كتب الصحفي البارز توماس فريدمان أن لقاء المشير عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا يذكر بالستينيات وبلقاء خروشوف بعبد الناصر، كرجلين من عصر الشعوب القوية والشخصيات الأكثر قوة. وفي مقال على موقع صحيفة النيويورك تايمز، قال فريدمان إنه كان على الزعيمين "بدلا من مناقشة مبيعات للسلاح تبلغ قيمتها 2 مليار دولار أن يشاهدا فيلما معا".
واقترح فريدمان أن يكون هذا الفيلم على وجه التحديد فيلم "الميدان" التسجيلي الذي يتتبع مسيرة 6 نشطاء منذ ايام التحرير الأولى في يناير 2011 وحتى عزل السيسي لمرسي في 2013، قائلا إن "السلطات في مصر لشهور تبحث ما إذا كان سيسمح بعرض الفيلم في مصر أم لا".
ويقول الكاتب إن "نسخا غير رسمية من الفيلم –أول فيلم مصري يرشح لجائزة الأوسكار- انتشرت سريعا على الإنترنت، وشاهده الكثير من المصريين، ونحو 300 ألف من الأوكرانيين، وعرض في أوكرانيا للمحتجين في ميدان كييف (المسمى بنفس الكلمة المستخدمة في العربية)، وبدأت نسخة مدبلجة في الانتشار في روسيا حسب مخرجته جيهان نجيم التي أخرجت فيلما آخر هو غرفة التحكم".
وينقل عن كريم عامر –واحد من منتجي الفيلم- أن الفيلم يلقى صدى في الميادين من القاهرة إلى كييف، لأنه يعبر عن فكرة عالمية "الفرعون لن يتمكن من حمايتنا...والشيخ لن يجعلنا طاهرين...يمكن لنا ويجب أن نكون من يكتب تاريخنا..السلطة تنتقل من الأهرام إلى الميادين، من الرجال الأقوياء إلى الشعوب القوية".
يقول فريدمان إن السيسي وبوتين يجب أن يشاهدا فيلم "الميدان" لأنه "يصور أكثر التحولات التي تحدث اليوم أهمية، بدءا من حقيقة تركز الثورة في القمة، وتوزع السلطة في القاع، وانتشار الشفافية في كل مكان، ولن يمكن لأي قصر –حتى ذلك القصر المنيف الذي يقال إن بوتين يبنيه على ضفاف البحر الأسود- أن يظل مختفيا وراء أسواره العالية".
ويضيف أنه كما يظهر التحرير وكييف، فإن الشبان "لن يعودوا متقبلين لزعماء يحرمونهم من أدوات ومساحة لتحقيق قدراتهم الكاملة".
ويرى فريدمان أن هناك سببا آخر يدعو الزعيمين لمشاهدة الفيلم، وكذلك كل المحتجين ضدهما، وهو أنه "لا ينتهي نهاية سعيدة لأي أحد...ليس بعد ...لماذا؟".
يرى الكاتب أن "الجيش في مصر أقصى المحتجين جانبا، لأنه على الرغم من رغبة الجميع في إسقاط الفرعون (مبارك)، فإنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على خطة أوسع للإصلاح، وترجمتها إلى أغلبية تتولى الحكم".
ويرى الكاتب أن كلا من السيسي وبوتين سيخسران لو لم يتغيرا، قائلا "لن يكون هناك تقدم مستمر دون سياسة واقتصاد لا يستثنيا أحدا".
ويقول فريدمان "أفهم حاجة وتطلع "من ليسوا" في الميادين ل"لاستقرار" و"النظام" اللذين كانا سببا لصعود كل من السيسي وبوتين للسلطة، بعد فوران ثوري بالغ.. لكن يجب توجيه سؤال لهما عما ينبغي فعله بهذا الاستقرار، وعن أي وجهة ستتخذ".
يضيف الكاتب "هل هذه الوجهة هي سجن الصحفيين والمعارضة والقادة الشبان؟"، قائلا إن "زعماء استبداديين عديدين من آسيا فرضوا النظام ولكنهم بنوا مدارس ومرافق تحتية وحكما بالقانون أدى لنشأة طبقة وسطى حققت بالفعل الديمقراطية".
ويقول فريدمان "لدى المحتجين فيض من المثالية ونقص في خطة عمل سياسية مشتركة، ولدى السيسي وبوتين فيض من الاستقرار ونقص في السياسة التي تشمل الجميع والتي تعد علامة الحداثة المميزة (وليس فقط رفع سعر البترول)".
ويتابع "ما لم يتغلب الجميع على نواقصهم، ستفشل بلادهم في تحقيق أحلامها، وستتحول كل "ميادينهم" إلى مسرح للنزاعات، لا منصة لانطلاق التجديد".