وافق مجلس النواب التابع لنظام المنقلب السيسي، بشكل نهائي خلال جلسته العامة اليوم، على مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، بعد إدخال تعديل جزئي على المادة الثامنة، يلزم الحكومة بتوفير وحدات بديلة للمستأجرين الأصليين وزوجاتهم قبل عام من انتهاء الفترة الانتقالية، وعلى الرغم من هذه الإضافة، أثار القانون موجة واسعة من القلق والرفض الشعبي والنيابي، لما يحمله من تداعيات خطيرة تمس الاستقرار الاجتماعي، وتهدد مستقبل ملايين المستأجرين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة. أبرز بنود القانون: فترة انتقالية للإخلاء: 7 سنوات للوحدات السكنية، و5 سنوات لغير السكنية، بعدها يُلزم المستأجر بإخلاء الوحدة المؤجرة وردها للمالك.
إمكانية الحصول على وحدة بديلة: بشرط تقديم إقرار بالإخلاء، وتكون الأولوية في التخصيص للفئات الأولى بالرعاية.
التزام الحكومة بتوفير البدائل: قبل عام كامل من انتهاء الفترة الانتقالية، لكن دون آلية واضحة أو ضمانات فعلية للتنفيذ.
انتقادات وتحذيرات من تداعيات اجتماعية جسيمة رغم التعديلات الشكلية، يرى خبراء ومختصون أن القانون الجديد يحمل في طياته مخاطر كبيرة، أبرزها:
1. غياب الضمانات الفعلية للمستأجرين ورغم التعديل الذي يُلزم الحكومة بتوفير وحدات بديلة، لم يتضمن القانون آليات تنفيذ واضحة، ما يفتح الباب أمام التسويف أو الإهمال، ويُبقي ملايين المستأجرين تحت رحمة قرارات بيروقراطية قد لا تُطبق في الوقت المحدد.
2. تهديد مباشر للاستقرار الاجتماعي وصفت المحامية بالنقض انتصار السعيد القانون بأنه "مهدد للسلم المجتمعي"، مشيرة إلى أنه يضع الدولة في موقع المتفرج على صراع بين المالك والمستأجر، خاصة في ظل غياب حلول عادلة ومتوازنة.
3. النساء على رأس المتضررين أكدت السعيد أن النساء، خاصة الأرامل والمطلقات والمسنات، سيكونن الأكثر عرضة للتشرد بعد انتهاء الفترة الانتقالية، نظرًا لضعف شبكات الأمان الاجتماعي ومحدودية الدخل، وافتقار البدائل السكنية إلى معايير العدالة أو الشفافية.
4. تفجير اجتماعي محتمل سبق وأن حذر نقيبا الأطباء والمهندسين من أن تطبيق القانون بهذا الشكل قد يؤدي إلى "تفجير اجتماعي"، نظراً لتأثيره المباشر على ملايين الأسر التي تعيش في وحدات إيجار قديم، ولا تملك قدرة مادية على استئجار أو شراء وحدات جديدة.
انسحابات واعتراضات برلمانية ورغم تمرير القانون، شهدت الجلسة اعتراضات حادة من عدد من النواب، وصلت حد الانسحاب، احتجاجًا على تجاهل مقترحات تطالب باستثناء المستأجر الأصلي من الإخلاء، أو تمديد المهلة الانتقالية أكثر، وهو ما رفضه المجلس تحت ذرائع "التوازن بين الطرفين".
حكم المحكمة الدستورية: نقطة انطلاق أم غطاء قانوني؟ استند مجلس النواب إلى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر الماضي، والذي قضى بعدم دستورية تثبيت قيمة الإيجار في قانون 136 لسنة 1981، واعتبره المدخل القانوني لإجراء التعديلات. لكن مراقبين يرون أن الحكم استخدم كذريعة لتسريع إخلاء المستأجرين لصالح لوبيات المال والعقارات.
غموض حول أعداد المتضررين حتى الآن، لا تتوافر أرقام دقيقة حول عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، أو المستأجرين الأصليين، وهو ما أثار انتقادات واسعة خلال الجلسات، إذ كيف يُقر قانون بهذه الحساسية دون بيانات دقيقة أو دراسات اجتماعية شاملة؟!
خلاصة: قانون الإيجار القديم بنسخته الجديدة يهدد بإخراج مئات الآلاف من الأسر المصرية من مساكنها، دون تقديم حلول واقعية أو بدائل مضمونة. ورغم مزاعم الحكومة بحماية المستأجرين، فإن البنود الغامضة، وغياب آليات التطبيق، وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة، كل ذلك يجعل من هذا القانون قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه المجتمع في أي لحظة.
فهل تسعى الدولة إلى تحقيق "عدالة بين المالك والمستأجر"، أم أن ما يحدث هو تمهيد لمزيد من الإفقار والتشريد في ظل سياسات تفتقر إلى الحد الأدنى من الحس الإنساني والاجتماعي؟