حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور..أهم محقق استقصائي في العالم يكشف..أردوغان ضرب السوريين بالكيماوي لإجبار أوباما علي إزاحة الأسد
نشر في الفجر يوم 20 - 04 - 2014

كشف "سيمور هيرش"، أهم محقق استقصائي في العالم، الفضيحة الكاملة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، والذي قام فيها بضرب سوريا بالكيماوي لإجبار الرئيس الأمريكي أوباما علي التدخل في سورية والإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من سدة الحكم.



حيث أوضح هيرش نقلا عن موقع خارج السرب، أن باراك أوباما قام عام 2011 بالتدخل عسكريا في ليبيا عبر تحالف عسكري بدون موافقة الكونغرس الأمريكي. في آب من العام الماضي، بعد هجمة بغاز الأعصاب على الغوطة قرب دمشق، كان مستعدا لإطلاق ضربة جوية، وذلك تحت ذريعة معاقبة الدولة السورية على تجاوز “الخط الأحمر” الذي تحدد عام 2012 والمتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية. * لكنه وقبل يومين على موعد تلك الضربة صرّح بأنه سيطلب موافقة الكونغرس على التدخل.



وتم تأجيل الضربة بانتظار جلسة الكونغرس، ومن ثم ألغاؤها بعد قبول أوباما بعرض الرئيس الأسد بالتخلي عن ترسانة السلاح الكيماوي عبر صفقة روجت لها روسيا. فما سبب تأخير أوباما لخطة التدخل في سوريا ومن ثم التخلي عن تلك الخطة في حين أنه سارع للتدخل في ليبيا؟ الجواب هو نتيجة الصراع بين المسؤولين في الأدارة الأمريكية الذين كانوا راغبين بوضع ذلك الخط الأحمر موضع التنفيذ وبين القادة العسكريين الذين ارتأوا أن الدخول في حرب كان أمرا غير مبررا ومع احتمال وجود نتائج كارثية له.



السبب الرئيسي وراء قيام أوباما بتغيير رأيه كان في خبايا “بورتون داون” مخبر الدفاع في ويلتشاير. حصلت المخابرات البريطانية على عينة من غاز الأعصاب الذي تم استخدامه في هجوم 21 آب على الغوطة وأظهرت نتائج التحليل أن الغاز المستخدم لا يتطابق مع نوعية الغاز الموجودة في ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية. على وجه السرعة تم تمرير رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مفادها أن الحجة ضد سوريا ليست قوية ولن تصمد. أدى التقرير البريطاني إلى زيادة مستوى الشكوك داخل البنتاغون، وكان رؤساء الأركان يستعدون لتحذير أوباما من أن خططه للهجوم على سوريا باستخدام صواريخ وقنابل موجهة بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط.



وعند استلام الرسالة، قام الضباط الأمريكيون بتقديم تحذير في اللحظة الأخيرة للرئيس الأمريكي، وأدى ذلك في النهاية، وفق وجهة نظرهم، إلى إلغاء الهجوم.



طوال شهور عديدة، كانت لدى كبار القادة العسكريين والمخابرات مخاوف شديدة حول دور البلدان المجاورة لسوريا في الحرب القائمة هناك.، وخاصة الدور التركي. وكان معروفا أن رئيس الوزراء أردوغان يقوم بدعم جبهة النصرة، وهي مجموعة جهادية من الفصائل المعارضة، إضافة إلى مجموعات إسلامية أخرى. في تصريح خاص، أخبرني مسؤول سابق كبير في المخابرات الأمريكية ممن لديهم اطلاع على المعلومات الاستخبارية الحالية بمايلي: “كنا على علم بأن بعض المسؤولين في الحكومة التركية كانوا على قناعة من قدرتهم على إيقاع الرئيس الأسد في ورطة كبيرة عبر تدخلهم في تدبير هجوم بغاز الأعصاب في سورية، وبالتالي إجبار أوباما على تنفيذ تهديده بعدم تجاوز الخط الأحمر.”



وكان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يدركون أيضا أن مزاعم إدارة أوباما العلنية حول أن الجهة الوحيدة التي تملك القدرة على استخدام غاز الأعصاب هي الجيش العربي السوري كانت مزاعما غير صحيحة. فالمخابرات الأمريكية والبريطانية كانت تعلم سلفا منذ ربيع عام 2013 أن بعض المجموعات المسلحة في سوريا تقوم بتصنيع أسلحة كيماوية. بتاريخ 20 حزيران، قدم محللون من وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية لنائب مدير الوكالة، ديفيد شيد، ملف سري للغاية من خمس صفحات، ويقول الملف أن جبهة النصرة لديها وحدة لإنتاج غاز الأعصاب المعروف باسم السارين: وبحسب الملف “يعتبر برنامج تلك الوحدة أحد أكثر برامج السارين تطورا منذ جهود القاعدة ما قبل 9/11″. (بحسب تصريح مستشار تابع لوزارة الدفاع، تعلم المخابرات الأمريكية منذ زمن طويل أن القاعدة أجرت اختبارات على أسلحة كيمياوية ويوجد لديها شريط فيديو يظهر تجارب استخدام الغاز على الكلاب). يتابع ملف وكالة مخابرات الدفاع: “كان تركيز المخابرات في الماضي موجه بشكل تام تقريبا على مخزونات الأسلحة الكيمياوية السورية، أما الآن فنحن نكتشف أن جبهة النصرة تعمل على تصنيع أسلحة كيمياوية خاصة بها… ونتيجة الحرية العملياتية النسبية لجبهة النصرة في سوريا، نقدر أنه سيكون تعطيل طموحات الجبهة في تصنيع الأسلحة الكيمياوية في المستقبل أمر صعب”. اعتمد الملف في تقديراته على معلومات استخباراتية سرية من وكالات استخبارات عديدة: “حاول سماسرة مواد كيماوية من تركيا والسعودية الحصول على سلائف السارين بالجملة، عشرات الكيلوغرامات، وعلى الأرجح من أجل الإنتاج المتوقع على مستوى ضخم في سوريا” (عند سؤال المتحدث باسم مدير المخابرات القومية عن الملف، أجاب: “لم يتم أبدا طلب وضع هكذا ملف أو تقديمه من قبل محللي المخابرات.”)



