نفى السفير حسام قاويش المتحدث باسم مجلس الوزراء ما يثار حول تأجيل انتخابات مجلس النواب (البرلمان) حتى بداية العام المقبل، قائلا ل«الشرق الأوسط» أمس إن «الحكومة لم تناقش هذا الأمر مطلقا في الوقت الحالي.. ولم يحدث أن تم طرح هذا الأمر عليها»، مؤكدا «التزامها بكل ما جاء في خارطة المستقبل، التي ارتضاها الشعب المصري لبناء مؤسسات الدولة».
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يوليو (تموز) الماضي، قرارا جمهوريا بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات إيذانا ببدء الإجراءات الخاصة بها، كما أعلن أن «الانتخابات ستجرى قبل نهاية العام الحالي»، لكنه لم يحدد موعدا رسميا لها.
لكن حتى الآن لم يصدر قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، والذي سيجري وفقه توزيع مقاعد البرلمان، ما تسبب في تنامي التوقعات باحتمالية تأجيل الانتخابات حتى مطلع عام 2015، إضافة إلى مطالبات بعض القوى السياسية بإرجائها لمنحها المزيد من الوقت للاستعداد وترتيب قوائمها الانتخابية.
وقالت مصادر ل«الشرق الأوسط» إن قانون تقسيم الدوائر جاهز، لكنه ربما يتوقف صدوره على الانتهاء من التقسيم اداري الجديد للمحافظات.
واستنكر السياسي البارز عمرو موسى رئيس لجنة «الخمسين» لتعديل الدستور، كثرة الكلام عن تأجيل الانتخابات البرلمانية. وقال موسى في تصريح له أمس «ذهب البعض إلى المطالبة بصرف النظر عنها كليا، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ديكورا يعجب الخارج ولكنه يخرب الداخل»، مؤكدا أن هذا الكلام «طعن الحركة السياسية التي بدأت مع ثورة 30 يونيو وتبلورت في 3 يوليو تأييدا وتفويضا للسيسي».
وأضاف موسى أن «المطالبة بإعادة النظر في المسيرة التي توافق عليها الشعب كله بل وتهديدها بالتفكك، هو أمر خطير»، مشيرا إلى أن «العهد الجديد الحالي هو نتاج ثورة وفكر وخطة تقوم على الديمقراطية.. من دونها ستعود مصر أدراجها بعيدا عن المسار الجديد وعن ثورتي 25 يناير و30 يونيو».
وتعد انتخابات مجلس النواب (الاسم الجديد لمجلس الشعب)، آخر الاستحقاقات السياسية في خارطة المستقبل، التي توافقت عليها القوى السياسية عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث سبقها وضع تعديل الدستور، وانتخاب السيسي رئيسا للبلاد.
وأكد موسى أن «الدستور المصري وثيقة مهمة ومتميزة، ولا داعي للتقليل الممنهج منها بهدف الوصول إلى تسويات أو رؤى معينة، فهو نتاج توافق مصري حقيقي حظي بإجماع غير مسبوق من الشعب، وهو لا ينتقص من سلطات الرئيس فهو رأس الدولة صاحب السلطات الأعلى، ولا يبالغ في سلطات البرلمان فهو ممثل الأمة والذراع التشريعي والرقابي للسلطة».
وأشار موسى إلى أن «الديمقراطية والحقوق والحريات وعدم التمييز والإدارة المحلية، هي الأوجه الجديدة التي يقدمها الدستور، ناصحا من يهاجمونه بقراءته جيدا، أو تعديله وفق طرق وآليات محددة لينتقل الدستور من حسن إلى أحسن».
وقال يحيى قدري، نائب رئيس حزب «الحركة الوطنية»، ل«الشرق الأوسط» أمس إن الحديث عن تأجيل موعد الانتخابات سببه عدم صدور قانون تقسيم الدوائر، لكن لا توجد لدينا أي معلومات حول هذا الأمر.. ولم تصدر أي تصريحات رسمية بخصوصه، مؤكدا أنه «كلما تمت الانتخابات بأسرع وقت فهذا أفضل لمصر لأنها سوف تستقر بإتمام الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق».
وكان النائب البرلماني السابق حمدي الفخراني، قد أقام دعوى لتأجيل الانتخابات البرلمانية، بسبب الحالة الأمنية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 60 ألف مرشح للانتخابات، من المتوقع عقدهم مؤتمرات انتخابية يمكن استهدافها من جانب الإخوان، وقد يتطور الأمر لحدوث حرب أهلية خاصة في الصعيد، مؤكدا أن تأجيل الانتخابات غير مخالف للدستور، لأنه لا يوجب مواعيد محددة لإجراء الانتخابات، بل تحدث فقط عن بدء إجراءاتها، وقد بدأت بالفعل.
وتتسابق عدة أحزاب مصرية حاليا على تشكيل تحالفات لخوض تلك الانتخابات، التي ستجرى وفقا للنظام المختلط (بين الفردي والقائمة المطلقة)، ومن بين التحالفات التي تبلورت ملامحها حتى الآن، تحالف «الجبهة المصرية»، الذي يتشكل من أحزاب (الحركة الوطنية، مصر بلدي، الشعب الجمهوري، المؤتمر، التجمع، الغد، الجيل الديمقراطي، مصر الحديثة)، إلى جانب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، واتحاد النقابات المهنية، والنقابة العامة للفلاحين.
وتحالف الوفد، الذي يضم أحزاب (الوفد، المصري الاجتماعي الديمقراطي، الإصلاح والتنمية، الوعي، المحافظين)، بالإضافة إلى «التحالف المدني الديمقراطي»، الذي يضم أحزاب (الدستور، والكرامة، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والعدل، والتيار الشعبي، ومصر الحرية).
ويبلغ عدد أعضاء (مقاعد) مجلس النواب (المنتخبين) 540. منهم 420 سيجري انتخابهم وفقا للنظام الفردي، في حين ينتخب 120 وفقا لنظام القائمة المطلقة، أي أن القوائم تمثل ربع النظام الانتخابي، وهو ما يرفضه عدد من القوى السياسية المحسوبة على ثورة 25 يناير، وتعده يمهد لعودة النظام القديم.