مصر هى أول كل الأشياء، أول الحضارات، وعلى اسمها - كما قال عمنا صلاح جاهين- يقدر التاريخ يقول ما شاء، ولذلك كان من الطبيعي أن نجد من يؤكد لنا أنه لا يوجد كتاب تاريخ يخلو من اسمها وسيرة شعبها وقوة جيشها، أول جيش نظامى عرفته البشرية، وعندما أكتب عن ثورة المصريين فى 30 يونيو ضد حكم جماعة الإرهاب، فنحن بصدد فصل جديد من تاريخ كتبه الشعب المصري، ليس فقط بنجاحه فى الإطاحة بالحكم الفاشى، ولكن فى إفشال مخطط خارجى شامل لإعادة رسم حدود وجغرافيا المنطقة بالكامل، وكانت ملحمة وطنية نجحت فى تحقيق أهدافها بفضل وحدة الصف الوطنى التى جعلت الشعب بجميع طوائفه ينهض، والتلاحم بين الشعب وجيشه الذى حمى تلك الثورة ودافع عن خيارات الشعب وفق خطوات حضارية، رفضتها الجماعة الإرهابية وراهنت على القوى الخارجية فى أن تستعيد ما سرقته من المصريين، ولكن إرادة المصريين فرضت كلمتها على الجميع، لترتفع رايات الجمهورية الجديدة فى كل مجالات التنمية، من أجل صناعة غد أفضل لكل المصريين، وحياة أكثر جودة، وتأمين احتياجات البلاد، وحماية أمن مصر القومى بجميع مكوناته. عندما ننظر إلى الوراء، سنجد أننا حققنا ما يشبه المعجزة، حيث كانت البلاد محض أنقاض ومجرد أشلاء دولة نعيش فيها، تحيطها المخاطر من كل جانب، كانت دولة فى مهب الريح، أوضاع اقتصادية كارثية، ووضع صحى متدن، وهكذا الحال فى باقى القطاعات، وبدأنا ننفض التراب عن كل شيء حولنا، وكانت النتائج أكثر من مبشرة وخاصة للفئات محدودة الدخل التى عانت كثيرًا، يكفى مجرد الإشارة إلى برنامج تكافل وكرامة، ومشروعات مثل حياة كريمة وتطوير المناطق العشوائية الخطرة، ومبادرة مثل 100 مليون صحة، وتحقيق أهم إعجاز وهو التخلص من فيروس سي، وغير ذلك كثير فى مجال البنية الأساسية وخلق مناطق صناعية وزراعية جديدة فى مقدمتها مشروع مستقبل مصر، الذى يخلق لنا دلتا جديدة خضراء للزراعة والصناعة فى قلب الصحراء، والمساحة أقل بكثير من أن أعدد النجاحات، وتجعلنى أكتفى بما هو على سبيل المثال وليس الحصر، وهو أساس قوى جعلنا لا نضيع فى مواجهة وباء كورونا، أو نتعرض لكوارث فى مواجهة تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، كما جعل يدنا هى العليا فى مواجهة أزمات المنطقة، والمؤامرات التى تحاك ضدنا عبر الحدود من حولنا. لقد نجحت ثورة يونيو فى مواجهة الجماعة الإرهابية، ومن يديرون قرونها، وحققت بعدها مصر ما اعتبرته المؤسسات المالية العالمية إنجازا فى مجال استعادة التوازن والاستقرار المالي، وكان ذلك كله بفضل التوافق الوطني، ووحدة الصف، ووعى المواطن وصبره والتزامه بقيمه، وتلاحم الشعب مع جيشه وكافة مؤسساته، وما يهمنى هو أن يحافظ الشعب المصرى على تلك المقومات، وأن يظل وعيه الفطرى متقدًا فى مواجهة الشائعات الموجهة، والقصص المختلقة، من أجل ضرب كل هذه المقومات، واستغلال أى حدث عارض حتى لو كان قدريًا، من أجل تسميم العلاقات بين المصريين بجميع طوائفهم، وتلويث الآبار التى نشرب منها، وضرب قواعد الثقة غير المحدودة بين الشعب وقيادته وجيشه وشرطته وقضائه وكل المؤسسات الوطنية، فقوتنا فى وحدتنا، وهناك من يريد فضها، ومصدر نجاحنا هو قوة إرادتنا، وهناك من يعمل على إضعافها، ومصدر وجودنا هو توافقنا الوطنى، شعبًا واحدًا عبر العصور، وهناك من يريد تقسيمنا فى كل شيء حتى فى الرياضة، وبالتالى فنجاحنا فى تحقيق تقدمنا الحضاري ونمونا الاقتصادي، وتطورنا الاجتماعي، مرهون بأن نحافظ على كل تلك العناصر التى ورثناها فى جيناتنا، ونجحنا من خلالها فى تجاوز الأزمات العظام فى تاريخنا وتاريخ المنطقة، وكتبنا التاريخ بعرقنا ودمنا. تبقى رسالة أخيرة، وأرجو ألا يقلل أحد منها، لأنها من المفاتيح المهمة للمستقبل، وأولها عدم فتح أى نافذة تدخل منها روح الكآبة والتخاذل واليأس فهى قاتلة، والحرص على فتح أبواب الأمل والإرادة والقدرة على المواجهة والإنجاز، فعليها نعيش ونعمل ونتقدم ونحقق الإنجازات، وأرجوكم انظروا كيف كان الحال أمس، وكيف تغير للأفضل اليوم، بحيث نواصل العمل من أجل حياة أكثر جودة لحياة كل المصريين غدًا. ودائما ودوما وأبدا.. تحيا مصر ◄ بوكس الأسرة هى أول خطوة في صناعة مستقبل أفضل.