تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 140 جنيه خلال أسبوع    النائب عمرو درويش يعترض على الصياغة الحكومية لقانون الإيجار القديم    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى أهل مصر بدمياط ومصر جميلة يصل البحيرة    رئيس اتحاد الكرة الآسيوي: أرفض بشدة مقترح زيادة عدد المنتخبات بكأس العالم    انخفاض درجات الحرارة وسقوط للأمطار بمحافظة القليوبية    إنقاذ 2000 رأس ماشية من حريق في مركز أبو صوير بالإسماعيلية    حجز محاكمة متهم بحيازة مفرقعات ومقاطع تحريضية للنطق بالحكم    رمضان صبحي يقود كتيبة بيراميدز أمام فاركو    أحمد السقا يفقد الذاكرة وأحمد فهمي يتورط معه في مطاردة بالصحراء في فيلم "أحمد وأحمد"    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    «الإسكان»: مبيعات مبادرة «بيت الوطن» للمصريين بالخارج تسجل 10 مليارات دولار    الإسماعيلي: هل القانون يتيح استدعاء تقنية الفيديو للحكم من أجل بطاقة صفراء؟    رسمياً.. تحديد موعد ومكان نهائي كأس مصر    إعلام إسرائيلي: شركات طيران أمريكية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب    مصر وجزر القُمر توقعان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    استشهاد معتقل فلسطيني في مستشفى سوروكا الإسرائيلي    مصرع شخص وإصابة آخر إثر حادث تصادم في القرين بالشرقية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 17 متهمًا بضربة أمنية بالقاهرة    الإحصاء: 3.6 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وجزر القمر خلال 2024    وكيل مجلس "الشيوخ" يقترح سن قانون شامل للأمن السيبراني وإنشاء هيئة مستقلة لإدارته    «لوفتهانزا» و«إير يوروبا» تعلقان جميع رحلاتهما الجوية إلى مطار بن جوريون    فتاوي المصريين في نصف قرن.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعبر الأزمنة على متن المقتنيات الأثرية    رئيس الوزراء: مواجهة مخالفات البناء والتعديات جزء من تقييم أداء أي محافظ    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    الحكومة: مشروع قومي للصوامع يضاعف السعة التخزينية ويقلل فاقد القمح في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 956 ألفا و810 جنود منذ بداية الحرب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظتي القاهرة والوادي الجديد    حماس تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار الخانق منذ أكثر من 64 يومًا    ماجد الكدوانى ضيف شرف فيلم "المشروع إكس" مع كريم عبد العزيز    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    مستشفى سوهاج الجامعي تضم أحدث جهاز قسطرة مخية على مستوى الجمهورية    برلماني: كلمة السيسي باحتفالية عيد العمال تعكس تقديره ودعمه لدورهم في مسيرة التنمية    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    اليوم.. بدء تسليم قطع أراضي بيت الوطن المرحلة التاسعة للفائزين بمدينة دمياط الجديدة    13 شهيدا جراء قصف الاحتلال أنحاء متفرقة في قطاع غزة    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دي بروين: لا أعلم موقفي من المشاركة مع مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    بيان - "سلوك الجماهير رد فعل على غياب العدالة".. الزمالك يرفض عقوبات الرابطة ويتهمها بالتحيز    ضبط 37.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح يستهدف 3 أرقام قياسية أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على نجاح القمة العربية المقبلة في بغداد    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون الممتدة بين البلدين في القطاع الصحي    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    سر تصدر كندة علوش للتريند.. تفاصيل    بعد إخلاء المرضى.. اندلاع حريق محدود بمستشفى المطرية التعليمي    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب: رجال البيزنس فى مصر وكلاء للرأسمالية الاستعمارية متعددة الجنسيات!
نشر في الفجر يوم 16 - 06 - 2014

المعركة القادمة بين أهل السلطة وأهل الثروة.. من يرفع الراية البيضاء؟

■ شخصيات مؤثرة فى البورصة تدفع 20 ألف إسترلينى فى شمة الكوكايين النقى.. دون أن يهتز قلبها لعائلة مصرية فقيرة!