في أيار الماضي، تم اعتقال أكثر من عشرة أعضاء من جبهة النصرة جنوب تركيا وبحوذتهم، حسبما صرحت الشرطة المحلية للإعلام، كيلوغرامين من السارين. ضمن لائحة الإتهام المؤلفة من 130 صفحة، تم اتهام المجموعة بمحاولة شراء صمامات ومواسير لتصنيع مدافع الهاون، إضافة إلى السلائف الكيمياوية اللازمة لتصنيع السارين. تم الإفراج عن خمسة أشخاص من أصل العشرة الذين تم اعتقالهم بعد فترة وجيزة. وتم الإفراج عن الباقين بما فيهم قائد المجموعة، هيثم قصاب، الذي طالب الإدعاء بحبسه لمدة 25 عاما، إفراجا مؤقتا بانتظار المحاكمة. في تلك الأثناء، نشرت وسائل الإعلام التركية تكهنات عن قيام حكومة أردوغان بالتغطية على مدى تورطها مع المسلحين. نفى السفير التركي في موسكو أثناء مؤتمر صحفي الصيف الماضي عملية الإعتقال وادعى أن “السارين” المزعوم كان مجرد مادة “مانعة للتجمد”.



اعتبر ملف وكالة مخابرات الدفاع عملية الاعتقال كدليل على قيام النصرة بتوسيع قدرتها على الحصول على أسلحة كيمياوية. كما ذكر أن “قصاب” أقر بأنه عضو في جبهة النصرة وأنه يتصل مباشرة بأمير التصنيع الحربي في جبهة النصرة المعروف باسم عبد الغني. قام القصاب مع زميله خالد أسطة بالعمل مع هاليت أونالكايا وهو موظف في شركة تركية Zirve Export، حيث وفر لهما عروض أسعار لكميات كبيرة من سلائف إنتاج السارين. كانت خطة عبد الغني هي قيام اثنين من العاملين معه باتقان عملية إنتاج السارين، ومن ثم التوجه إلى سوريا لتدريب الآخرين على إطلاق إنتاجه على مستوى واسع في مختبر سري موجود في سوريا.” كما ذكر الملف قيام أحد عملائه بشراء سلائف من “سوق بغداد الكيماوي” كانت كافية لسبع محاولات لإنتاج سلاح كيمياوي منذ عام 2004.



توجهت بعثة خاصة تابعة للأمم المتحدة إلى سوريا للتحقيق بشأن سلسلة من الهجمات الكيميائية وقعت بين شهري نيسان وآذار 2013 واستغرق عملها عدة أشهر. مصدر وثيق الإطلاع على نشاط الأمم المتحدة في سوريا كشف لي عن وجود دليل يربط المعارضة السورية بالهجوم الأول بغاز الأعصاب الذي وقع في 19 آذار على بلدة خان العسل، وهي قرية قرب حلب. في تقريرها النهائي الصادر في كانون الأول، قالت البعثة أن 19 مدنيا وجندي سوري واحد على الأقل كانوا من ضمن الضحايا إضافة إلى أعداد من المصابين. تقرير من المسؤول عن الهجوم لم يكن من مسؤوليات تلك البعثة، لكن أحد المطلعين على نشاطات الأمم المتحدة صرح قائلا: “قام المحققون بأخذ إفادات الأشخاص الذين تواجدوا في المكان، بمن فيهم الأطباء الذين أسعفوا الضحايا. كان من الواضح أن المتمردين هم من استخدم الغاز. لكن لم يتم نشر ذلك علنا لأن لا أحد أراد أن يعرف بذلك.”



في الشهور التي سبقت الهجمات أحد كبار المسؤولين السابقين في وزارة الدفاع الأمريكية أخبرني أن وكالة مخابرات الدفاع كانت تصدر تقريرا سريا داخليا بشكل يومي يعرف باسم SYRUP حول كافة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالنزاع السوري، ومن ضمنها معلومات عن الأسلحة الكيمياوية. لكن في الربيع تم الحد من إصدار القسم الخاص من التقرير بشأن الأسلحة الكيمياوية بشكل كبير بأمر من دينيس ماكدونوف، كبير موظفي البيت الأبيض. وبحسب مسؤول وزارة الدفاع الأسبق: “شيء ما في ذلك التقرير أثار غضب ماكدونوف”. ” كانت أبعاد الموضوع ضخمة للغاية، وبعد هجمات السارين في نيسان وآذار، فرقع بإصبعيه واختفى الموضوع وكأنه لم يكن”. تم إتخاذ قرار حد وحصر توزيع التقرير عند قيام رؤساء هيئة الأركان المشتركة بإصدار إيعاز بوضع خطط طارئة ومكثفة لاجتياح بري لسوريا هدفه الأساسي تدمير سلاحها الكيمياوي.



وأكمل المسؤول السابق في المخابرات أن العديد من مسؤولي وكالة الأمن القومي الأمريكية كانوا منزعجين من الخط الأحمر الذي حدده الرئيس: “سأل رؤساء هيئة الأركان المشتركة البيت الأبيض، “ما المقصود بالخط الأحمر؟ كيف يترجم هذا المصطلح بصيغة أوامر عسكرية؟ قوات على الأرض؟ غارة ضخمة؟ ضربة محدودة؟ وتم توكيل المخابرات العسكرية بمهمة دراسة كيفية تنفيذ التهديد. لكنهم لم يعرفوا أي شيء جديد عن منطق تفكير الرئيس.”



