قالت مجلة "سبكتاتور" البريطانية إن الصراع الطائفي في منطقة الشرق الأوسط بين الشيعة والسنة أو إيران والسعودية على وجه التحديد ظهر على السطح السوري بعد اختمار امتد على مدى عقود. واستهلت تقريرا بثته على موقعها الإلكتروني مساء اليوم /السبت/ - بالإشارة إلى ما آلت إليه المنطقة من انزلاق سوريا في هوة حرب أهلية ووقوع مدن عراقية في أيدي تنظيم القاعدة واقتراب لبنان من التمزق مرة أخرى واضطراب الأوضاع في مصر لولا ثورة 30 يونيو التي أعادت شيئا من الاستقرار ، لافته إلى أن وارء كل هذه الوقائع وخلف كل هذا الدمار وتلك الدماء ثمة حقائق .
وأضافت أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط ليس انهيارا وإنما هو بحث عن شكل جديد ذات حدود واضحة تغاير تلك التي رسمتها القوى الاستعمارية قبل نحو مائة عام والتي تشهد اليوم محو وإزالة ، ولحين أن يتم ذلك فإن القوتين الأكثر طموحا بالمنطقة - السعودية وإيران - ستظلان في صراع ليس فقط من أجل بسط النفوذ والسيطرة على المنطقة ولكن قد يكون من أجل مجرد البقاء.
وتابعت المجلة بقولها "إن الصراع الدائر في الشرق الأوسط مصطبغ بصبغة الحرب الدينية على نحو واضح ، مشيرة إلى أن الدافع الديني غير خاف وراء ذهاب كثير من المقاتلين الأجانب إلى سوريا على مدار الأعوام الثلاثة الماضية - حيث خرج من بريطانيا وحدها 400 مقاتل أو يزيدون صوب سوريا .
ورصدت "سبكتاتور" حوارا دار بين اثنين من المقاتلين الأجانب في سوريا أحدهما ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ، بينما ينتمي الآخر إلى "الجيش السوري الحر" ؛ حيث قال الأول للثاني : "أنتم أيها الكفار المرتدون .. لقد أعلناكم مرتدين أيها الزنادقة .. يا من لا تعرفون الله ولا رسوله ، وإلا فأي نوع من الإسلام تتبعون، ولماذا جئتم إلى هنا؟ اذهبوا حاربوا إسرائيل، وليكن في علمكم أن قتال المرتدين أمثالكم مقدم على قتال اليهود والمسيحيين ، بحسب اتفاق الأئمة".
ومضت المجلة البريطانية قائلة "منذ البداية كان واضحا أن ما يحدث في سوريا تغذيه طائفية دينية ؛ ففي أول الأمر ذهبت جماعة "حزب الله" اللبنانية الشيعية بإيعاز من إيران للقتال إلى جانب بشار الأسد العلوي (إحدى الطوائف الشيعية) حليف طهران ، وعلى الجبهة الأخرى كانت هناك تحركات لجهات ذات توجه سياسي وديني مغاير- حيث خرج الألأف المقاتلين المنتمون إلى المذهب السني من بريطانيا وأوروبا فضلا عن الشرق الأوسط بعدما سمعوا نداء الجهاد يصدح به آئمة كبار أمثال مفتي السعودية عبد العزيز آل شيخ، والشيخ يوسف القرضاوي الذي وصف جماعة "حزب الله" اللبنانية العام الماضي بأنها اسم على غير مسمى وأنها أقرب إلى أن يكون اسمها "حزب الشيطان" مفتيا بأنه يجب على كل مسلم مؤهل للقتال وقادر عليه أن يكون مستعدا للجهاد في سوريا.
وأكدت المجلة أن إيران منذ البدء أظهرت استعدادها لعمل كل ما يمكنها لحماية مصالحها في سوريا بدعم نظام الأسد حتى لو تحملت في سبيل ذلك مواجهات داخلية من أبناء الشعب الإيراني المحرومين من الخدمات الأساسية بينما يرون حكومتهم تنفق الملايين على الحرب الأهلية في سوريا وفي المقابل بدأت السعودية ، المتخوفة من ازدياد النفوذ الإيراني بالمنطقة ، في دعم المعارضة السورية.
وعلى صعيد آخر .. رصدت "سبكتاتور" وقوف الولاياتالمتحدة والغرب موقف المتفرج من هذه الأحداث المضطربة ، عازية هذا الصمت من الجانب الأمريكي إلى انعدام المصلحة لاسيما بعد اتجاه واشنطن إلى تحقيق الاستقلال في الطاقة المحلية البديلة عن النفط الذي تنتجه منطقة الشرق الأوسط، بحيث لم يعد هناك ما يبرر الانخراط في صراع يكلف الكثير من الدماء والأموال والسمعة الدولية، كما لم يعد ثمة داع لأن يتكبد الأسطول الخامس الأمريكي عناء الحفاظ على الأمن القليمي في منطقة أكبر مستفيد من مواردها هو الحزب الشيوعي الصيني؟