■ الإخوان عذبوا هشام طلعت مصطفى فى زنزانة انفرادية حتى استجاب لطلباتهم فنقلوه إلى مستشفى على النيل فى جناح خاص يستقبل فيه عائلته وزواره ويتناول فيه طعامه - هو وحراسه - من الفورسيزونز!

■ السيسى طلب من الأثرياء 100 مليار جنيه لتحسين صورتهم عند المصريين.. ولوضع قواعد جديدة للاستثمار بعيدة عن فساد نظام مبارك وابتزاز نظام مرسى!

■ على كبار السوق أن يجتمعوا معاً فى غرفة مغلقة ليجيبوا عن سؤال الساعة: كيف سيساعدون مصر فى ظروفها الصعبة؟

■ إذا لم يكن وليد حافظ غطاء لثروات جمال مبارك فمن أين له المال الذى امتلك به أبراجاً فى دبى وهو لا يملك سوى شركة صغيرة تبيع قطع غيار المصانع؟

■ وزير مالية مرسى منع أفراد عائلة ساويرس من السفر حتى استجابوا لطلبه واتفقوا على دفع أكثر من سبعة مليارات لكنهم لجأوا إلى القضاء لإلغاء الاتفاق ورد الاعتبار

■ عاطف عبيد منح صديقه عمر جميعى مصنع أسمنت حلوان بقرض بنكى حصل عليه بضمان المصنع.. باختصار اشترى المصنع دون أن يدفع مليماً!


فى مصر نوعان من «الريجيم».. نوع شديد القسوة تعيش عليه الأغلبية التى تأكل الفول والذرة والعيش الحاف.. ونوع شديد الميوعة تسعى إليه الأقلية التى تأكل البان كيك والسيمون فيميه وتارت الأناناس الاستوائى.

وبينما عاشت الأغلبية عارية تحت الريح والمطر نعمت الأقلية بحرارة المينك والاستراجان وفراء الدب القطبى.

وفى الوقت الذى استقبلت مصحات سويسرا مليارديرات مصر لإعادة الشباب إليهم عجزت مستشفيات مصر عن علاج فقرائها من الأمراض المزمنة والمتوطنة.

إن المسافة شاسعة بين من يملكون كل شىء وبين من يتمسحون بعتبات مار جرجس والسيدة زينب طلبا للستر ولو فى قبر.

لكن.. مخزون الصبر الذى ورثه المصريون عن سيدنا أيوب نفد من تكرار النهب والسلب والقنص.. فخرجوا على غير المتوقع فى يناير يسقطون نظاما فاسدا.. لم ينجب سوى تماسيح وحيتان وديناصورات تفرغت لالتهام الثروات دون أن يهتز لها جفن.

لم تكن ثورة «المعذبين فى الوطن» ثورة ايديولوجيات وإنما ثورة ملفات.. خبز.. وحرية.. وعدالة اجتماعية.. وكرامة وطنية.. كانت ثورة المسروق على سارقه.. والمأكول على آكله.. والمظلوم على ظالمه.. والمنهوب على ناهبه.

لكن.. تلك الثورة لم تجد فى نظام محمد مرسى الذى خطفها من يحقق أهدافها.. فجددت غضبها.. وأسقطت حكامها.. وغيرت مسيرتها.. وجاءت فى النهاية برئيس مختلف.. لعله يحقق ما تأخر من أحلامها.

لقد اختار المصريون عبدالفتاح السيسى رئيسا قبل أن يصوتوا له بنحو العام.. ورغم الأمانى والأغانى فإنهم لم يوقعوا له شيكا على بياض.. على قدر الحرية ستكون الشعبية.. بحجم نجاحه فى إعادة توزيع الثروة ستكون الجماهيرية.

وفى الوقت الذى فتحت فيه دول خليجية خزائنها دعما.. سحبت عائلات المال المصرية يدها شحا.. تجاهلت تلك العائلات دعوة السيسى بتقديم نحو 10 مليارات دولار.. دون أن تستوعب ما يرمى إليه.

