■ إغلاق أكبر متنزه فى مصر تكلف مليار جنيه لأنه كان يحمل اسم سوزان ■ الحكومة رفضت استلام جائزة بريطانية لمشروع قصر الطفل وأرسلت المقاول بدلا منها كان يحكى لى القصة مترددا، ولم يدخل فى الموضوع مباشرة بل بدأ بمقدمة تؤكد أن الموضوع مهم بس صعب، وأكد أن الموضوع محتاج تفكير، فقد بدا الأمر له حساسا، وأكد لى أن هذا الموضوع يتهرب منه الوزراء والمسئولون لحساسيته وحرجه، تفتكروا ما هو الموضوع الحساس والحرج والذى يتصل بثورتى 25 يناير و30 يونيو، فهناك مشروعات مهمة وتفيد المجتمع وتحقق دخلا للحكومة لكن هذه المشروعات إما مغلقة أو مهجورة، لأنها مشروعات حملت اسم سوزان مبارك أو قامت سوزان قبل الثورة برعايتها أو مشروعات زارها جمال مبارك وشلته، باختصار مشروعات من عصر مبارك التعيس، ولذلك لا تجد هذه المشروعات مسئولا سواء وزيرا أو غيره من كبار المسئولين يدافع عن هذه المشروعات، والحكومة تعاملت مع بعض هذه المشروعات مثل الفضيحة التى يجب إخفاؤها، ولا يأتى لها ذكر فى الإعلام إلا كبلاغ للنائب العام، والسادة المسئولون فى الحكومة خائفون من غضب الشعب أو بالأحرى الثوار، وبعضهم يخاف حتى من وضع اسمه فى خبر أو صورة امام أو داخل هذه المشروعات لانها مشروعات عصر مبارك.
والتفسير الثورى الخاطئ والمرتبك والخائف والمرعوب للحكومة، وهذا التفسير أن الثورة قامت ضد فساد عصر مبارك ولذلك فمن الخيانة الثورية أن نعيد سيرة هذه المشروعات، والأفضل الردم عليها، حتى لو كنا فى الواقع نردم على أكثر من 6 مليارات جنيه، وحتى لو كانت هذه المشروعات ستدر أرباحا على الموازنة العامة للدولة التى تعانى فقر الدم إلى درجة خانقة.
أتحدث عن مشروعات أقيمت من أموال المصريين، ومن حق المصريين الاستفادة منها، حتى لو الهدف من إقامة المشروعات دعاية سياسية أو منفعة اقتصادية لطرف أو آخر فى نظام مبارك، أو حتى وسيلة لتلميع سوزان مبارك.
ينخفض نصيب إنفاق الأسرة المصرية على الترفيه ويصل المعدل المتدنى جدا إلى 3.7% بحسب احصائية لمركز (بصيرة)، ولا توجد داخل أو خارج القاهرة حديقة كبرى ومتنزه وملاه للأطفال قطاع عام، وذلك باستثناء ملاهى مدينة الإنتاج الإعلامى التى تقع فى مدينة 6 أكتوبر، ولذلك فإن فاتورة أو تكلفة فسحة للأسرة المصرية تكلف مئات الجنيهات، ولكن المثير أن حكومتنا الرشيدة جدا والثورية جدا. أهملت افتتاح وتشغيل أكبر متنزه عام بمساحة 200 فدان وبه أكبر وأحدث منطقة ألعاب مائية فى الشرق الأوسط، والسبب أن هذه الحديقة أنشأتها سوزان مبارك وكانت تحمل اسمها، وبعد ثورة 25 يناير تم تغيير اسم المتنزه الذى يقع بطريق السويس إلى «حديقة الأسرة». إلى هنا والقصة منطقية، وتم تقديم بلاغات للنائب العام فى إهدار مال الدولة على الحديقة، وكانت هذه البلاغات مستندة إلى أن بعض الوزارات تبرعت بملايين الجنيهات من موازناتها للحديقة من أجل خاطر وإرضاء سوزان مبارك، وكانت التكلفة النهائية للحديقة مليار جنيه من وزارات البترول والزراعة والبيئة، وربما تكشف التحقيقات عن وجود إهدار مال عام بالفعل خلال انشاء الحديقة، وهذه مهمة النيابة العامة، لكن ما حدث للحديقة أو أكبر متنزه فى مصر يثير الدهشة والغضب معا، فقد تبادلت الوزارات والهيئات رفض استلام الحديقة، وذلك خلافا للتقاليد العريقة للحكومة المصرية، ففور أن يبدأ مشروع جيد وضخم فى الانتهاء يبدأ الوزراء والمسئولون يتصارعون على ضمه إلى منطقة نفوذهم، ولكن هذا المشروع ملعون وقد يجر الكلام فى الإعلام، ولذلك اكتفى المسئولون بتعيين حوالى نحو 100 شاب لرى الحدائق، والمشروع مغلق بالضبة والمفتاح، وإذا كانت الدولة فى هذا الظرف الاقتصادى والأزمة المالية غير قادرة على إدارة المشروع وفتحه أمام المواطنين، فأقل واجب أن تمنح حق إدارته إلى القطاع الخاص من خلال مناقصة معلنة وشفافة، وتستفيد الحكومة من ملايين الجنيهات التى ستحصل عليها مقابل عقد الامتياز.