كمحصلة لهجوم 21 آب، أمر أوباما البنتاغون بوضع خريطة الأهداف التي سيتم قصفها. وأكمل مسؤول المخابرات السابق:”في بدايات عملية التخطيط تلك، رفض البيت الأبيض 35 مجموعة أهداف حددها رؤساء هيئة الأركان المشتركة بحجة أنها “لا توجع” نظام الأسد بالقدر الكافي.” شملت الأهداف الأصلية مواقع عسكرية فقط ولم تتضمن بأي شكل من الأشكال البنى التحتية المدنية. بضغط من البيت الأبيض، تحولت خطة الهجوم الأمريكي إلى “ضربة ضخمة جدا”: تم نقل سربين من قاذفات بي -52 إلى قاعدة عسكرية قريبة من سوريا، وتم نشر غواصات وسفن حربية مزودة بصواريخ توماهوك. وتابع مسؤول المخابرات السابق:”كانت القائمة تطول يوما بعد يوم، وقال واضعوا الخطط في البنتاغون أن استخدام صواريخ توماهوك فقط لضرب مواقع الصواريخ السورية غير كاف، لأن مواقعها عميقة جدا تحت الأرض، لذلك تم إضافة سربي قاذفات بي-52 التي تحمل قنابل بوزن ألفي رطل إلى المهمة. وأضافوا أنهم سيحتاجون فرق بحث وإنقاذ على أهبة الإستعداد لإنقاذ طياري الطائرات المسقطة، وطائرات بدون طيار لتحديد الأهداف. وهكذا أصبح الأمر ضخم جدا”. قائمة الأهداف الجديدة تعني القضاء نهائيا على أي قدرات عسكرية يمتلكها الأسد. شملت الأهداف الأساسية شبكات الكهرباء، مستودعات النفط والغاز، كافة المستودعات المعروفة للأسلحة والإمداد، كافة منشئات القيادة والتحكم، وكافة المباني المعروفة العسكرية والاستخباراتية.



وكان لكل من فرنسا وبريطانيا دورا تؤديانه. يوم 29 آب صوت البرلمان ضد طلب كاميرون للاشتراك في الحملة، ونشرت صحيفة الغارديان أنه كان قد أمر سلفا ستة طائرات مقاتلة طراز تايفون بالتوجه إلى قبرص، كما أضاف إليها غواصة قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك. كما انخرطت القوات الجوية الفرنسية في الخطة إلى حد كبير، وكانت قد لعبت دورا هاما في الضربات على ليبيا عام 2011، ووفق رواية نوفيل أوبزرفاتور كان فرانسوا هولند قد أمر عدة مقاتلات قاذفة طراز رافال بالإشتراك بالهجوم الأمريكي. ووفق التقارير كانت أهداف تلك الطائرات تقع في شمال سوريا.



مع أواخر شهر آب، كان الرئيس قد أعطى رؤساء هيئة الأركان المشتركة بمواعيد محددة لإطلاق الهجوم. حسب المسؤول السابق في المخابرات:”كانت ساعة الصفر قبل صباح يوم الإثنين (2 أيلول)، وابدأ بهجوم ضخم لتحييد قدرات الأسد.” لذلك تفاجأ الكثيرون عند سماع تصريح أوباما من حديثة البيت الأبيض في 31 آب عن تجميد الضربة وعن توجهه إلى الكونغرس طلبا للتصويت.



في هذه المرحلة، كان رأي أوباما بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على نشر غاز السارين قد بدأ بالتهاوي. خلال أيام من هجوم 21 آب، أخبرني مسؤول المخابرات السابق، أن عملاء المخابرات العسكرية الروسية كانوا قد استحوذوا على عينات من العنصر الكيميائي في الغوطة. وقاموا بتحليلها وأرسلوها إلى المخابرات العسكرية البريطانية، وتلك كانت هي العينات التي تم إرسالها إلى بورتون داون. (صرح المتحدث باسم بورتون داون: “العديد من العينات التي تم تحليلها في المملكة المتحدة كانت نتائجها إيجابية وتثبت وجود غاز أعصاب السارين.” في حين علقت المخابرات البريطانية بأنه لا تعليق لديها بشأن المسائل المخابراتية.)



أكد مسؤول المخابرات السابق أن العميل الروسي الذي قام بتسليم العينة إلى المملكة المتحدة كان “مصدرا جيدا، وهو شخص لديه القدرة على الوصول إلى المكان، والمعرفة وسجله يؤكد مصداقيته.” بعد التقارير الأولى عن استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا العام الماضي، انهمكت وكالات المخابرات الأمريكية والحليفة لها في الوصول إلى جواب حول ما إذا تم استعمال سلاح من هذا النوع حقا، ومصدره.” ” نحن نلجأ للبيانات التي يتم تبادلها كجزء من معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية. المعطى الأساسي لوكالة مخابرات الدفاع كان معرفة تركيب كل مجموعة من مجموعات الأسلحة الكيماوية التي صنعها الإتحاد السوفيتي. لكننا لم نكن نعلم أي مجموعة توجد في الترسانة السورية حاليا. في غضون أيام من الهجوم طلبنا من مصدر في الحكومة السورية تزويدنا بقائمة المجموعات التي تمتلكها الحكومة حاليا. لهذا السبب تمكنا من تأكيد الإختلاف بتلك السرعة.”



