لقد كتبت مقالًا مطولًا عن فيلم «الميدان» المرشح لجائزة الأوسكار 2014 في فئة أفضل فيلم وثائقي، وهو فيلم يرصد الوقائع التي سبقت وتلت ثورة يناير 2011 في مصر ترويها مجموعة متميزة من المتظاهرين. الفيلم استند إلى لقطات فيديو صورها نحو 40 مصورًا مصريًا، والفيلم يحتفي بنشوة الثورة، والتزام وشجاعة النشطاء المتعصبين لثورتهم، كما أنه يتعرض للمؤسسة العسكرية ولجماعة الإخوان المسلمين، وهما المؤسستان القويتان اللتان تبادلتا الحكم بعد الثورة مستفيدة من التغير الذي حدث. ولكن «الميدان» يخلق عوالم ذات أثر بعيدًا عن أضواء هوليوود وسجادتها الحمراء. فبالرغم من العقبات التي واجهها مع الرقابة المصرية إلا أن الفيلم تم تداوله في مصر لأشهر عديدة. وقد أعلنت المخرجة جيهان نجيم مؤخرًا الفيلم أصبح متاحًا لجميع المشاهدين المصريين على قناة يوتيوب. وقال طاقم الفيلم في بيان منشور على الإنترنت «استطعنا أخيرًا أن نحول الأمر إلى الواقع،، وهذا هو الفيلم، ونأمل أن نتمكن من مشاهدته معًا في الميدان قريبًا»، في إشارة إلى ميدان التحرير الذي وصفه الكاتب بأنه «بداية اندلاع وإلهام الاحتجاجات في مصر منذ الاطاحة بالمخلوع حسني مبارك عام 2011». وإن حدث وعرض الفيلم في ميدان التحرير، فهي لن تكون المرة الأولى التي يتجمع فيها معارضون لنظام ما لمشاهدته، ففي شهر فبراير 2014 تحدى المتظاهرون الأوكرانيون درجات الحرارة التي وصلت إلى ما تحت الصفر في ميدان الاستقلال «يوروميدان» بالعاصمة كييف وشاهدوا نسخة مدبلجة من الفيلم. وقد تحدث كريم عامر المنتج الفني للفيلم عبر سكايب مع كييف وقال «على الرغم من الاختلافات، فإن الصور في كييف والقاهرة متشابهة» وأضاف عامر أن الشعور بالتضامن بين يوروميدان والميدان كان حقيقيًا «الأحاديث تكاد تكون متطابقة، فهم قد يمثلون خلفيات مختلفة، ولا يثقون في الإعلام التقليدي لنقل رسالتهم، كما شاهدوا الموت بأعينهم، ولم يعودوا خائفين». في الأيام التي تلت عرض الفيلم في كييف، تألقت شجاعة يوروميدان، مع صمود المتظاهرين المحتشدين وراء المتاريس والإطارات المشتعلة، وهم يصدون هجمات قوات الأمن. ورغم أن العشرات قد لقوا حتفهم إلا الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش كان أول من تراجع وتنحى ثم هرب إلى روسيا وانتصر يوروميدان. ولكن كما في مصر، فالنصر لم يكن إلا لحظة عابرة، وسرعان ما ظهر الانقسام بين الجماعات التي كانت موحدة في الميدان من قبل، وما بدأ كانتفاضة من أجل الحريات قد يتحول إلى مجموعات متطرفة مماثلة لما حدث في ميدان التحرير. وكما في مصر، فإن القوى السياسية التي تشكل الآن الواقع الجديد والهش في كييف هي تلك التي لها باع طويل في أورقة السلطة. وكما حدث في مصر الوضع الاقتصادي المتداعي الأوكراني قد يعني المزيد من عدم الاستقرار والإحباط مما قد يهدد المكاسب التي حصل عليها المحتجون. تقول نجيم إن الفيلم – الذي سبق عرضه في احتجاجات في اسطنبول وكراكاس يُعد «رسالة حب لأولئك الذين يحاربون من أجل التغيير، وهو شهادة لها بعد عالمي الآن». ويضيف عامر «إذا ابتعدنا عن تفاصيل الصورة لأمكنا أن نرى عبر الحدود، وكيف أننا جميعًا مترابطون». يختتم المقال بالقول إن هذا الإحساس بالانتماء بالجماعة قد يمنح الثوار في كل من كييف والقاهرة القوة اللازمة لمواجهة التحديات المستقبلية. اقرأ أيضًا : جوائز الأوسكار اليوم .. صراع ساخن بين جميلات هوليوود.. ومنافسة قوية بين أكثر 10 أفلام إثارة للجدل