2
فضيحة فى الغابة
قصة المشروع الآخر الذى أقامته سوزان تمثل فضيحة بكل المقاييس، والمشروع هو مكتبة الطفل بالإسكندرية، وأقيم المشروع فى منطقة الغابة، ويضم المشروع أول وأكبر مكتبة لتعليم الأطفال من خلال الحيوانات المتحركة والكرتونية، ولذلك فإن المشروع تكلف 200 مليون جنيه، وبلغ من اهتمام سوزان مبارك بالمشروع أنها أرسلت بعثة من الشباب لأمريكا للتدريب على التعامل مع الأجهزة التقنية المتطورة جدا، وتأجل افتتاح المشروع ليواكب عيد ميلاد سوزان، ولكن الثورة داهمت الجميع وخلعتها هى وزوجها وعصرهما الفاسد، وبعد الثورة اختار المركز الثقافى البريطانى بلندن المشروع ضمن المشروعات الفائزة بجائزته الدولية لمشروعات الطفل، وأسقط فى يد الحكومة الثورية فى ذلك الوقت. الجميع خائف أن يذهب للندن ويستلم الجائزة، وأخيرا اخترعوا حلا شيطانيا، وأرسلوا المقاول الذى قام ببناء المكتبة لاستلام الجائزة، وكان الهدف من هذا الحل التنصل من أى صلة للحكومة بالمشروع، وحتى الآن لم يستفد أطفال مصر من كامل إمكانات مشروع التعلم الحديثة من خلال عالم الحيوانات، وكأننا حين نهدر المال العام الذى انفق على المشروع نعاقب سوزان مبارك أو زوجها أو عصره، ولكن فى الحقيقة نحن نحرم الطفل المصرى من حقه فى التعلم والتمتع بهذا المشروع، وحين يفتح الحديث عن هذا المشروع تسمع كلاما من نوع أنه مشروع سوزان وأن إقامته على أحدث مستوى فى إطار خطتها لنيل جائزة نوبل.
3
عار الصعيد
فى كل انتخابات أو استفتاء بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو تكشف النتائج عن غضب مشروع جدا لأهل الصعيد، وأن الفجوة بين العاصمة والصعيد تتزايد يوما بعد الآخر، ولذلك فإن إهمال مشروعات الصعيد التى بدأت فى عهد مبارك ولم تنته بعد هو جريمة مضاعفة، وأهم وأكبر مشروع للصعيد توقف لنفس السبب أو بالأحرى العقلية. كانت الدولة قد بدأت مشروع طريق الصعيد المزدوج ومشروعات على جانبى الطريق، فدون طريق سريع وآمن لن يصل لا المستثمر ولا المواطن سالما لبلده أو عمله أو مشروعه، ولذلك فبداية أى تنمية تبدأ من الطرق، وتم إنجاز الطريق الأول قبل الثورة، وتبقى ازدواج الطريق والمشروعات على جانبى الطريق والطرق الجانبية التى ستربط لأول مرة قرى ومدن الصعيد بالطريق السريع، ووفرت الدولة جانبا من تمويل بقية المشروع قبل الثورة، لكن المشروع توقف تماما بعد قيام الثورة، ولم يجد من يدافع عنه، لأن جمال مبارك كعادته (ركب) على المشروع بنصيحة من وزير الصناعة الهارب رشيد محمد رشيد، فقد أقنع رشيد جمال بأن يذهب فى زيارة خاطفة جدا لمدة ساعات للصعيد، وهذا هدف رشيد وجمال أن ينسب مشروع طريق الصعيد وبعض مشروعات التنمية بها للوريث، فوصم المشروع بأنه كان ضمن خطة التوريث، ومن المثير للغضب أن أول رئيس حكومة للثورة الدكتور عصام شرف هو أستاذ طرق، لكنه لم يهتم باستكمال الطريق لأنه اكتسب شرعيته فى ميدان التحرير، وخاف أن يفقدها لو أنه تجرأ على استكمال مشروع بدأ فى نظام مبارك. لم ينظر الرجل إلى الطريق كشريان الحياة لكل محافظات الصعيد، ومن بعده جاءت حكومة الجنزورى وانشغلت بإقامة مشروعات قومية جديدة، وكأن مشروع إحياء وربط محافظات الصعيد ليس مشروعا قوميا.أما حكومة الدكتور الببلاوى فخرجت علينا بمشروع المثلث الذهبى فى الصعيد وتجاهلت الطريق، وأخيرا أو بالأحرى مؤخرا وفى إطار خطة الرئيس السيسى بإصلاح منظومة النقل فى مصر. بدأ العمل ببعض الطرق فى مشروع طريق الصعيد ولتحقيق الاستفادة من المشروع، فيجب أن تتضمن خطة السيسى للطرق الطريق الرئيسى المزودج وتفريعاته، وهذه بداية جديدة ولكن يجب أن يلازمها الانتهاء من مشروعات التنمية سواء فى الظهير الصحراوى المتصل بالطريق أو المشروعات على جانبى الطريق، فقد أنفقنا بالمشروع أكثر من مليار ونصف مليار جنيه من خمس سنوات، والمشروع كان ستكلف نحو 3 مليارات، وكل يوم انتظار تزيد التكلفة من ناحية، وتهدر ما تم إنفاقه على المشروع من ناحية أخرى.