لم تجري العملية بهذه السلاسة في الربيع وفقا لمسؤول المخابرات السابق، لأن الدراسات التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الغربية كانت غير قاطعة من ناحية نوع الغاز المستخدم. ولم يتم ذكر كلمة “سارين”. وجرى الكثير من النقاش حول ذلك الأمر، لكن وبما أنه لم يكن بإمكان أحد تأكيد نوع الغاز، لم يعد بمقدور المرء أن الرئيس الأسد قد تجاوز الخط الأحمر الخاص بأوباما. لكن بحلول 21 آب، كان واضحا أن المعارضة السورية تعلمت الدرس وأعلنت أن الجيش السوري استعمل غاز “السارين” قبل أن يتم القيام بأي تحليل، وتلقفت وسائل الإعلام وأوباما الخبر. فبما أن الغاز الآن هو السارين، “فلا بد أن الأسد هو الفاعل.”



فريق وزارة الدفاع البريطانية الذي حوّل نتائج بورتون داون إلى رؤساء هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، كان يقصد إرسال رسالة إلى الأمريكيين، وفق المسؤول السابق في المخابرات: “أحدهم يريد الإيقاع بنا” (هذا يفسر الرسالة المقتضبة التي أرسلها مسؤول رفيع في وكالة المخابرات الأمريكية أواخر شهر آب: “لم يكن من فعل الحكومة الحالية. بريطانيا وأمريكا تعلمان ذلك.) حينها، كان الهجوم سيحدث بعد بضعة أيام، وكانت الطائرات والسفن والغواصات الأمريكية والفرنسية والبريطانية على أهبة الإستعداد.



الضابط الأعلى الذي كان مسؤولا عن التخطيط للعدوان وتنفيذه هو الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة. حسب مسؤول الإستخبارات السابق، منذ بداية الأزمة، كان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يشككون بحجة الإدارة الأمريكية بامتلاكها حقائق تدعم رأيها حول مسؤولية الأسد. لذلك ضغطوا على وكالة استخبارات الدفاع والوكالات الأخرى لتزويدهم بدليل متين. “كان من المستحيل أن يقبلوا بإمكانية قيام سوريا باستخدام غاز الأعصاب في تلك المرحلة لأن الأسد كان يكسب الحرب”. سبب ديمبسي اغتياظ الكثيرين في إدارة أوباما بسبب تحذيره المستمر للكونغرس طيلة الصيف من مخاطر التدخل العسكري الأمريكي في سوريا. في نيسان الفائت، وبعد تقدير متفاءل عن تقدم المتمردين قدمه وزير الخارجية جون كيري، أمام لجنة الشؤون الخارجية، أبلغ ديمبسي لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب عن خطر وصول النزاع إلى نقطة المراوحة”.



وجهة نظر ديمبسي بعد 21 آب كانت أن الضربة الأمريكية على سوريا، على افتراض مسؤولية الأسد عن استخدام غاز السارين، ستكون خطأ عسكريا فادحا. تقرير بورتون داون دفع رؤساء الأركان إلى مواجهة الرئيس بمخاوف أكثر خطورة: الهجوم الذي يرغب البيت الأبيض بشنه سيعتبر عملا عدوانيا غير مبرر. بالتالي نجحوا في دفع أوباما إلى تغيير مساره. أما التفسير الرسمي الصادر عن البيت الأبيض لهذا الإنقلاب، عبر المكتب الصحفي، فكان أن الرئيس قرر فجأة أثناء نزهة مع دينيس ماكدونوف طلب الموافقة على الضربة من الكونغرس الغارق في انقساماته، وهو ذات الكونغرس الذي تربطه علاقة نزاع معه منذ سنوات. بحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع، فإن البيت الأبيض قدم تفسيرا مختلفا لأعضاء القيادة المدنية في البنتاغون: تم إلغاء الضربة بسبب وجود معلومات استخبارية تقول أن الشرق الأوسط سيشتعل برمته حال تنفيذها.



في البداية، رأى كبار مساعدي البيت الأبيض قرار الرئيس بالتوجه إلى الكونغرس تكرارا لمناورة جورج بوش الابن في خريف 2002 قبل غزو العراق: “عندما اتضح خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، تقاسم الكونغرس، الذي وافق على الحرب على العراق، والبيت الأبيض اللوم وكررا بشكل مستمر اسطوانة المعلومات الاستخبارية الخاطئة. في حال قيام الكونغرس الحالي بالتصويت على الضربة والموافقة عليها، يمكن للبيت الأبيض من جديد أن يستثمر الأمر في الإتجاهين، توجيه ضربة قاضية لسوريا وتأكيد التزام الرئيس بالخط الأحمر، وبذات الوقت يكون بمقدور البيت الأبيض تقاسم اللوم مع الكونغرس إن تبين أن الجيش السوري لم يكن من قام بالهجوم. شكل الإنقلاب مفاجأة حتى لزعامة الديمقراطيين في الكونغرس. ذكرت صحيفة وال ستريت جورنال في أيلول أن أوباما قبل ثلاثة أيام من خطابه في الحديقة اتصل هاتفيا بزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي للتباحث بشأن الخيارات. وحسب الصحيفة، أبلغت لاحقا بعض زملائها بأنها لم تطلب من الرئيس طرح مسألة الضربة على الكونغرس للتصويت.



