظى بعلاقات متوترة مع امريكا فى الوقت الذى تتقارب فيه مع روسيا.
كما أوضح جودة ، أن الرئيس الأمريكى يعانى ضغوطا كبيرة من قبل الجمهوريين لأسباب تتعلق بارتباك القرار الأمريكى وعدم وجود استراتيجية واضحة علاوة علىذلك ، الأزمة الاقتصادية وتمويل برنامج الرعاية الصحية الذى اعيد انتخاب اوباما على اساسه على غير رغبة الجهوريين. وبالتالى ليس من الميسور بالنسبة لأوباما استمالة الكونجرس الذى يمثل الجمهوريون أغلب أعضائه فى تمويل عملياته العسكرية المزعومة فى ظل أزمة اقتصادية كما أنه غير جاد بالدرجة الكافية لتنفيذ كل ما أعلن عنه وذلك لاقتراب نهاية فترة رئاسته الأخيرة.
وأضاف جودة ، أن اوباما لديه تطلعات شخصية بانهاء فترته الرئاسية الأخيرة بتحقيق انجاز كبير من اجل تخليد اسمه ،ومن اجل امكانية كتابة مذكراته الشخصية، أو تعيينه مبعوثا دوليا ، أو محاضرا وكلها أمور تعود عليه بعائد مادى كبير ولكنه فى حقيقة الأمر متخبط القرار مرتبك الرؤى.
واختتم جودة حديثه قائلا: الولاياتالمتحدة لا تستطيع أن تعيش بدون سلاح الذى ينبنى عليه اقتصادها وبالتالى تغذية الإرهاب واثارة التوترات الأمنية والصراعات هى بيئة خصبة للسوق الأمريكى.