أراد السيسى أن يعطى لجماعة البيزنس فرصة لكى يحسن أباطرتها صورتهم فى عيون المصرييين.. وهى صورة جمعية معتمة.. مؤلمة.. فاسدة.. ولا نقول فاجرة.

(إن المصريين لم يغضبوا من تعدد زيجات هشام طلعت مصطفى.. ولم يحسدوه على ما كسب من ثروات.. ولا على ما حصل من مميزات.. ولكنهم.. تعجبوا من حجم البذخ الذى منحه لسوزان تميم.. وحجم الأموال التى أهدرها تحت قدميها.. لقد خرجت من أسرة لبنانية متواضعة.. لكنها بعد أن قتلت وجد فى حسابها 200 مليون درهم غير العقارات والمجوهرات).

وأراد السيسى أن يقول لهم إن العلاقة الجديدة معهم ستكون محترمة.. مختلفة.. لا تقوم على فساد كما كانت فى نظام مبارك.. ولا تقوم على ابتزاز كما كانت فى نظام مرسى.

وأراد السيسى أن يقول لهم: ستضحوا قليلا.. لكنكم.. ستنالون فيما بعد خيرا وفيرا.

لكن.. هذه الرسائل لم تقرأ.. أو قرأت خطأ.. فراحت ماكينة الهواجس تدور فى نفوسهم.. وتحفز بعضهم للمواجهة.. وخرجت الحجة الشائعة.. «القطاع الخاص يستوعب ثلاثة أرباع العمالة وبدونه يسقطون فى هوة البطالة».

وقد كان من السهل أن يلتقى الكبار منهم فى غرفة مغلقة ليجيبوا على سؤال واحد ووحيد: ما الذى يمكن أن يقدموه إلى بلادهم فى ظروفها الصعبة؟.. وسيحدد ما ينتهون إليه مكانهم ومكانتهم فى النظام الجديد.. إما أن يتعاونوا أو يحاسبوا.. إما أن يمسحوا الصورة السيئة فى عيون الناس أو تصبح صورتهم أكثر سوءاً.

إننى أعرف أن الرئيس الجديد لا يأخذ بالشبهات.. ولا يميل إلى العنف.. ولا يغلق بسهولة أبواب التفاهم.. لكننى أعرف أيضا أن الجهات الرقابية والسيادية والحكومية تمتلك الملفات.. وتعرف كيف تكونت الثروات؟.. وكيف هربت المليارات؟

(تشير تقديرات بنكية مسئولة إلى أن حجم الأموال التى هربت خلال الثلاث سنوات الماضية يزيد على 30 مليار دولار ).

وما يثير الحيرة أن رجال الأعمال غير المطمئنين لنظام السيسى لم يترددوا فى الخضوع لضغوط النظام الإخوانى السابق ودفعوا ما طلب منهم من أموال صاغرين.. غير مقاومين.. ودون أن يفتحوا أفواههم بكلمة.. أو يعترفوا بما جرى لهم؟

استخدمت وسائل قانونية لتركيعهم.. مثل اتهام فى قضايا مالية.. أو منع من السفر.. أو التحقيق فى بلاغات أمام النيابة العامة.. وكلها أمور قضائية كانت تغلق فور الاستجابة بالدفع.

لقد هدد وزير مالية مرسى عائلة ساويرس بالسجن فى قضية تهرب ضريبى ومنع كبيرها من السفر ووضع رموزاً أخرى فيها على قوائم المطارات.. تربصا.. وترقبا.. فلم تجد مفرا من التعهد بدفع سبعة مليارات و200 مليون جنيه.. وسددت بالفعل مليارين ونصف المليار على أن تدفع الباقى على أقساط سنوية.. ولكن.. عندما سقط النظام لم تتردد فى إقامة دعوى قضائية ببطلان الاتفاق وأن قررت عدم استرداد ما دفعت فكأن القضية نوع من رد الاعتبار.