سرعان ما تحول توجه أوباما للحصول على موافقة الكونغرس إلى طريق مسدود. فقد أفاد مسؤول سابق في المخابرات إلى أن الكونغرس لم يكن سيسمح بتمرير الأمر. وأعلن الكونغرس أنه، وبخلاف الموافقة على الحرب على العراق، سيتم إجراء جلسات موضوعية. عند تلك النقطة ساد شعور من خيبة الأمل في البيت الأبيض. عندها ظهرت خطة بديلة، يتم إلغاء الضربة وسيوافق الأسد من جانب واحد على توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية وأيضا على تدمير الأسلحة الكيمياوية بإشراف الأمم المتحدة. في مؤتمر صحفي في 9 أيلول في لندن، كان كيري ما يزال يتحدث عن التدخل: “خطورة عدم التحرك هي أكبر من خطورة التحرك” لكن عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان بمقدور الأسد القيام بشيء لمنع الضربة، رد كيري: “بالتأكيد، بإمكانه تسليم كافة أسلحته النووية إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل… لكنه لن يقوم بذلك، ومن الواضح أن ذلك أمر لا يمكن تنفيذه.” زكما ذكر تقرير نيويورك تايمز الذي صدر في اليوم التالي، قام الروس برعاية الصفقة، وتمت مناقشتها في وقت لاحق بين بوتين وأوباما في صيف 2012. بالرغم من أن خطط الضربة تم رميها في الصندوق، إلا أن الإدارة لم تغير من تقييمها العلني بشأن تبرير الذهاب إلى الحرب. ووفق مسؤول الإستخبارات السابق، لا مجال للتسامح بأي خطأ على ذلك المستوى بالنسبة لكبار مسؤولي البيت الأبيض، لم يكونوا قادرين على التصريح “بأنهم كانوا مخطئين”. لم يكونوا قادرين على ذلك. (صرح المتحدث باسم وكالة مخابرات الدفاع: “نظام الرئيس الأسد، وفقط نظام الرئيس الأسد، يمكن أن يكون المسؤول عن هجمة السلاح الكيماوي التي وقعت في 21 آب.”



مازال حجم التعاون الأمريكي مع تركيا والسعودية وقطر في مساعدة المعارضة المسلحة في سوريا بانتظار الكشف عنه. إدارة أوباما لم تكشف أبدا في العلن عن دورها في إنشاء شبكة النجاة، وهي عبارة عن طريق خلفي سريع إلى سوريا. تمت المصادقة على “خطة النجاة” في أوائل 2012، وتم استعمالها لتهريب الأسلحة والذخيرة من ليبيا إلى جنوب تركيا لتعبر الحدود السورية لتسليمها إلى المعارضة. العديد ممن استلم تلك الأسلحة في سوريا كانوا جهاديين وبعضهم مرتبط بالقاعدة. (صرح المتحدث باسم وكالة مخابرات الدفاع: “الإعتقاد بأن الولايات المتحدة وفرت الأسلحة من ليبيا إلى أي كان هو اعتقاد خاطىء.”



في كانون الثاني، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريرا عن الهجوم الذي نفذته مجموعة مسلحة في أيلول 2012 على القنصلية الأمريكية وقرب مقر لممخابرات المركزية الأمريكية في بنغازي، مما أسفر عن مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين. حظي الإنتقاد الذي وجهه التقرير لوزارة الخارجية الأمريكية لعدم توفيرها الحماية الكافية للقنصلية، ووكالات الإستخبارات لعدم إعلام الجيش الأمريكي بوجود مقر للمخابرات في المنطقة، حظي بتغطية على الصفحات الأولى في الصحف وأنعش العداوات في واشنطن، فالجمهوريون بدأو بكيل الإتهامات لكل من أوباما وهيلاري كلينتون بتغطية الموضوع. الملحق السري للغاية المرفق بالتقرير لم يتم نشره، وذكر التوصل إلى اتفاقية سرية في أوائل 2012 بين إدارتي أوباما وأردوغان. وهو يتصل بخطة النجاة. حسب بنود الإتفاقية، قامت تركيا بالتمويل إضافة إلى السعودية وقطر، أما المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية، فكانتا مسؤولتين عن إيصال الأسلحة من مخازن القذافي إلى داخل سوريا. تم تأسيس عدد من الشركات الوهمية في ليبيا، وبعضها تحت غطاء شركات أسترالية. تم توظيف جنود أمريكيين متقاعدين، لم يعرفوا دوما من كان يوظفهم حقيقة، لإدارة عمليات التوريد والشحن. قام ديفيد بترايوس بإدارة العملية، مدير السي آي إيه الذي سيستقيل بعد ذلك بوقت قريب نتيجة إكتشاف إقامته علاقة عاطفية مع كاتبة سيرته الذاتية. (متحدث باسم بترايوس نفى وجود تلك العملية)



لم يتم الكشف عن العملية عند التحضير لها للجان الإستخبارات في الكونغرس وقيادات الكونغرس، بشكل مخالف لما ينص عليه القانون منذ السبعينات. مشاركة المخابرات البريطانية في العملية سمح للمخابرات المركزية الأمريكية بالتحايل على القانون عبر تصنيف العملية على أنها عملية اتصال. أوضح مسؤول الإستخبارات السابق بأنه منذ زمن طويل تم الإعتراف باستثناء في القانون يسمح للمخابرات المركزية بعدم إبلاغ الكونغرس عن نشاطات الإتصال “الإرتباط”، بل فقط إدراج وثيقة معلومات عن العمليات السرية. …. تم حصر توزيع الملحق على المساعدين الذين كتبوا الملحق والأعضاء الثمانية الكبار في الكونغرس – زعماء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسي النواب والشيوخ، والزعماء الديمقراطيين والجمهوريين أعضاء لجنة الإستخبارات في المجلسين. ويعتبر ذلك بالكاد محاولة جدية للرقابة: من المعروف أن الزعماء الثمانية لا يجتمعون معا لطرح الأسئلة أو مناقشة المعلومات السرية التي يتلقونها.



