هل حقا تريد أن تتأكد مما أقول؟ 200 عام ونيف هي الفاصل الزمني بين مذبحة القلعة بدعوة من محمد علي وبين مذبحة القبة بأمر مبارك. وشتان الفارق ما بين الدعوة و الأمر. ما بين الإختيار والإجبار. إن مذبحة القلعة ليست فقط 470 مملوك بل إمتدت لباقي القطر المصري في حركة تطهير تفوق حركة تطهير الداخلية بمراحل، " ولا حتي تطهير أثر خرطوش أبوحامد نفسه ". هل حقا نجا ابراهيم بك وأمين بك ومن معهما؟ أم أُريد لهم الهروب؟ فمن غير المعقول النجاة من القلعة كما وُصف، وطبقا لمعلوماتي ان شركة ريدبول بدأت الإنتاج في بداية القرن التاسع عشر وبالتالي من كان سيعطيهم "جوانج" للطيران؟ لا أحد. لا أعتقد أن الملا العريان والملا البلتاجي وإخوانهما باقي الملاليك علي غير ذي علم بالتاريخ وما حدث. حيث إن الزعامة الشعبية والنفوذ المالي للمماليك ورغبة محمد علي الإنفراد بحكم مصر هي ما أدي الي إنقلابه علي من ساعده بالإمس للوصول لحكم مصر، بمذبحة من تدبير لاظوغلي باشا قائد القوات المسلحة ورئيس الوزراء في نفس الوقت. فلم يكن محمد علي صادقا، خوفا أن ينقلب المماليك عليه في حكم مصر عند ذهابه لمحاربة الوهابية، بل كان فقط يريد القضاء عليهم ليحكم مصر منفردا، بدليل إنقلابه علي الباب العالي نفسه. ويبدو أن الإخوان حافظون ولكنهم غير مستوعبون وبتعبير آخر " مش فاهمين ". ذات السيناريو، قاعدة شعبية عريضة من خلال العمل العام منذ عشرات السنين، أعمال تجارية مهولة، رغبة مبارك وآل مبارك واللي جابو مبارك في حكم مصر حتي وإن كانت "خرابة". فهل تمثل قبة البرلمان وليمة القلعة، طُعم الإستدراج، الشيئ الذي سوف يجمع المدعون للمذبحة مثلما يجمع ضوء المصباح الفراشات، رغم عدم وجود "هولز" كاف في الوليمة. هل حقا لاظوغلي باشا هو الجنزوري باشا؟ أم أن العسكري واضح النوايا من البداية " بيشتغل علي ميه بيضا " وصادق النيه ويريد فقط القضاء علي الوهابية الحسانيه حتي وإن تلاقت المصالح، ولا يريد القضاء علي الملاليك – الإخوان – بل يريد للقضاء أن يتولي ذلك، لكن بغير دائرة تظلمات الساعة التاسعة مساءا. منتهي الوضوح من العسكري ومنتهي السذاجة من الإخوان ومنتهي الرمحي من قناة العربية ، " اللي لمت الدور في تحريك الشعوب في ثوراتها – أقصد القناة بالطبع". مبارك لم يستمع لأحد قط وهو يقود سيارة مصر، من مطب الي مطب أكبر، ومن حادث الي كارثة، لذا كانت النتيجة سحب الرخصة وتحويله الي قومسيون طبي فاخر طائر، وفي إنتظار إعادة جمال لإختبارات رخصة القيادة، " النتيجة أول يونيو". كذلك الإخوان فكل من في مصر إما إنه يحمد ربنا إنه لم يركب معهم السيارة وإما إنه " بيضرب نفسه ستين صرمة قديمة إنه خلاهم يسوقو ". فغالبية الناس التي تفهم تقريبا ولو جزء بسيط في السياسة، تحذرهم أن هناك أمر ما يدار لهم ولمصر ولكنهم يُكذبون كل شيئ، تماما مثلما فعل مبارك... نصيح أن الجنزوري لا يصلح، فيعلنون إنه الأفضل، ثم بعد ذلك يطالبون بإقالته. نصرخ أن العسكري ضد الثورة، فيشكرونهم أنهم حموا الثورة، ثم يكتشفون أنهم باعوهم للأمريكان. نستغيث أنكم لا دور لكم، فيصرحون بمعاقبة الوزراء، فيعلن العسكري حقه في حل البرلمان. "نصوت ونوَلوِل " أن أمن الدولة مازال يعمل، فيُشَرعون قانون براءة وعفو عن رموز النظام السابق، ثم يفاجئون بضابط أمن دولة يحرض علي حرقهم داخل القبة (القلعة). نحن نخاطبهم بصيغة الحاضر دائما رغم عدم وجودهم، وهم يتجاهلوننا بصفة الغائب دائما رغم حضورنا. بعد الإنتهاء من مذبحة القلعة، نزل أنصار محمد علي وأنصار لاظوغلي باشا – الجنزوري باشا - الي شوارع القاهرة تدميرا وحرقا ونهبا لكل ما ومن هو من المماليك أو يمت لهم بصلة، لذلك أعلن أنا كاتب هذا المقال أنني برئ براءة تامة من جماعة الإخوان المسلمون وأنني " لم أكن أنتوي الإنضمام لهم أبدا ". وأجد أن الفارق الوحيد بين المذبحتين أن محمد علي كان "يريد الخير لمصر" وقد كان. بينما الإخوان يحملون الخير لمصر وقد لا يكون. فشتان بين من يريد، وبين من يحمل وقد لا يريد. لذلك حكم محمد علي مصر لأكثر من مئة وخمسون عاما حتي أخرجه العسكر. بينما الإخوان يريدون أن يخرجوا العسكر بعد 60 عام فقط، رغم أن محمد علي ليس مصريا، بينما العسكر كذلك ( دي حتي تبقي عيبة في حقنا، نولي الغريب أكتر من ابن بلدنا ). فهل حقا ينتظر الإخوان من العسكري تسليم مصر لهم بنهاية يونيو القادم. بتعبير أوضح وأدق, هل الإخوان بهذه السذاجة. أم أنهم ينتظرون وليمة العسكري ، وأن كلا منهم يضع في جيبه علبة وبعضهم ثلاث علب ريدبول نظرا للوزن الزائد. لكن من هو أمين بك ومن هو إبراهيم بك في الإخوان، إن العسكري استعد جيدا ولن يغادر المذبحة أحد. المذبحة قادمة، لايراها إلا البعيدون عنها، أما القريبون منها فيعميهم الغبار المتصاعد من أثر أرجل الجنود. فإذا أردت أن تعرف التفاصيل فإقرأ من أول المقال. محمد صالح أبوحامد