نُشر على موقع جمعية الوفاق البحرينية تصريح، نقلا عن موقع تويتر الخاص بأمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، ما نصّه أن "الوفاق والمعارضة لن ترضى بحل يظلم السنة، وأنها مسؤولة عن حقوق السنة كما حقوق الشيعة وحقوق كل مواطن، كما أنها تبحث عن حل يحفظ حقوق الأقلية المسيحية واليهودية وغير المسلمين كافّةً"، ولعل القارئ العادي يرى في هذا القول كثيرا من السماحة والانفتاح والإيجابية التي تمهد الطريق لاستكمال جولات الحوار الوطني أو حتى لتحقيق توافق وطني يجمع كل الأطراف، إلا أن القراءة الواعية والدقيقة لمثل هذه التصريحات وغيرها تستوجب من المواطن أن يقرأ دائمًا ما بين السطور في تصريحات قادة هذه التيارات أو التنظيمات التي تحاول أن تخدع المواطنين بمصطلحات وتعبيرات كاذبة. وحتى لا يكون الكلام مرسلا، فتكشف هذه الفقرة عن مجموعة من الملاحظات واجبة التسجيل، منها:
أولًا: حينما يحاول القادة استخدام عبارات مطاطة وغير واضحة للعامة أو لعامة المواطنين فهذا يدل على الخداع والكذب والنفاق، بل يكشف عن خبث المقاصد وسوء النيات، وهو ما يميّز بين خطاب الحكم الذي يدير المملكة اليوم، فتحليل مثل تلك الخطابات يعكس إلى أي مدى تسعى الحكومة البحرينية أن تكون واضحة في خطابها وصادقة في رسائلها ومعبرة عن الواقع البحريني بكل جلاء وصدق دون كذب أو مواربة، وهو ما يتناقض مع النهج الذي تتبناه هذه التنظيمات وتلك التجمعات والتي ترى أن الكذب والنفاق والخداع هي الطريق للاستحواذ على عقول المواطنين وتوجهيها وإذا كان هذا الأمر يمكن أن ينجح مع الأتباع والمريدين، فإنه لا ينطلي على الشعب البحريني الواعي المثقف القادر على الفرز بين الغث والثمين.
ثانيًا: حينما يتحدث أمين جميعة الوفاق عن أن "الوفاق والمعارضة"، فهو قد ميّز بنفسه بين المعارضة السياسية الصحيحة التي تستهدف بناء الوطن وبين جمعية الوفاق، وهذا التمييز يجب أن يسجل بصورة واضحة حتى لا تختلط الأمور في ما بعد. فكل المجتمعات لديها حكومة ومعارضة، وما بينهما إما أن يكون مواطن عادي يسعى إلى العيش دون أن يشغل نفسه بقضية الحكم وإما أن يكون عميلا وخائنا يستهدف أمن الدولة والمجتمع معا. فإذا كانت الوفاق ليست في مقعد الحكومة وباعتراف أمينها العام ليست في مقعد المعارضة، فأين معقدها إذن؟ هذا سؤال يجب أن تجيب عنه الجمعية وقياداتها حتى تستطيع الدولة والمجتمع البحريني أن يتعاملا معها.
ثالثا: حينما يتحدث الأمين العام عن مسؤولية الجمعية والمعارضة عن حماية حقوق المواطنين بمختلف فئاتهم،
فمن أين اكتسبت الجمعية هذه الثقة، هل بانتخابات نجحت فيها؟ أم بتفويض شعبي خارج بالآلاف لتأييد مطالبها؟ أم بتوكيل عن المرجعية الأمامية في قم الإيرانية؟
رابعا: حينما يتحدث الأمين العام عن "ظلم للسنة" يحاول أن يخدع الرأي العام الخارجي بأن السنة هم الأقلية في مملكة البحرين وأن الأغلبية المنتمية إلى المذهب الشيعي الذي يمثلها هو لن تظلم السنة أو أصحاب الديانات الأخرى، وهو قول مغلوط مع حقائق الواقع التي تؤكد كل الإحصاءات أن السنة هي الأغلبية صحيح الفارق بنسبة بسيطة إلا أن الحقيقة أن المنتمين إلى المذهب السني هم الأكثر عددًا.
ولكن التساؤل المهم هل في دولة المواطنة وسيادة القانون يمكن أن يكون تولي المناصب على أساس مذهبي؟ وهل الدولة البحرينية الآن تنتهج هذا المنهج أم تستمد جمعية الوفاق نموذجها للحكم من دولة الملالي الذي ينص دستورها على مذهبية الدولة بما يخالف كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية بل وحتى يخالف مبدأ المواطنة الواجب أن يكون حاكما في إدارة أي دولة، وهنا الفارق بين دولة المواطن والقانون الذي تمثله البحرين شأنها شأن أي دولة في العالم، وبين دولة المرشد الإيراني كنموذج فريد لا يتكرر إلا في هذه الحالة فحسب. نهاية القول إن الخداع الذي تمارسه جمعية الوفاق البحرينية في خطابها الإعلامي سواء للداخل أو للخارج يستوجب أن يكون هناك عقل واعٍ وإرادة قوية وسياسة حكيمة في ردّ تلك الادِّعاءات وتفنيد كل تلك الأكاذيب