الملحق لا يتضمن كامل قصة ما جرى في بنغازي قبل الهجوم، ولا يفسر أيضا سبب الهجوم على القنصلية الأمريكية. وبحسب مسؤول الإستخبارات السابق: “كانت المهمة الوحيدة للقنصلية هي توفير غطاء لعمليات نقل الأسلحة، ولم يكن لها دور سياسي فعلي”



قامت واشنطن بشكل مفاجىء، بعد الهجوم على القنصلية، بإنهاء دور المخابرات المركزية في نقل السلاح من ليبيا، لكن خطة النجاة استمرت على حالها. وأفاد مسؤول الإستخبارات السابق “لم يعد لدى واشنطن القدرة على التحكم بما يقوم الأتراك بتسليمه إلى الجهاديين” وخلال أسابيع وصل حوالي 40 صاروخ أرض- جو محمول إلى أيدي المسلحين السوريين. بتاريخ 28 تشرين الثاني 2012، كتب جوبي واريك لصالح واشنطن بوست تقريرا يفيد بأن المتمردين أستعملوا أحد تلك الصواريخ لإسقاط مروحية نقل سورية قرب حلب. وبحسب واريك “لطالما عارضت إدارة أوباما بحزم تسليح قوات المعارضة السورية بتلك الصواريخ، وحذرت من أنها قد تقع في أيدي الإرهابيين ويتم استخدامها لإسقاط طائرة مدنية تجارية”. أفاد مسؤولين استخباريين من الشرق الأوسط أن قطر كانت مصدر تلك الصواريخ، فيما تكهن محلل سابق في المخابرات الأمريكية أن تلك الصواريخ تم الاستحواذ عليها من مواقع للجيش النظامي بعد الإستيلاء عليها. ولم يتم الإشارة إلى أن استحواذ المسلحين على تلك الصواريخ كان على الأرجح بسبب عملية سرية أمريكية لم تعد تحت السيطرة الأمريكية.



بحلول نهاية 2012، ساد الإعتقاد في مجتمع المخابرات الأمريكي بأن المتمردون يخسرون الحرب. وهنا بحسب مسؤول الإستخبارات السابق “شعر أردوغان بالغضب، وأحس بأنه قد ترك ليواجه مصيره وحيدا، فقد كان يدفع المال، واعتبر تركه بتلك الطريقة بمثابة خيانة” في ربيع 2013، علمت المخابرات الأمريكية أن الحكومة التركية، عبر جهاز المخابرات القومي والجندرمة، كانت تتعامل مباشرة مع جبهة النصرة وحلفائها لتطوير قدرات تصنيع الأسلحة الكيمياوية. وبحسب مسؤول الإستخبارات السابق “كانت المخابرات تقوم بدرو الإرتصال السياسي مع المتمردين، فيما تولت الجندرمة عمليات الإمداد العسكري، والإستشارة والتدريب على الأرض، بما في ذلك التدريب على الحرب الكيمياوية، واعتبرت تركيا أن تضخيم دورها في ربيع 2013 كان المفتاح لحل مشاكلها. أدرك أردوغان أن كل شيء سينتهي إن أوقف دعمه للجهاديين. ولم يكن بإمكان السعوديين دعم العمليات الحربية نتيجة مصاعب لوجستية، تتضمن بعد المسافة وصعوبة نقل الأسلحة والإمدادات. كان أمل أردوغان هو التحريض على حدث يجبر الولايات المتحدة على تجاوز الخط الأحمر، لكن أوباما لم يتحرك في آذار ونيسان.”



لم تظهر أي إشارة للخصومة بشكل علني عندما التقى أردوغان وأوباما في 16 أيار 2013 في البيت الأبيض. في مؤتمر صحفي لاحق، صرح أوباما أنه اتفق مع أردوغان على أن الأسد “يجب أن يرحل”. عند سؤاله حول ما إذا كانت سوريا قد تجاوزت الخط الأحمر، أقر أوباما بوجود دليل على استخدام ذلك النوع من السلاح، لكنه أضاف “أنه من الضروري التأكد من حصولنا على مزيد من المعلومات المحددة حول الذي حصل حقا هناك”. بالتالي، كان الخط الأحمر سليما.



أخبرني خبير في السياسة الأمريكية الخارجية، ممن يتواصلون بشكل متواصل مع مسؤولين في واشنطن وأنقرة، عن عشاء عمل أقامه أوباما على شرف أردوغان أثناء زيارته في شهر أيار. طغى على العشاء الإصرار التركي على أن سوريا خرقت الخط الأحمر والشكوى من إحجام أوباما عن التحرك بذلك الشأن. رافق أوباما في ذلك العشاء جون كيري وتوم دونيلون، مستشاره لشؤون الأمن القومي والذي سيترك عمله قريبا. بينما كان مع أردوغان، وزير خارجيته أحمد داود أوغلو وهاكان فيدان مدير المخابرات التركية. يعرف عن فيدان أنه شديد الولاء لأردوغان، ويعتبر من داعمي المعارضة المتشددة في سوريا.



وصرح الخبير أن الواقعة جرت مع دونيلون، (تم تعزيز الواقعة لاحقا من قبل مسؤول أمريكي سابق سمع بها من ديبلوماسي تركي رفيع المستوى) القصة هي أن أردوغان طلب لقاء أوباما ليثبت له أن الخط الأحمر تم اختراقه، وأحضر معه فيدان ليعرض القضية. حاول أردوغان إفساح المجال لفيدان كي يشارك في المحادثة، فبدأ فيدان بالتحدث، لكن أوباما قاطعه قائلا: “نحن نعلم”. وحاول أردوغان أن يشرك فيدان مجددا في الحديث، لكن أوباما قاطعه مرة أخرى قائلا: “نحن نعلم”. في تلك النقطة قال أردوغان ساخطا “لكن خطكم الأحمر قد تم خرقه!”، وحسب رواية الخبير، فإن دونيلون اخبره أن أردوغان “رفع إصبعه اللعين بوجه الرئيس داخل البيت الأبيض”. عندها أشار أوباما باتجاه فيدان وقال: “نحن نعلم ما تقوم به مع المتطرفين في سوريا” (دونيلون، الذي انضم إلى مجلس الشؤون الخارجية في تموز الماضي، لم يرد على الأسئلة التي طرحت عليه حول هذه المسألة. ووزير الخارجية التركي رفض الإجابة على أسئلة حول العشاء. في حين أكدت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي العشاء وعرضت صورا تجمع أوباما، كيري، دونيلون، أردوغان، فيدان وداود أوغلو حول المائدة. لكنها صرحت أنها لن تقدم معلومات عن تفاصيل المحادثات.)



