■إبراهيم طلب من عدلى منصور إعادة المجلس الأعلى للشرطة فقال له «مش وقته» فلم يكرر المحاولة مرة أخرى ■ مسئولون بالوزارة: قيادات القاهرة غير مناسبة لإدارة أمن العاصمة
الأحوال داخل وزارة الداخلية ليست على مايرام، قيادات غاضبة من الوزير.. ضباط فى انتظار حركة التغييرات القادمة والمقرر لها أن تعلن أواخر شهر يوليو.. إجماع من الكبار والصغار على أن مديرية أمن القاهرة فى أضعف حالاتها، مشاكل وصراعات داخل ديوان الوزارة.. يعلم بها صغار الضباط قبل قيادتهم.
ولكن المشكلة الرئيسية التى تواجهها الوزارة حاليا هى غضب مساعدى وزير الداخلية اللواء «محمد إبراهيم» من عدم إنشاء المجلس الأعلى للشرطة، والذى يرغب ويطمح كل من اقترب على المعاش أن يختم فيه حياته المهنية لأسباب مادية وأدبية.
آخر مجلس أعلى للشرطة كان فى عهد وزير الداخلية الأسبق اللواء «محمد إبراهيم يوسف» وبلغ عدده 17 قيادة أمنية من مختلف جهات الشرطة، وكان من قبل فى عهد الوزير الأسبق «حبيب العادلى» يصل إلى 25 قيادة ولكن «العادلي» كان دائما يخفض من أعداد المجلس الأعلى حتى وصل إلى 17 عضوا وظل كذلك حتى آخر مجلس عام 2012 فى عهد اللواء «محمد إبراهيم يوسف» والذى جاء من بعده الوزير السابق اللواء «أحمد جمال الدين» الذى غادر الوزارة سريعا عقب أحداث الاتحادية، ولم تتح له الأحداث ولا الوقت أن ينشئ المجلس، ثم تولى الوزارة اللواء «محمد إبراهيم» الوزير الحالى والذى يعد أطول وزير تولى وزارة الداخلية بعد ثورة يناير، وظل وزيرا للداخلية فى عهود ثلاثة رؤساء للجمهورية وهم «محمد مرسي- عدلى منصور- عبد الفتاح السيسى»، أى أن الفرص أتيحت له كثيرا كى ينشئ المجلس الأعلى للشرطة ولكنه لم يفعل.
بعض قيادات وزارة الداخلية يرون أنه لايرغب فى إنشائه والبعض الآخر يقول أنه عاجز عن إنشاء المجلس الأعلى للشرطة.. والذى كان يعقد بشكل أسبوعى لمناقشة أحوال الوزارة ومشاكلها ووضع خطط وآليات عمل.
ويأتى غضب مساعدى وزير الداخلية لعدم وجود مجلس أعلى للشرطة لأنه كما يؤكد بعضهم يعد تقديرا أدبيا فى المقام الأولى للضابط وتقديرا ماديا رغم أنهم يقولون إن الفارق المادى ليس كبيرا ولكنها زيادة مرغوب فيها كما أنها تزيد من المعاش، كما أنهم يؤكدون أيضا أن للمجلس الأعلى أهمية كبيرة فى وزارة الداخلية لأنه يتولى عدة مهام ولعل أولها هى استغلال خبرة هذه القيادات فى وضع الخطط العامة للوزارة وحل مشاكلها، ومن مهامه أيضا وضع وإجراء حركة التغييرات العامة والتصديق عليها والتى تحدث بشكل سنوى، وتحدث خلال العام كلما دعت الحاجة لعمل حركة، بسبب خروج بعض القيادات للمعاش وضرورة إحلال غيرهم فى مناصبهم أو عندما تستدعى الحالة الأمنية التغيير، أو عندما يطلب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أن تحدث حركة تغييرات فى أى وقت من العام.
كما أن المجلس الأعلى للشرطة هو الذى يتولى إحالة الضباط إلى الاحتياط وأيضا عودتهم من الاحتياط والإجازات، وإحالة الضباط لمجالس التأديب، والتصديق على المحاكمات التى تقررها مجالس التأديب، والنقل، والترقيات، إحالة الضباط للتفتيش، وانتداب الضباط، وانتهاء انتدابهم.. وأيضا مرتبات ومكافأت الضباط، وتكريمهم أو عقابهم..كما أن من مهام المجلس التصديق على علاج الضباط الذين يحتاج علاجهم إلى مبالغ كبيرة على نفقة الوزارة وبحث هذه الحالات والموافقة أو الرفض على العلاج على نفقة الوزارة.
