كتب الكاتب الكبير جهاد الخازن، مقالا بجريدة الشرق الأوسط، في عددها اليومي تحت عنوان عيون وآذان، تحدث فيه عن مادار بينه وبين المشير السيسي في اللقاء الذي جمعهما. وإلي نص المقال..
كتبتُ غير مرة في هذه الزاوية أنني لو كنت مصرياً لانتخبتُ المشير عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر. كنتُ أرى أنه أنقذ مصر من فشل الإخوان المسلمين في الحكم، ويستحق أن يُعطى فرصة لقيادة مصر إلى بر الأمان. الآن وقد جلستُ معه أكثر من ساعة لأسمع رأيه في مشاكل مصر والحلول الممكنة أستطيع أن أقول أن تأييدي له زاد، فقد وجدتُه ذكياً واسع الثقافة، متواضعاً رجلاه على الأرض ولا تراوده أحلام مستحيلة.
قلتُ للمشير السيسي إنني جئتُ لأسمع رأيه لا لأتكلم، وأعطيتُ نفسي دقيقة لأنقل إليه ما أعرف عن موقف دول الخليج من الإخوان المسلمين، فهو ليس وليد الساعة، وإنما عمره عقود، ثم حكيتُ له عن إصرار هذه الدول على دعم النظام الجديد في مصر، وما سمعتُ مباشرة من وزراء خليجيين عن سحب السفراء، ولعلي تحدثتُ دقيقتين لا دقيقة واحدة، ثم جلستُ لأسمع.
هو عسكري إلا أنه لا يريد أن يرد على العنف بمثله، وإنما يرجو أن تقوم في مصر ديموقراطية تتسع للجميع، أو لجميع الذين ينبذون العنف. كان يتكلم وأنا أستعيد معلومات قرأتها عنه، وتحديداً أطروحته عن «الديموقراطية في الشرق الأوسط» سنة 2006، بعد أن درس في كلية الحرب الأميركية. هو كتب عن اختلاف في مفاهيم الديموقراطية بين العالم العربي والبلدان الغربية، عن تأثير الفقر، عن دور الاقتصاد، عن مستوى التعليم، عن نقص الرؤية الاستراتيجية، عن سيكولوجية الشعب، وغير ذلك كثير مما لا بد أن يواجه رئيساً. أختارُ مما سمعتُ من كلام المشير: - هم (الإخوان المسلمون) حوّلوا الخلاف السياسي إلى خلاف ديني. هناك تخلُّف شديد في الخطاب الديني، ليس في مصر وحدها وإنما في كل بلادنا. نرى محاولة لعزل المجتمع عن المحيط الذي حوله، عزل للمتديّنين عن أطياف المجتمع الأخرى. العيب ليس في الدين وإنما فيهم. لازم يلاقوا صيغة للتعامل مع الآخر. - (تحدّث عن) إشكالية التدمير، بدل ما المجتمع يعمّر نفسه يخرّب نفسه. سوء التعليم أنشأ جيلاً متعلّماً إلا أنه في الواقع غير متعلّم. أداء متواضع. سوء التعليم أحد أدوات التدمير الذاتي للدولة. ضد استقرار الدولة واستمرارها. أكثر من 55 في المئة من المواطنين في مصر من جيل الشباب، يجب توفير تعليم حقيقي حديث لهم يأخذ أولوية لتجاوز كل المشاكل الأخرى. - هناك خطوط متوازية وملفات. التعليم يأخذ نصيبه. الاقتصاد أولوية. الأمن والأمان. الخطاب الديني مشكلة في العالم الإسلامي. نِسَب الطلاق. أولاد الشوارع. هذه مشاكل اجتماعية يجب إيجاد حلول لها، نواجه إشكاليات اجتماعية وسياسية وأمنية. - نريد اقتصاداً قوياً. الإرهاب يؤثّر سلباً في الاقتصاد، وقوة الاقتصاد تُضعف الإرهاب: نتطلع إلى دعم الأشقاء والاقتصاد. نريد أن نقدّم لهم ما نستطيع في المقابل، يجب تحفيز القدرة الذكية. - هناك ظاهرة صحية. الشارع المصري واعٍ. الشباب مهتمون ببلدهم يفهمون مشاكل مصر. الحكومة يجب أن تعمل في المقابل. هم يحبون الحرية، يحبون بلدهم، الناس لا أحقاد أو عقد ضد أشخاص أو أديان. لازم نعرف أن للآخرين حقوقاً، لا نريد أن يُؤذوا أو أن يؤذونا. يجب أن نتعاون معهم وأن نتعامل معهم. كان المشير السيسي يتحدث وأشعر حيناً بأنني أمام عسكري، وحيناً آخر بأنني أمام مواطن مصري وطني، وهو تحدّث أحياناً كمثقّف أو بروفسور. وكان دائماً عاقلاً معقولاً موضوعياً. أرجو أن يفوز بالرئاسة، وثقتي أكبر وقد سمعتُ كلامه، أن مصر ستجد الخير على يديه.