على العموم، لم يغادر أردوغان خالي الوفاض، لأن أوباما استمر في السماح لتركيا باستغلال ثغرة في الأمر الرئاسي الذي يمنع تصدير الذهب إلى إيران كجزء من العقوبات الإقتصادية الأمريكية على أيران. في آذار 2012، وتجاوبا مع العقوبات الأوروبية على المصارف الإيرانية، تم فصل العشرات من المؤسسات المالية الإيرانية من نظام التحويل الالكتروني سويفت، مما قيد بشكل كبير قدرة إيران على التجارة الدولية. قامت الولايات المتحدة بعد ذلك بإصدار الأمر الرئاسي في تموز، لكنها تركت فيه ما بات يعرف باسم “الثغرة الذهبية”: يمكن لشحنات الذهب المتجهة للقطاع الخاص الإيراني أن تستمر. تعتبر تركيا مشتريا رئيسيا للنفط والغاز الإيرانيين، فقامت باستغلال تلك الثغرة عبر تسديد دفعات الطاقة بالليرة التركية في حساب إيراني في تركيا، ليتم لاحقا استخدام تلك الودائع لشراء ذهب تركي وتصديره إلى مجموعة في إيران. تشير التقارير إلى أن المبلغ الإجمالي للذهب الذي دخل إيران بتلك الطريقة بين آذار 2012 وتموز 2013 يبلغ 13 مليار دولار أمريكي.



تحولت العملية بسرعة كبيرة إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للسياسيين الفاسدين والتجار في تركيا، إيران والإمارات العربية المتحدة. وبحسب مسؤول الإستخبارات السابق:”قام الوسطاء بما يقومون به دوما، أي الحصول على نسبة 15%) تشير تقديرات وكالة المخابرات المركزية إلى استثمار ملياري دولار في تلك العملية. وبدأت أرباح الذهب والمال التركي تنهال على أصحابها. لكن تلك الأرباح غير المشروعة تحولت إلى فضيحة كبرى في تركيا في شهر كانون الأول وأدت إلى توجيه إتهامات إلى 24 شخصا، من بينهم رجال أعمال كبار وأقارب مسؤولين حكوميين، إضافة إلى استقالة ثلاث وزراء، أحدهم كان قد دعا أردوغان إلى الإستقالة. المدير التنفيذي للمصرف التركي الحكومي الذي كان في عين عاصفة الفضيحة، أصر أن مبلغ 4.5 مليون دولار، الذي عثرت عليه الشرطة أثناء تفتيش منزله ضمن علب أحذية، كان تبرعات خيرية.



في العام الفائت، أفاد جوناثان شانزر ومارك دابوويتز في فورين بوليسي أن إدارة أوباما أغلقت الثغرة الذهبية في كانون الثاني 2013، لكنها ضغطت ليتم تأخير تشريع القانون 6 شهور. وتكهنا أن الإدارة أرادت استغلال ذلك لتحفيز إيران للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، أو لترضية حليفها التركي في الحرب الأهلية السورية. سمح ذلك التأخير لإيران بجمع مليارات الدولارات كذهب، مما زاد من تقويض العقوبات.



*



القرار الأمريكي بإنهاء دعم المخابرات المركزية لشحنات السلاح إلى سوريا، ترك أردوغان مكشوفا سياسيا وعسكريا. بحسب مسؤول الاستخبارات السابق، فإن إحدى المسائل التي تم طرحها في قمة أيار كانت حقيقة أن تركيا هي الطريق الوحيد لدعم المتمردين في سوريا. لا يمكن القيام بذلك من الأردن لأن تضاريس المنطقة الجنوبية مكشوفة تماما والسوريون يسيطرون عليها إلى حد كبير. كما لا يمكن القيام بذلك عبر سهول وجبال لبنان، لأنك لا تستطيع أن تضمن من سيكون بانتظارك في الجهة الأخرى. بدون الدعم العسكري الأمريكي للمتمردينن سيتبخر حلم أردوغان في تشكيل دولة تابعة له في سوريا، وهو يعتقد أننا نحن السبب. وهو يدرك تماما أنه عندما تربح سوريا الحرب، فمن الأرجح أن ينقلب المتمردون ضده، فهم لا يملكون مكانا آخر للهرب. عندها، سيصبح لديه آلاف من المتطرفين في حديقته الخلفية.



مستشار استخباراتي أمريكي أبلغني أنه قبل بضعة أسابيع من 21 آب، رأى ملخصا عالي السرية مخصص لديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاغل، وهو يصف حالة القلق الشديد التي تعصف بإدارة أردوغان جراء تدهور معنويات المتمردين. حذر التحليل من أن الحكومة التركية قد أعربت عن “ضرورة القيام بشيء ما لتحفيز وتسريع رد عسكري أمريكي.” لكن مع حلول نهاية الصيف، كان الجيش السوري مازال متقدما على المتمردين، وأن القوة الجوية الأمريكية هي الوحيدة القادرة على قلب الموازين. بحلول الخريف، حسب مسؤول الإستخبارات السابق، استشف محللوا الإستخبارات الأمريكية الذين تابعوا دراسة أحداث 21 آب، أن سوريا لم تكن مسؤولة عن ذلك الهجوم. لكن السؤال المحرج والمخيف بآن واحد كان، كيف حدث ذلك؟ كان الأتراك أول المتهمين، لأنهم يمتلكون كافة البيادق لتحقيق ذلك.