وتحت تهديد ذلك النظام دفع هشام طلعت مصطفى ما يقدره البعض بنحو 700 مليون جنيه لينجو من الزنزانة الانفرادية التى وضع فيها لمدة ثلاثة شهور قبل أن ينقل إلى مستشفى على نيل المعادى.. مرتديا ثيابا راقية.. على صدرها علامة «لاكوست».. مستقبلا عائلته وزواره بلا قيود.. متناولا هو وحراسته طعاما من فندق الفورسيزونز الذى يمتلكه.. لكنه.. ينكر أنه دفع مليما.. ويصر على أن وجوده فى المستشفى حق منحته له تقارير طبية تصف حالته بالخطورة بسبب إصابته بالمرض الذى أجهز على عمر سليمان.

ولم يتردد محمد وجدى كرارة (ابن ملياردير العقارات فى مصر الجديدة الذى ترك له ثروة تقدر بنحو مليارى دولار) بتكليف من حسن مالك فى أن يلعب دور الوسيط بين الإخوان وأحمد شفيق.. فى صفقة تهدئة تريح الطرفين.. لكن.. المفاوضات فشلت.. ربما قبل أن تبدأ.

ويشهد المستشار إبراهيم الهنيدى المسئول عن جهاز الكسب غير المشروع أن رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان مرسى وأسعد شيخة نائبه كانا يكتبان البلاغات الوهمية بنفسيهما ضد كل من لا يستجيب لطلبات الجماعة.. وكان يرفضان التحريات السلبية لضباط الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ويصران على كتابة تحريات غير حقيقية.. تستخدم فى ابتزاز رجال الأعمال.. أو عقاب غيرهم من رموز المعارضة.

لكن.. نظام السيسى على ما أعتقد لن ينزلق إلى تلك الهاوية غير الأخلاقية.. لن يضغط على رجال الأعمال أو يبتزهم.. لكنه.. فى الوقت نفسه لن يبيض سمعتهم.. فهل سيعيشون بيننا مكروهين أو سيهاجرون إلى ثرواتهم التى هربت إلى الخارج مجبرين؟

وسوف يصدم النظام الجديد رجال الأعمال الذين سيعودون إلى مصر بعد الهروب.. لن يمنحهم ثقته إلا بعد تصفية حساباتهم القديمة.

إن وليد حافظ هو أحد أصدقاء جمال مبارك.. وربما أحد الذين يستثمرون أمواله.. فهو يمتلك فى منطقة جميرا بدبى 20 برجا سكنيا.. لا نعرف كيف حصل عليها وكل ما يمتلكه توكيل لبيع قطع غيار مصانع الأسمنت وكان والده مجرد مدير فى شركة بتروجيت.. وفى الوقت نفسه لا يمتلك رامى مخلوف ابن خال بشار الأسد بكل ما نسب إليه من نهب سوى 8 أبراج هناك.

وهناك صديق آخر لجمال مبارك هو عمر طنطاوى.. منحوه نسبة من ميناء السخنة لمجرد أنه يقول لمبارك «يا أونكل» باعها ليدخل فى شركة أخرى مع أحمد عبدالعظيم لقمة امتلكت رصيفا فى ميناء دمياط بيع بنحو 120 مليون دولار (كان نصيبه منها 50 مليون دولار)إلى شركة هتشنسون.. وهى شركة متعددة الجنسيات.. مقرها هونج كونج متخصصة فى الموانئ والاتصالات وكادت تحصل على الرخصة الثالثة للمحمول لولا كراهية أحمد نظيف لكل شلة جمال مبارك.

ومن جديد عاد أسامة الشريف إلى مصر بعد هروب تجاوز العامين.. وأسامة الشريف أردنى الجنسية.. لا نعرف كيف حصل على ترخيص ميناء السخنة.. ومع أنه باع الميناء إلى شركة موانئ دبى وكسب 700 مليون دولار إلا إنه احتفظ بالإدارة.. ولم تكن عودته للراحة وإنما طمعا فى السيطرة على محور قناة السويس بشركات أجنبية جاء بها معه.. وقد نفاجأ بأنه نجح فيما يسعى إليه.. ويحلم به.

والملاحظة المهمة هنا.. أن كل من حصل على مشروع بتوصية أو بخصخصة أو برشوة سارع إلى بيعه إلى شركة أجنبية قوية ليضمن أنها ستقف للحكومة المصرية بالمرصاد إذا ما حاولت التدخل.. لقد جاءت الرأسمالية المنسوبة للوطنية بقوى استعمارية مالية.. إلا قليلا.

