لم يكن ثمة شخص علي أرض مصر إبان ثورة يناير، يعرف أنه عندما انتفض الشعب المصري وشبابه ضد ظلم وفساد عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، يعرف أن رجل المخابرات الأول عبد الفتاح السيسي، سيكون رجل مصر الأول ورئيسها في غضون ثلاث أعوام فقط من اندلاع ثورة يناير.
المحطات التاريخية التي مر بها السيسي منذ أن كان في المخابرات الحربية وحتي توليه مقاليد السلطة في البلاد فترة قصيرة للغاية، ولكنها في الوقت ذاته عميقة وقوية، حيث أن ضرباته كرجل مخابرات لجماعة الإخوان والقوي الأقليمية الداعمة له، ساعدته وجعلت له ظهير شعبي قوي، كان هو بداية تمهيد طريق الصعاب، وهو طريقه لحكم مصر.
اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية هو رجل الإخوان المسلمين في القوات المسلحة".. هكذا أشاع عنه الإخوان، عقب حلفه لليمين الدستوري أمام المعزول مرسي، وبداية شهرة المشير السيسي، عندما تم تعيينه وزيرًا للدفاع في عهد مرسي، عقب مجزرة رفح الأولي وإقالة المشير حسين طنطاوي، ولكن السيسي كان أول مسمار في نعش الإخوان.
واستمر السيسي في منصبه كوزيرًا للدفاع، منذ شهر اغسطس 2012، وحتي أواخر شهر مارس من العام الحالي، وكان بداية بزوغ نجم السيسي، عندما دعا القوي السياسية إلى حوار وطني عقب إصدار مرسي للإعلان الدستوري، وبعد أن رفضت القيادات السياسية دعوة مرسي، وقبلت دعوة السيسي، ولكن بعد ترتيب اللقاء وإعداده، جاء قرار رئاسي من المعزول بإلغاء الدعوة نهائيًا.
واستمر السيسي في منصبه، محاولًا إصلاح ما تهدمه جماعة الإخوان، حتى جاء شهر إبريل، ليعلن الشباب تمردهم على حكم مرسي وجماعته، وبدأت "حملة تمرد" تجميع توقيعات الشعب المصري، لرحيل جماعة الإخوان، إلا أنه جاء يوم الثلاثين من يونيو، ونزل الشعب المصري إلى الشوارع والميادين، ليقولوا لمرسي "ارحل".. في الوقت نفسه أصدرت القوات المسلحة بيانًا رسميًا تمهل فيه مختلف القوي السياسية، وعلي رأسهم جماعة الإخوان، 48 ساعة لرأب الصدع، وتحقيق الرئيس لمطالب الشعب، إلا ان ظهر مرسي في خطاب هدد فيه جميع معارضيه، واتهم عدد من القضاة بالتزوير، ما تسبب في ازدياد غضب الشارع المصري.
وفي يوم الثالث من يوليو، انتشرت قوات الجيش في الشوارع المصرية، وفي مساء اليوم نفسه، ظهر السيسي في خطاب رسمي توافقي، أعلن فيه عزله لمرسي وتعطيل دستور 2012، وتعيين المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية، رئيسًا مؤقتًا لمصر، لحين انتخاب رئيس جديد، استجابة للشرعية الثورية.
حينها اشتعلت قلوب المصريين بحب الفريق أول عبد الفتاح السيسي، واعتبروه هو القائد والمخلص، والذي يشبه ناصر في الكاريزما الشخصية والعسكرية، حتي طالبته الجماهير بالترشح لرئاسة الجمهورية، نظرًا لانه الأجدر علي إدارة هذه المرحلة الصعبة من حكم مصر.
وفي يناير من العام الحالي، قرر المجلس الأعلي للقوات المسلحة تفويض القائد العام وزير الدفاع والانتاج الحربى المشير عبدالفتاح السيسى بالترشح فى الانتخابات الرئاسية، وأن يترك للشعب قرار الإختيار.
وفي الشهر ذاته، قرر المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت أنذاك، ترقية الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلي رتبة مشير.
وفي مارس، قرر السيسي اعتزاله منصب وزير الدفاع والترشح لرئاسة الجمهورية استجابة لمطالب الشعب، حيث قال: "إعتزامي الترشح لا يصح ولا يجوز أن يحجب حق غيري في الترشح، وسيسعدني أن يحوز أي مرشح ثقة الشعب، وكلنا أبناء مصر ونسير في قارب واحد، ولن يكون لنا حسابات شخصية نصفيها، ونمد أيدينا للجميع في الداخل والخارج، وأي مصري لم تتم إدانته بالقانون هو شريك فاعل في المستقبل، وأن كل الصراعات تمزق الوطن، أقف أمامكم وأثق في الله وفيكم أن مصر ستتغير بيد الجميع، والقوى السياسية أو الجيش لم يكن هما من أزاحوا النظامين السابقين".
وفي شهر أبريل تقدم المشير بأوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية بأكثر من 500 ألف توكيل للترشح للرئاسة، وفي مايو، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات رسميًا، صباحي والسيسي مرشحين لرئاسة الجمهورية.
وفي الرابع من يونيو، اعلنت اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار أنور العاصي، فوز المشير عبد الفتاح السيسي بمنصب رئاسة الجمهورية بنسبة 96 %.
وفي صباح أمس الأحد، تم تنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيسًا لجمهورية مصر العربية رسميًا، في حفل مهيب بقصر القبة، بعد أن أدى اليمين الدستورية أمام مستشاري المحكمة الدستورية العليا، كأول رئيس منتخب عقب ثورة يونيو.