تم رصد وجمع الاتصالات المعترضة والبيانات الأخرى المتعلقة بهجوم 21 آب، ووجد فيها مجتمع الاستخبارات دليلا يدعم شكوكه. وبحسب مسؤول الاستخبارات السابق “نعلم الآن أن الهجوم كان عملية سرية خطط لها رجال أردوغان لدفع أوباما لتجاوز الخط الأحمر، كان من الضروري تنفيذ هجوم الغاز قرب دمشق بسبب وجود مفتشي الأمم المتحدة هناك (كانوا قد وصلوا إلى دمشق في 18 آب للتحقيق في هجوم سابق). كانت الخطة تقضي القيام بشيء دراماتيكي. تم إبلاغ كبار قادتنا العسكريين من قبل وكالات الاستخبارات المختلفة أن السارين تم توفيره من تركيا، وهو لا يمكن أن يصل إلى وجهته بدون الدعم التركي. كما وفر الأتراك التدريب اللازم لإنتاج السارين والتعامل به.” معظم إشارات تأييد هذا التقدير أتت من الأتراك أنفسهم، عبر اعتراض اتصالاتهم بعد الهجوم مباشرة. “الدليل الرئيسي أتى من الفرحة التركية العارمة بعد الهجوم وتبادل التهاني، وهي أمور تم اعتراضها ورصدها. دائما يتم تخطيط العمليات بطريقة فائقة السرية، لكن يتم كشف الأقنعة بسرعة عندما يحين وقت التباهي والتبجح. لا يوجد ما هو أخطر من قيام المجرم بإعلان مسؤوليته لحصد نتائج النجاح.” ومشاكل أردوغان في سوريا ستنتهي قريبا جدا: “سينطلق الغاز وسيقول أوباما أن الخط الأحمر تم تجاوزه، عندها ستقوم أمريكا بمهاجمة سوريا، على الأقل تلك كانت الفرضية. لكن الأمور جرت بما لا تشتهي السفن”.







المعلومات الإستخبارية التي تم جمعها بعد الهجوم مباشرة لم تصل إلى البيت الأبيض. وبحسب مسؤول الإستخبارات السابق “لا أحد يرغب بالحديث عن كل ذلك، فهناك إحجام كبير عن نقض الرئيس، بالرغم من عدم معلومات وتحليلات إستخبارية شاملة تدعم تسرعه في إطلاق الأحكام. لم يقدم البيت الأبيض، منذ إلغاء الضربة، دليلا إضافيا واحدا عن تورط سوريا في تنفيذ هجوم السارين. لا يمكن لحكومتي أن تقول شيئا وذلك لأننا تصرفنا بلا مسؤولية. وبما أننا ألقينا اللوم على الأسد، لا يمكننا التراجع وإلقاء اللوم على أردوغان.”



الإستعداد التركي للتلاعب بالأحداث في سوريا لتحقيق المصالح التركية تم فضحه الشهر الفائت، قبل الإنتخابات المحلية ببضعة أيام، عندما تم نشر تسجيل صوتي على اليوتوب، يضم على ما يبدو صوت أردوغان وبعض مساعديه. تضمن التسجيل نقاشا حول عملية عسكرية سرية هدفها تبرير اجتياح عسكري تركي لسوريا. تمحورت العملية حول قبر سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، ويقع قرب حلب، وتم التخلي عن ملكيته لصالح تركيا عام 1921 عندما كانت سوريا تحت الحكم الفرنسي. هددت إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا بتدمير الضريح باعتباره بمثابة عبادة للأوثان، وهددت إدارة أردوغان علنا بالإنتقام إن تعرض الضريح للأذى. بحسب تقرير رويترز عن التسجيل المسرب، تحدث صوت يفترض أنه صوت فيدان واقترح القيام باستفزاز: “اسمع يا سيدي (أردوغان)، إن كان لا بد من تبرير، التبرير هو قيامي بإرسال أربعة رجال إلى الطرف الآخر. سأجعلهم يطلقون ثمانية صواريخ في العراء (بجوار الضريح). تلك ليست بمشكلة. يمكن تصنيع التبرير.” اعترفت الحكومة التركية بعقد اجتماع للأمن القومي لمناقشة التهديدات القادمة من سوريا، لكنها قالت أن التسجيل تم التلاعب به. ونتيجة لذلك قامت الحكومة بحجب موقع اليوتوب.



باستثناء حدوث تغيير كبير في سياسة أوباما، يبدو أن التدخل التركي في الحرب الأهلية السورية سيستمر. المسؤول السابق في الاستخبارات قال “سألت زملائي عما إذا كان هناك طريقة لإيقاف دعم أردوغان المستمر للمتمردين، وخاصة الآن بعد أن تبين أنه يقوم بذلك بطريقة خاطئة تماما، وكان الرد: “نحن في مأزق” كان من الممكن أن نعلن الحقيقة للعلن لو كان شخص آخر غير أردوغان، لكن تركيا حالة خاصة. فهي حليفة في الناتو. والأتراك لا يثقون بالغرب. ولا يمكنهم التعايش معنا إن قمنا بأي دور فعال ضد المصالح التركية. إن فضحنا ما نعرفه عن دور أردوغان في قضية الغاز، ستكون كارثة. سيقول لنا الأتراك: “نحن نكرهكم لأنكم تحددون لنا ما يمكننا أو لا يمكننا القيام به.”


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.