ويؤكد بعض المسئولين داخل وزارة الداخلية أن المجلس الأعلى للشرطة كان يناقش دائما المشكلات والتحديات التى تواجه العمل الأمنى والبحث عن حلول لها، وآليات العمل داخل الوزارة، والسياسات العامة للشرطة وخططها وتطويرها، وأيضا من ضمن مهامه، بحث احتياجات الوزارة من أموال وأسلحة ومعدات وجميع الاحتياجات الأمنية وعمل تقارير بها لوزير الداخلية الذى يعرض هذه الاحتياجات والمتطلبات على رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وبحث إنشاء إدارات جديدة للشرطة أو دمج بعض الإدارات مع أخرى، ويؤكد بعض المسئولين بالوزارة أن المجلس كان يجتمع بشكل أسبوعى وكان أيضا يبحث ويناقش القضايا والجرائم الغامضة والتى لم يضبط الجناة فيها، ومن هنا يتم الاتفاق على ندب بعض الضباط للمساعدة فى إنجاز العمل.
أى أن للمجلس الأعلى للشرطة أهمية كبرى بوزارة الداخلية تفوق مسألة تكريم الضباط فى آخر مشوارهم المهنى، فهو يختص بكل شئون وزارة الداخلية والعمل الشرطى وكل شئون الضباط ورجال الأمن، ورغم ذلك ليس له وجود الآن.
وما علمناه من مصادرنا داخل الوزارة أن اللواء «محمد إبراهيم» وزير الداخلية بناء على طلب مساعديه ذهب ذات مرة للرئيس السابق «عدلى منصور» وطلب منه الموافقة على إنشاء المجلس الأعلى للشرطة، ولكن «منصور» قال له «مش وقته»، وصمت الوزير ولم يشرح للرئيس أهمية المجلس ومهامه ووظائفه وانعكاس ذلك على العمل الأمنى ووزارة الداخلية بشكل عام، حتى يعرف الرئيس دور هذا المجلس وضرورة إنشائه، والأهم من ذلك أن «محمد إبراهيم» لم يكرر المحاولة مرة أخرى، وهو ما أغضب قيادات الوزارة بشكل كبير لأنها مسئولية الوزير وكان من واجبه إقناع القيادة السياسية بإنشاء المجلس وتكرار المحاولة فى كل فرصة.. ولكن لم يفعل ذلك حتى الآن.
وطبعا يرى بعض المسئولين أن الرئيس السيسى غاضب الآن على الشرطة ووزير الداخلية منذ تفجيرات قصر الاتحادية وأن ذلك قد يعطل إنشاء المجلس لأن الوزير لن يجرؤ على طلب أى شىء منه الآن، وإذا كان لم يطلب من قبل فكيف يطلب الآن والرئيس «السيسى» يرى الشرطة مقصرة فى عملها ومتهاونة رغم أنه لابد من سرعة إنشائه الآن.
وعن حركة التغييرات العامة لضباط الشرطة والتى مقرر لها أن تعلن أواخر الشهر الحالى والتى كان يضعها ويصدق عليها المجلس الأعلى للشرطة فإنه تم عمل لجان متخصصة لعمل هذه الحركة ثم عرضها على الوزير.
كما أن ديوان وزارة الداخلية الآن يشهد فى بعض أروقته الخاصة بإدارات مهمة صراعات وخلافات شديدة بين الضباط، وهو ما ينعكس على أداء هذه الإدارات وعملها، والمدهش أن الصراعات تشمل ضباطا كبارًا ومديرى إدارات ولا يتدخل أحد من المسئولين لحل هذه الأزمة.
ويقول بعض المسئولين بالداخلية إن المجلس الأعلى للشرطة كان ذلك أيضا من ضمن مهامه أن يفصل فى الصراعات التى تنشأ بين الضباط وخاصة فى الإدارات المهمة بالوزارة لأن ذلك يؤثر سلبا على العمل وتنعكس آثاره على الضباط الصغار وتنتقل إليهم الصراعات والخلافات بالتدريج.. كما أن بعض الضباط تصل إليهم تهديدات الإخوان ويتعلم قيادات الوزارة أنهم مستهدفون ومع ذلك لا توجد أى حراسة عليهم رغم أن بعضهم طلب ذلك من رؤسائه ولكن لا أحد يهتم سوى بالقيادات الكبيرة ومساعدى الوزير فقط، وعليهم حراسة بشكل مكثف رغم أن الخطر لايهددهم كما يهدد الضباط المستهدفين بشكل واضح.
وفيما يتعلق بمديرية أمن القاهرة، وهى المديرية الأهم والأكبر بين مديريات الأمن على مستوى الجمهورية لأنها تتولى أمن العاصمة، يرى بعض قيادات وزارة الداخلية أن التغييرات الأخيرة الخاصة بمديرية أمن القاهرة غير موفقة، وأن العمل الأمنى بها الآن فى أضعف حالاته بما لايليق بأمن العاصمة، وأنه يجب عمل تغيير سريع فى قيادات القاهرة حتى تستطيع التصدى لما يحدث الآن من تحديات أمنية، وأن بعض مساعدى الوزير اعترضوا على قيادات القاهرة ولكن الوزير أصر على اختيارات القيادات الحالية والتى تبين أن هذه الاختيارات كانت غير مناسبة.