(باعت عائلة ساويرس ما تملك من مصانع أسمنت إلى شركة لافارج وباعت عائلة محمد نصير ما تملك من أسهم فى شركة المحمول الثانية إلى شركة فودافون وتكرر هذا السيناريو كثيرا فانتقلت الملكية العامة إلى ملكيات أجنبية).

هذه الملاحظة شديدة الخطورة.. فكثير من الشركات والبنوك المؤثرة فى الاقتصاد المصرى مؤسسات متعددة الجنسيات.. عابرة للقارات.. أشد بأسا من الحكومات القوية.. ويتجاوز نفوذها السياسى حجمها المالى.

وربما لن تظهر الوجوه المحروقة بنفسها على مسرح النظام الجديد مكررة نفس الجريمة القديمة.. لكنها.. ستتوارى وراء طابور خامس يخدمها.. ويتسلل إلى الرئاسة الجديدة.. على طريقة الذئب الذى تنكر فى ثياب الجدة العجوز ليلتهم ذات الرداء الأحمر.

إن هشام الخازندار واحد من الخبراء الموهوبين فى تمويل المشروعات وإعادة هيكلتها.. وقد دخل الدائرة القريبة من السيسى بصفته عضوا فى جمعية جرى اختراعها.. «جمعية خريجى هارفارد» التى دعا أحمد المسلمانى بعضا من أعضائها إلى لقاء السيسى.. فجلسوا معه ساعتين دون أن نعرف لماذا هارفارد بالذات وهناك جامعات أخرى لا تقل عنها قيمة واحتراما مثل ييل وستانفورد وأكسفورد وكامبريدج وأم آى تى؟.. لكنها.. مشيئة المسلمانى ولا راد لمشيئته.. أو هى الأوهام التى تأكلنا ونتصور أننا نأكلها.

وهشام الخازندار هو أيضا شريك أحمد هيكل فى شركة القلعة.. وسر من أسرار نجاحه وثرائه.. ومن غرائب التصرفات أن أحمد هيكل منع عمال وموظفى مزارع دينا التى تمتلكها شركته من التصويت فى الانتخابات الرئاسية فى الوقت الذى ترك فيه هشام الخازندار قريبا من دائرة السيسى.. على أمل التأثير عليه.

تخرج هشام الخازندار فى الجامعة الأمريكية عام 1996.. اشتغل فى شركة جى اف هيرميس منذ تخرجه حتى عام 2001.. ليسافر فى ذلك العام لعمل دراسات عليا فى هارفارد.. وعاد بعد عامين ليؤسس فى إبريل عام 2004 شركة القلعة مع أحمد هيكل وكان معهما مروان نبيل العربى شقيق زوجة أحمد هيكل.

وتبدأ قصة صعود هشام الخازندار وأحمد هيكل عند شخص ثالث هو عمر جميعى.. كان جميعى صديقا شخصيا للدكتور عاطف عبيد وقت أن كان وزيرا لقطاع الأعمال.. وبفضل هذه الصداقة اشترى جميعى شركة أسمنت حلوان من الحكومة دون أن يدفع مليما.. فقد طلب عبيد من البنوك إقراضه ثمن المصنع بضمان المصنع.. وخلق من العدم مليارديرا «على فيض الكريم».. كل ما يملك صلته الشخصية بالمسئول عن الخصخصة.

( تكررت عملية البيع المجانى لشركات القطاع العام بقروض من البنوك الحكومية أكثر من مرة لعل أشهرها بيع شركة الأهرام للمشروبات لشخص يدعى أحمد الزيات سرعان ما باعها إلى شركة أجنبية وفاز بعدة ملايين من الدولارات دون أن يدفع شيئا ).

وبضمان نفس المصنع اقترض جميعى من البنوك أيضا ما أهله لبناء مصنع أسمنت آخر.. وضمت المصنعين شركة سميت «أسيك» خرجت منها شركة أخرى هى «أسيك إنجيرنيرنج» تولت أعمال الصيانة فى مصانع أسمنت لا تمتلكها مقابل نسبة من الإنتاج.

