أجرت صحيفة "لوموند" الفرنسية حوارًا مع الناصري حمدين صباحي، أحد زعماء معارضة محمد مرسي، والذي كان قد جاء في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو 2012.
وعندما أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن عزل مرسي كان من شأنه أن يخرج البلاد من أزمة سياسية حادة، ولكن بعد ثمانٍ وأربعين ساعة، بدأ الأمر أكثر حدة من أي وقت مضى، جاء رد حمدين صباحي أن الشعب المصري أوضح موقفه في الثلاثين من يونيو. فقد طرد الشعب مرسي الذي انتهى، وأراد تعميق مكاسب ثورة 25 يناير 2011 من أجل إقامة ديمقراطية حقيقية مفيدة للجميع، مشيرًا إلى أن مثيري أعمال العنف الحالية هم أنصار مرسي الذين يريدون إغراق البلاد في حرب أهلية. "وبعون الله، سنمنعهم من ذلك وسنعيد إطلاق الثورة".
وردًا على ما إذا كان من الممكن بناء ديمقراطية على انقلاب عسكري، أجاب حمدين صباحي أن الثالث من يوليو لم يكن انقلابًا. ليس لأنه تم انتخاب رئيس دولة، لا يحق للشعب محاكمته، قائلًا: "احترمنا نتيجة الانتخابات. ولكن مرسي قام بتحويل العملية الديمقراطية لوضع ديكتاتورية جديدة. ورأينا ذلك بوضوح في شهر نوفمبر عندما منح نفسه سلطات استثنائية بمرسوم. وسريعًا، وصلنا إلى درجة أن غالبية الشعب اعتبر أنه يسخر من إرادته ومن مبادئ الثورة. لذلك قررنا الدعوة إلى انتخابات مبكرة".
وأوضحت صحيفة "لوموند" أن مرسي اقترح عدة مرات على المعارضة في الدخول في الحكومة وفي كل مرة كانت المعارضة ترفض. وفي هذا الصدد، أشار صباحي إلى أن هذا الأمر صحيح إلى حد ما ولكن مرسي لم يعاملهم أبدًا كشركاء حقيقيين، واقترح عليهم مقعدين أو ثلاثة مقاعد ليس أكثر. فمفهوم الديمقراطية بالنسبة إلى مرسي "منظر"، ولم يسعى أبدًا إلى فتح حوار بشأن القضايا الحرجة مثل العدالة الاجتماعية أو الانتعاش الاقتصادي.
وحول اعتقال قيادات جماعة الإخوان المسلمين وإغلاق قنوات التليفزيون الإسلامية، شدد حمدين صباحي على أنه طالب الجيش بالإفراج في أقرب وقت ممكن عن العاملين في هذه القنوات الذين ألقي القبض عليهم. ولكن أوافق لفترة قصيرة على قرارات الإغلاق لأنها قنوات تحرض على الكراهية بل والقتل.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه من الممكن إلقاء اللوم بالتحريض على بعض الممثلين الليبراليين أيضًا. فأوضح صباحي إلى أننا بحاجة إلى مدونة قواعد سلوك تطبق على جميع القنوات وليست الإسلامية فقط. ويجب إعطاء فرصة جديدة للقنوات التي تم إغلاقها عندما يقل التوتر. وفيما يتعلق بالاعتقالات، أعلن صباحي معارضته لها تمامًا، معتبرًا أن الحوار الإقصائي الذي يتبعه البعض ضد الإخوان المسلمين ليس ظالم فحسب، إنما يؤدي إلى آثار عكسية. وهذا ما تظاهرنا ضده، ليس تواجدهم، وإنما سياستهم السيئة للغاية.
وطرحت صحيفة "لوموند" تساؤلًا: كيف من الممكن أن يكون رد فعل جماعة الإخوان المسلمين على المدى المتوسط؟ أجاب حمدين صباحي أن هناك خيارين أمام قادة الجماعة. الخيار الأول يتمثل في الموافقة على رغبة الشعب وبذل الجهد في فهم لماذا تظاهر الكثير من الناس ضدهم. وبذلك، قد يتمكن الإخوان من الاندماج من جديد في العملية الديمقراطية وتحمل مسئوليتهم في قيادة البلاد. والخيار الآخر هو العودة إلى السرية والعنف، وهذا سيكون أمرًا سيئاً بالنسبة إليهم وإلى المجتمع.
وسألت الصحيفة الفرنسية حمدين صباحي: "من أين تأتي ثقتك في الجيش؟ فإدارته للبلاد ما بين فبراير 2011 إلى يونيو 2012، لم تكن ناجحة". أشار صباحي إلى أننا نثق في الجيش لأنه قام بتنفيذ اختيار الشعب، وسيكون له تأثيرًا واضحًا في إدارة المرحلة الانتقالية، ولكنه لا يعتقد أن الجيش يرغب في إدارة البلاد. وأوضح صباحي أنهم اقترحوا أن تنتهي المرحلة المؤقتة بعد ستة أشهر من خلال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وعن رد فعله إذا ترشح إلى الانتخابات الرئاسية وفاز بها ولم ترضي سياسته الإسلاميين الذين تظاهروا بكثرة على غرار حركة تمرد وطالبوا بعزله، أجاب حمدين صباحي: "سأتنحى دون تردد". فهو لن يسمح لنفسه في مثل هذا الموقف اللعب بمقدرات الوطن، وسينصاع لإرادة الشعب الذي يجب أن يجد رئيسًا آخر أكثر كفاءة.
وعما كان من المفترض أن يفعله محمد مرسي لكي يتجنب هذا المصير، قال حمدين صباحي أنه كان بإمكانه أن يقوم بعدة أمور، فقد كان يستطيع تشكيل لجنة لمراجعة نص الدستور الذي تمت صياغته في عجلة من الأمر، دون مشاورة المعارضة. وكان بإمكانه تأخير الاستفتاء على هذا الدستور، مما كان سيعطي الوقت اللازم للتوصل إلى توافق في الآراء. وكان بإمكانه تجنب تعيين محافظين غير أكفاء يخدمون مصالح جماعة الإخوان المسلمين بدلًا من خدمة الشعب. ولكنه لم يفعل أي شيء من ذلك.