تبدأ غداً الأربعاء محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمحكمة عابدين برئاسة المستشار سمير وهدان، نظر أولى جلسات محاكمة رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، ونجلته بتهمة الكسب غير المشروع وتضخم ثروته.
كان المستشار إبراهيم الهنيدي، مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع، قد أمر بإحالة رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، وكريمته عاليا، الهاربين خارج البلاد، إلى محكمة الجنايات، لاتهامهما بالاستيلاء على نصف مليار جنيه، وتهريبها إلى قبرص، وإخفائها من إقرارات الذمة المالية المقدمة من رشيد بعد تركه منصبه الوزاري، إثر ثورة يناير 2011، وذلك بمعاونة كريمته.
وأصدر جهاز الكسب غير المشروع أمر قبض دولي، ووضع الوزير الأسبق وكريمته عاليا على النشرة الحمراء للمطلوبين دوليًا والهاربين من العدالة، بسبب استيلائهما على أموال وطنية وفقًا للاتفاقيات الدولية، مع تكليف الشرطة الجنائية الدولية "إنتربول" من خلال إدارتها بالقاهرة، بالقبض عليهما وملاحقتهما بالخارج.
وطالب جهاز الكسب غير المشروع، بسرعة إلقاء القبض على المتهمين، وحبسهما احتياطيًا على ذمة القضية، وإرسال صورة من التحقيقات إلى النيابة العامة لمواجهة رشيد بما كشفت عنه التحقيقات حول وجود جريمتي غسل الأموال، والحصول على معلومات داخلية من البورصة المصرية، بمشاركة آخرين، وذلك لاختصاص النيابة العامة بالتحقيق في تلك الوقائع.
وكشفت التحقيقات التي باشرها المستشار أشرف العشماوي، رئيس هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع، أن رشيد قام عام 2003 وأثناء عضويته بلجنة السياسات وأمانة الحزب الوطني "المنحل"، قد حصل بحكم نفوذه على معلومات جوهرية داخلية، تضمنت أن الشركة القابضة للأوراق المالية "هيرمس" تعتزم رفع رأس مالها وطرح أسهما للبيع بالقيمة الاسمية، وأن المساهمين الرئيسيين بالشركة سوف يحجمون عن دخول الاكتتاب وقت الإعلان عنه، مما يساعده على الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من الأسهم عن طرحها، مشيرة إلى أن رشيد قام، قبل الإعلان عن الاكتتاب وقبل اجتماع مجلس إدارة الشركة القابضة بنحو شهر تقريبًا، بالتقدم إلى بنك القاهرة بي إن بي باريبا، بطلب الحصول على قرض متوسط الأجل، بهدف شراء أسهم في البورصة وزيادة استثمارتة، مدعيًا – على خلاف الحقيقة – أنه يمتلك 8 ملايين سهم في شركة هيرمس، في حين كان في تلك الفترة يمتلك ألف سهم فقط، كأي مستثمر عادي لا يحق له الحصول على أسهم تفوق عددها.
وذكرت التحقيقات، أن إدارة البنك وافقت على منح قرض بقيمة 40 مليون جنيه، في اليوم التالي، لتقديمه الطلب، وبضمان ما قرره من ملكيته لعدد 8 ملايين سهم بالمخالفة للحقيقة، وتقدم بعدها لشراء هذه الكمية من البورصة، وأحجم بالفعل المساهمون الرئيسيون عن دخول الاكتتاب، وحصل "رشيد" على نحو 6 ملايين سهم تقريبًا، بقيمة السهم الاسمية 5 جنيهات، وباعها بثلاثة أضعاف قيمتها، وسدد جزءًا من القرض بعد أن تغيرت إدارة البنك، وطالبته بتصحيح أوضاعه لعدم جدية الضمانات، وأنه بعد تولي رشيد منصبه الوزاري، اتفق مع كريمته عاليا رشيد، على الحصول على قرض من ذات البنك باسمها، وبضمان 8 ملايين سهم لا يمتلكها، وتمكن بحكم نفوذه وسلطات وظيفته من الحصول على معلومات داخلية بأن الشركة القابضة سوف ترفع قيمة رأس مالها للمرة الثانية، مع إحجام المساهمين الرئيسيين لصالحه، وتسربت إليه تلك المعلومات قبل اجتماع مجلس الإدارة وطرح الأسهم للاكتتاب بنحو شهرين، حيث تحصلت كريمته بالفعل على القرض في ديسمبر 2005 بقيمة 100 مليون جنيه مقررة - على خلاف الحقيقة – أنها بهدف زيادة استثمارات شركات والدها.
وأوضحت التحقيقات، أن عاليا رشيد قامت في أعقاب ذلك بشراء أسهم في شركة "هيرمس" باسم الوزير الأسبق رشيد محمد رشيد، وقامت ببيعها بعد ارتفاع قيمتها نتيجة استحواذها على 10 ملايين سهم لصالحها، فبلغ إجمالي الأسهم 16 مليون سهم تقريبًا، تصرف فيها بالبيع في عام 2007 بقيمة إجمالية 700 مليون جنيه، سدد منها 178 مليون جنيه لبنك القاهرة قيمة القروض وفوائدها، حيث لم يشتر الأسهم بأمواله، وقام بتحويل 522 مليون جنيه إلى قبرص، ومنها إلى لندن، وأخفاها جميعًا عن إقرارات الذمة المالية.
ويواجه رشيد عقوبة جنائية تصل إلى السجن لمدة 7 سنوات، وغرامة مالية تصل إلى مليار و44 مليون جنيه، في حال إدانة المحكمة له بتهمة الكسب غير المشروع، وتواجه كريمته عاليا نفس العقوبة في حال الإدانة، لاشتراكها معه في ارتكاب الجريمة بطريقي الاتفاق والمساعدة، إضافة إلى مواجهتهما لجنح إخفاء مال متحصل من جريمة، وإغفال ذكر ممتلكات عمدا، بإقرارات الذمة المالية.
وكشفت التحقيقات أيضًا، أن رشيد تعمد إخفاء مشاركته في 14 شركة، وامتلاكه لعقارات وأراض بالإسكندرية ومطروح والقاهرة، في إقرارات الذمة المالية المقدمة منه.
وكان الوزير الأسبق وكريمته، قد غادرا مصر في شهر فبراير 2011، قبل تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعاشا فترة في دولة قطر، وحصلا على جواز سفر دبلوماسي، وترددا فترة على العاصمة البريطانية لندن، وعقب اتهامهما من جانب السلطات البريطانية بارتكاب جريمة غسل الأموال، عادا إلى الدوحة ومنها إلى جهة غير معلومة.
وطالب جهاز الكسب غير المشروع المحكمة، إدخال زوجة رشيد وذويه ليصدر حكم رد الأموال في مواجهتهم، في حالة الإدانة، حيث أن الأحكام الغيابية تنفذ فيها أحكام الغرامة ورد الأموال من ممتلكات المتهم التي تم التحفظ عليها.
واستغرقت التحقيقات في تلك القضية 5 أشهر فقط، في حين توقفت لمدة عام ونصف العام تقريبًا، فترة الرئيس السابق محمد مرسي، وقبلها بعدة أشهر عندما قامت النيابة العامة في عهد النائب العام الأسبق المستشار طلعت عبد الله، برفع اسم رشيد محمد رشيد من قوائم الترقب والمنع من السفر، وطلب من الاتحاد الأوربي أيضًا رفع التجميد عن أمواله دون أن تغلق التحقيقات أو تنتهي اللجان من عملها.