كان جميعى متزوجا من سيدة سويسرية أنجب منها فتاتين.. تعيشان مع أمهما على أطراف زيورخ.. ولم يتح المرض الذى أصاب الرجل أن يكشف لها عن حقيقة ما يملك.. فلم تعرف بعد وفاته شيئا عمّا ترك.. ووجدت أمامها رجلين هما أحمد خليفة الموظف عند زوجها ومحل ثقته ومراقب الحسابات طارق مجدى حشيش.. نجحا فى إقناعها بأن «أسيك» مديونة للبنوك وأنها قد تخرج هى وابنتاها من المولد بلا حمص.. واقترحا عليها بيع الشركة إلى أحمد هيكل.

فى ذلك الوقت كان أحمد هيكل لا يمتلك سوى مكتب صغير متواضع فى عمارة بالجيزة.. ولكى يفوز بالصفقة استعان باثنين من أكثر خبراء التمويل ذكاء.. شقيقه حسن هيكل.. وهشام الخازندار.

سافر أحمد هيكل وأحمد خليفة وطارق حشيش إلى الزوجة الحزينة التى لا تعرف أن أسيك تنتج يوميا أكثر من خمسة ملايين طن أسمنت وتحقق أرباحا هائلة تجعلها شركة ناجحة.. قادرة على سداد ما عليها من مديونية.. ونجح الثلاثة فى إقناع السيدة بالبيع إلى أحمد هيكل مقابل 20 مليون دولار.. تدفع على خمسة شيكات آجلة.. وأدخل حسن هيكل وهشام الخازندار رجال أعمال خليجيين فى الشركة.. وخرج أحمد هيكل من العملية بنحو 400 مليون دولار.

على الفور اشترى أحمد هيكل طائرة خاصة (طراز فالكون 900) من شركة داسو الفرنسية.. نفس الطراز من الطائرات التى كان يستخدمها مبارك والقذافى.. طراز يطير بثلاثة محركات.. وتضمنه داسو طوال العمر.. وثمنها 48 مليون دولار.

وفى الوقت نفسه اشترى طابقا فى المبنى الإدرى لفندق فور سيزونز جاردن سيتى ليكون مقرا للقلعة.. وأصبح هشام الخازندار نائبا له ومندوبه فى دوائر العهد الرئاسى الجديد بعضوية جمعية خريجى هارفارد.

فى عام 2005 ضرب أحمد هيكل ضربته الثانية.. الشركة المصرية للأسمدة.. شركة تساهم فيها الحكومة عبر بنوكها الوطنية بجانب مستثمرين آخرين على رأسهم الخرافى.. دخلت «القلعة» لتستحوذ عليها عبر شركة «جى أف هيرميس» التى يديرها ياسر الملوانى وحسن هيكل فى حالة صارخة من حالات تضارب المصالح.

كانت قيمة العملية 730 مليون دولار.. دفعت القلعة نصف المبلغ «كاش».. واقترضت النص الآخر.. وبعد عامين باعتها إلى شركة «أبراج كابيتل» بمليار وأربعمائة مليون دولار.. محققة نسبة ربح عالية فى سنتين.. لا تتوافر فى تجارة السلاح.

شركة أبراج كابيتل شركة استثمارية.. مقرها دبى.. يرأسها باكستانى يدعى عارف كامير.. نائبه مصطفى عبدالودود كان موظفا فى إحدى شركات عائلة ساويرس قبل أن ينتقل إلى هيرميس ويفتح فرعا لها فى دبى.. تعرف على عارف ونجح فى بيع نسبة من هيرميس إليه وخرج بعمولة 80 مليون دولار.. هو وغيره من بعض مسئولى هيرميس.. وبعدها انضم إلى أبراج.

