وصف الروائي بهاء طاهر ثورة 25 يناير بأنها "ثورة ما بعد حداثية" معتبرا أنه من الخطأ تشبييها بالثورة الفرنسية وأكد أن الثورة الفرنسية سبقها جهد فكرى هائل من كل المفكرين العظماء فى حين أن الثورة المصرية لم تنطلق من هذه الخلفية. وقال طاهر في الندوة التى عقدت بمكتبة الشروق بالزمالك مساء الجمعة إن الثورة الفرنسية ظلت تصنع القيادات وتسحقها إلى أن وصلت إلى نابليون بونابرت لافتا إلى إننا لا نملك ترف أن نفعل ذلك حتى نصل إلى "نابليوننا الخاص".
وأضاف أننا لا نستطيع أن نمشى بعشوائية مشيرا إلى أن العشوائية التي تحدث حاليا هى ما يحدث ما بين أنصار الدولة الدينية والدولة المدنية وأنه أيضا لا يوجد ما يسمى بنصف ثورة مؤكدا أن الثورة التى تقف فى منتصف الطريق تنتحر.
وتابع الكاتب أنه ليس واثقا من أن التيار الدينى بهذه القوة وأن التيار الليبرالى بهذا الضعف وقال إن هناك شواهد كثيرة تؤكد أن هناك رفضا كبيرا لما أطلق عليه "غزوة الصناديق" مؤكدا أنه يثق فى أن التيار الليبرالى قوى وأن هناك تحديا شديدا وأن التحدى هو الذى يخلق التيارات القوية ورأى أننا على وشك صحوة وشيكة للتيار الراغب فى دولة مدنية حرة وديمقراطية وأن هذا التيار الليبرالى لن يكون بالضعف الذى يتوقعه خصومه.
ولم يؤيد الروائى الكبير بهاء طاهر بعض الأصوات التى تقول إن هناك صفقة ما بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين موضحا أن الجماعة استطاعت أن تصمد على مدى عقود طويلة وأن تكون أكثر تنظيما من أى قوى سياسية أخرى وأنه فى ظل غياب الجماعات الثقافية استطاعوا أن يجذبوا أعدادا كبيرة من الجمهور مشيرا إلى أن حزب التجمع (اليساري) لو كان بذل نصف ما بذله من مجهود فى الهجوم على الإسلاميين لكانوا الآن الحزب الأول فى مصر و"أنه ليس لنا أن نلوم الآخرين لأننا لم نفعل مثلهم".
وأكد طاهر أن شباب الثورة نجحوا فى تحقيق حلم لم تنجح أجيال متعاقبة فى تحقيقه متمنيا أن تتحقق كافة الأهداف التى اندلعت من أجلها الثورة وأن تتحقق الآمال المرجوة وأن يتم تجاوز كافة الاحباطات المحيطة بنا فى الوقت الراهن.
وقال إنه يتمنى أن يستعيد الأمن والاقتصاد المصرى قوته وأنه توجد علامات استفهام لعدم تعافى الأمن والاقتصاد إلى الآن لافتا إلى أن معالجة هذه الأمور فى يد المسئولين الذى تمنى أن يتواصلوا مع الكتاب والمثقفين لتبادل وجهات النظر.
وأضاف أن الثورة من المفترض أن تكون قد وصلت لمرحلة الإستقرار ولكنها لم تنضج بعد موضحا أن نجاح الثورة قام على ثلاثة مكونات رئيسية هى الشباب والجمهور من كافة الاتجاهات والقوات المسلحة المصرية التى لولاها ما نجحت الثورة لأنها رفضت أن تستخدم القوة ضد المتظاهرين بل إنها منعت من كان يريد أن يفشلها مطالبا فى الوقت ذاته بضرورة إيجاد آلية ما تحقق التواصل مع العناصر الثلاثة ولكن ما يحدث حاليا أن كل عنصر يعمل بمفرده.
وانتقد طاهر وجود العديد من الائتلافات التى يشكلها الشباب ويرى أنه لا يوجد مبرر لوجود هذا الكم الهائل من الائتلافات حتى أصبحنا لا نعرفهم موضحا أنه بالنسبة للجمهور ظهر بوضوح الأخوان المسلمين الذين التحقوا بالثورة ولم يكونوا مشجعين ولا مساهمين لها منذ البداية بل أنهم أصدروا بيانا أعلنوا فيه عدم مشاركتهم ولكن دورهم مع الوقت كان له أثر كبير حيث كان لهم دور كبير فى صد هجمات البلطجية على الميدان بالمشاركة مع مجموعات كبيرة جدا من "الألتراس" من مشجعى كرة القدم وأن العديد من القوى الأخرى لم تستطع حتى الآن بلورة اية اتجاهات.
وأكد طاهر أن النظام السابق نجح فى تدمير جميع المؤسسات الثقافية وأنه ظل يحارب هيمنة وزارة الثقافة على إتحاد الكتاب موضحا أن العديد من الجهود الثقافية المبذولة تعد جهودا فردية وأنه على الأديب ألا يكون صوتا لجهة أخرى غير نفسه.
وطالب طاهر الجهات التى تتحدث باسم الشباب أن تتوقف عن ذلك وأن تقوم التيارات السياسية التى تعمل فى الحياة المصرية بتعريف نفسها وألا تقول فقط أنها ضد شىء ما ولكن عليها أن تقول هى مع من فضلا عن توحيد الجماعات السياسية المتواجدة على الساحة حاليا ضد الجماعات المنافقة لمصادر القوة.
وقال إن المنظومة الثقافية الشاملة مفككة ولا توجد آلية للتجميع ولا للثبات وأن هذه الكيانات الثقافية لا يوجد بينها تنسيق أو اتصال موضحا أنه من الضرورى تربية الأطفال على ثقافة التسامح وقبول الآخر وأنه قدم من قبل رواية "خالتى صفية والدير" وأنه سعى من أجل أن يتم تدريس هذه الرواية لطلاب المدارس ولكن تلك المساعى تم إهمالها.
ونوه طاهر بأن الأدب له رسالة حتى وإن لم تكن له رسالة مثل ما سمى "الفن للفن" "الأدب للأدب" وأن جودة العمل الأدبى هى سبيل للرسالة مؤكدا أن الأدباء القادمين من الشباب أفضل من السابقين وأنهم يملكون النضج الفكرى والفهم الأشمل أكثر مما كنا فى مثل سنهم.
وأعرب بهاء طاهر عن امنياته بأن يتم التنسيق مع الدول العربية خاصة تونس من أجل مشروع للثقافة العربية الجامعة خاصة وأن تونس هى الأقرب حاليا بالنسبة لظروفها المتطابقة مع مصر إلى حد كبير لافتا إلى أنه تبرع بقيمة جائزة "مؤنس الرزاز" لإنشاء مركز لترجمة الأدب الأردنى مشددا على أن القضية الفلسطينية هى إحدى هموم عمره وأنه ومنذ كان طفلا صغيرا كان يهتف ضد الصهيونية وأن الهوى الفلسطينى متجذر لديه.
وقد حضر الندوة المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الشروق والدكتور جلال أمين والكاتبة فريدة النقاش والكاتبة أهداف سويف والإعلامى حسين عبدالغنى والإعلامية ريم ماجد والدكتورة ماجدة بركة.