قررت النيابة العامة حفظ التحقيقات في البلاغين المقدمين من الجهاز المركزي للمحاسبات, بشأن تخصيص أراض تقع ضمن ولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالمخالفة للقانون, وطرح البنك المركزي لأذون خزانة بالدولار الأمريكي للاكتتاب العام خاصة الضرائب بالمخالفة لقانون الضريبة على الدخل, وذلك بعدما انتهت التحقيقات على ثبوت عدم وجود شبهة جريمة عدوان على المال العام, وما توصلت إليه تحريات هيئة الرقابة الإدارية من عدم صحة ما ورد بالبلاغين جملة وتفصيلا. كانت النيابة العامة قد باشرت التحقيق في التقريرين (البلاغين) فور ورودهما إليها, كلا على حدة.. حيث تم الاستماع إلى أعضاء الجهاز المركزي القائمين بالفحص, وموظفي مؤسسات الدولة التي خضعت أعمالها للفحص, وقامت النيابة بتمحيص كافة المستندات الرسمية التي قدمها جميع الأطراف, وتم تكليف هيئة الرقابة الإدارية بإجراء التحريات السرية الدقيقة عن كافة التفصيلات التي تضمنها التقريران.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن عدم صحة ما تضمنه التقريران من وقائع, جملة وتفصيلا, حيث تبين من التحقيقات وجود تناقض واضح بين ما أثبته أعضاء الجهاز القائمون بالفحص وما شهدوا به أثناء التحقيقات من جهة, وبين الواقع الحقيقي الذي توصلت إليه التحقيقات من جهة أخرى, على نحو بات معه كل منهما منفصلا تماما عن الآخر, حيث أكدت التحقيقات أن الجهاز المركزي للمحاسبات أعد تقريرين تناولا أمورا غير حقيقية, وإبلاغ الجهاز للنيابة العامة عن وقائع لا تستند إلا لافتراضات وتخمينات غابت عنها الأدلة.
وأظهر تقرير هيئة الرقابة الإدارية أن التحريات السرية والدقيقة التي باشرتها الهيئة, بشأن بلاغات الجهاز المركزي للمحاسبات, أسفرت عن عدم صحة كل تلك البلاغات جملة وتفصيلا.
وتبين من تحقيقات النيابة العامة أن عضوي الجهاز المركزي للمحاسبات اللذين أعدا التقريرين محل التحقيقات, قد ارتكبا جناية اختلاس مستندات من شركة السادس من أكتوبر الزراعية, والإضرار العمدي بمصالح الغير وذلك في سبيل حصولهما على تلك المستندات من الشركة, وعدم ضمهما للتقريرين, وعدم ردهما عقب الانتهاء من التقريرين محل التحقيقات, وهو الأمر الذي قررت معه النيابة نسخ صورة من التحقيقات تخصص للتحقيق فيما هو منسوب إليهما في هذا الشأن.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن عدم صحة ما ورد بالتقرير الأول للجهاز المركزي للمحاسبات, في شأن تخصيص أراض تقع ضمن ولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالمخالفة لأحكام القانون.. حيث ذكر التقرير أن الأراضي الواقعة بمنطقة الحزام الأخضر تم تخصيصها بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات وبسعر 7 آلاف جنيه للفدان الواحد, في حين أن سعره الحقيقي 594 ألف جنيه.
وأوضحت التحقيقات أن تقرير الجهاز المركزي أغفل ما نصت عليه المادة 27 من اللائحة العقارية التي أتاحت للهيئة التصرف في الأرض بعدة طرق, من بينها الأمر المباشر بسعر محدد سلفا, وهي الآلية التي إتبعتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها حتى عام 2006.
وجاء بأقوال عضو الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أعد التقرير, خلال التحقيقات التي باشرتها نيابة الأموال العامة العليا, أن السعر الذي تم بيع الفدان به (7 آلاف جنيه) هو سعر عادل, وهي ذات الشهادة التي أدلى بها أعضاء الجهاز في قضايا أخرى بشأن تسعير الأرض, فضلا عن افتقاد الإدعاءات الواردة بالتقرير لأي منطق من اعتبار أن سعر الأرض المخصصة للزراعة عام 1997 هو ذاته سعر الأرض السكنية عام 2007.
وأكدت تحقيقات النيابة العامة أن ما إدعى به الجهاز من أن التخصيص لأعضاء الهيئات القضائية والشرطة, مخالف لنص المادة 77 من قانون العاملين المدنيين بالدولة, هو إخبار بواقعة لم ترد في أي تقارير سابقة للجهاز, وأن ما أورده التقرير مغلوط تماما, إذ كشفت التحقيقات أن التخصيص تم لأشخاص وليس هيئات, وذلك عن طريق شركة السادس من أكتوبر الزراعية بشأن الأرض التي خصصتها لها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
كما ثبت من التحقيقات أن التخصيص الذي تم عام 1991 للمحكمة الدستورية العليا ونادي القضاة والنيابة العامة, تم إلغاؤه بقرار من وزير الإسكان في العام التالي مباشرة (1992).. وأنه في عام 1993 طلبت جمعية 6 أكتوبر الزراعية تخصيص تلك الأراضي لها, وتم تخصيص مساحات منها لأشخاص يعملون بتلك الجهات, وهو أمر منبت الصلة عن صفاتهم الوظيفية.
وتبين من التحقيقات أيضا عدم صحة ما أورده التقرير من أن أعضاء الهيئات القضائية والشرطة الذين خصصت لهم بعض الأراضي, قد تهربوا من دفع تكلفة المرافق لكون التخصيص لم يتضمن سعر المرافق.. وهو الأمر الذي أثبتت التحقيقات من واقع أقوال الشهود أنه دعاء بالباطل ولا أساس له من الصحة.
وأوضحت التحقيقات أن مسئولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي, شهدوا بالتحقيقات, أن شركة 6 أكتوبر الزراعية تحملت نفقات المرافق وتكلفة إنشاء خط المياه الواصل لحدود الأرض الذي تستفيد منه مياه الصرف الصحي المعالجة, وذلك نظير مقابل مادي, وهو ذات ما ينسحب على الكهرباء الذي تحملت الشركة المذكورة تكلفة إنشاء شبكتها الرئيسية.