أصبحت أبراج متربصة لكل ما يمكن اقتناصه فى مصر.. فاشترت معامل البرج من صاحبها شريف ناصح أمين.. ودخلت طرفا فى صفقة المصرية للأسمدة التى انتهت ملكيتها إلى ناصف ساويرس فى عام 2008 بعد أن دفع ملياراً وستمائة مليون دولار.. نصف المبلغ «كاش».. والنصف الآخر أسهم فى شركة أوراسكوم للإنشاءات.. واقترض ناصف ساويرس بضمان الشركة ملياراً و120 مليون دولار.

كانت قيمة الشركة فى حصة الغاز الرخيص التى خصصتها الحكومة لها.. وقد حاولت وزارة البترول فيما بعد رفع سعر الغاز المستخدم فلم يقبل ناصف ساويرس ولجأ إلى التحكيم.

والحقيقة أن «حصص الغاز الرخيص» التى منحت إلى شخصيات قريبة من عائلة مبارك كانت مصدرا مباشرا من مصادر تكوين ثروات المحاسيب.. سنجد فى قائمة الأسماء شخصيات معروفة أو شخصيات تنتمى إلى شخصيات كانت مسئولة.

أما الملف الذى تسود له الوجوه من شدة الهباب الذى يغطيه فهو ملف البورصة.. ومن حسن الحظ أن هيئة سوق المال وجهاز الرقابة عليها يمتلك سجلات إلكترونية لكل ما جرى من تعاملات.. وكل ما تحقق دون حق من ثروات.

إن شهداء البورصة سبقوا شهداء الثورة.. فهناك على سبيل المثال الرجل الذى قتل عائلته ثم انتحر بعد أن فقد كل ما يملك بسبب اللعب فى الأسهم التى ضارب عليها.

ولا يذكر ما يجرى فى البورصة إلا ويذكر معه ما تفعل شركة هيرميس التى اتهم اثنان من مديريها فى قضايا جنائية.. حسن هيكل الهارب فى لندن.. وياسر الملوانى الذى يسأل أحيانا على سبيل الاستدلال لا الاتهام.

إن قضية بيع البنك الوطنى المصرى نموذج للتلاعب فى البورصة بأدوات هيرميس.. وقضية تربح رشيد محمد رشيد نموذج آخر.. وبدعوى الخوف على البورصة من الانهيار جرى التستر على قضايا أخرى ارتكبها تايكونات الثروة الحرام فى مصر.. ومنها تزوير شهادات زيادة رؤوس أموال شركات بعضهم دون المساس به.

وبفتح ملفات الأراضى السياحية والسكنية التى حصلوا عليها فى أربعة أنحاء البلاد تكتمل الصورة القبيحة لغالبية رجال الأعمال فى مصر.

وما يثير الدهشة أنهم كانوا أول من باعوا مبارك الأب الروحى لهم وركبوا قطار الثورة.. وانضموا إلى حكمائها.. وتحدثوا بلسانها.. فهم جاهزون لكل عصر.. ومستعدون لكل حكم.. بشرط أن يكسبوا ولا يدفعوا.

وقد فطنوا مبكرا لأهمية الإعلام.. فتسابقوا على شراء صحف وقنوات ومواقع إلكترونية.. بجانب ذمم بعض من يعمل بها.. لتفتح النيران على كل من يقترب منهم.. أو لتشوه سمعة من يكشف فسادهم.. ولا تثق كثيرا فى أناقة ثياب وكلمات بعضهم.. فتحت الجلد بلطجى أحيانا.. وربما لن تصدق أن هناك منهم من يشم الكوكايين النقى.. ويدفع 20 ألف جنيه إسترلينى (نحو ربع مليون جنيه) فى المرة الواحدة.

هذه الصورة المكروهة.. غير المقبولة.. يمكنهم تغييرها.. أو تحسينها.. لو استجابوا لنداء النظام الجديد.. وقدموا بعضا مما كسبوه دون قيد أو شرط.. وما طلب منهم لن يؤثر على ثرواتهم.. بل ربما يفتح لهم الفرص لمزيد من المكاسب بشروط مختلفة.. محترمة.

لا أحد يمكنه أن يستأجر بيتا فى كل العصور.. لا أحد يمكنه أن يكسب فى كل النظم.. لا أحد يقدر على العيش سعيدا وكل من حوله يكرهه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.