أوردت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالًا بعنوان "الديمقراطية مهددة في مصر" ذكرت فيه أن الرئيس محمد مرسي شرعي لأنه منتخب. وهو الأمر الذي أكدته السفيرة الأمريكية في مصر، آن باترسون، للمعارضة عندما قالت إن الديمقراطية لن تتحقق سوى من خلال الانتخابات وأن محمد مرسي ليس حسني مبارك.
ولكن، منذ وصوله إلى الحكم في يونيو 2012، يخوض الرئيس مرسي تجربة فريدة من نوعها، فكلما حقق الإخوان المسلمون نجاحات انتخابية، كلما بدت شرعيتهم هشة وكلما تفاقم الجمود السياسي والمؤسسي في البلاد.
فالموافقة على الاستفتاء الذي أجري في مارس 2011 الذي خطط عملية الانتقال السياسي لصالحهم، والفوز في الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية والتصديق على الدستور الجديد من خلال الاستفتاء، كل ذلك لم يسمح للإخوان المسلمين بتأكيد قيادتهم السياسية أو فرض أنفسهم في مؤسسات الدولة أو حتى القيام بالإصلاحات الإسلامية التي كانوا يحلمون بها أو إثبات التزامهم بالقضية الثورية.
واليوم، تطالب جميع القوى السياسية غير الإسلامية بتنحي الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ومن المقرر تنظيم مظاهرة مليونية في الثلاثين من يونيو ضد الرئيس مرسي.
وتساءلت الصحيفة الفرنسية: هل مرسي – على حد زعمه – ضحية نخبة ليبرالية معزولة عن واقع البلاد ومستعدة لإصابة المؤسسات بالشلل لإفشال الإسلاميين؟ هل يصطدم بمقاومة بيروقراطية متضخمة وفاسدة؟
وقد حذر الإخوان المسلمون من خلال المتحدث باسمهم أحمد عارف من أنه "إذا لم يكن المجتمع قادرًا على ضمان حد أدنى من احترام رأي الزعيم الذي اختارته إرادة الشعب، فإن الأقلية تؤخر عن قصد إعادة بناء مؤسسات الدولة، على الأرجح، إنها عودة الديكتاتورية".
وتعد المواجهة التي لا تنتهي بين الرئيس مرسي والسلطة القضائية أحد الأمثلة على العقبات التي يصطدم بها، فعند كل "كمين" جديد – على حد تعبير الصحيفة – تضعه أعلى السلطات القضائية في طريقه، يرد مرسي بطريقة أكثر استبدادًا. فقد حاول مرسي الانقلاب في مواجهة القضاة الذين لم يترددوا في حل البرلمان الذي انتخب مؤخرًا وإعلان عدم دستورية الجمعية التأسيسية ومجلس الشعب، حيث اغتصب في البداية السلطات التشريعية وأعلن أن المراسيم التي يصدرها غير قابلة للنقض، ثم أطاح بالنائب العام وقدم دستور رفضته المعارضة إلى الاستفتاء.
ولكن، كل ذلك بلا جدوى، فقد تم تأجيل الانتخابات التشريعية التي كان من المقرر إجراؤها في شهر ابريل إلى أجل غير مسمى لحين مرور القانون الانتخابي من جديد على المحكمة الدستورية العلي التي لن تتأخر بالتأكيد في إبطاله مرة أخرى. وفي نهاية هذه المواجهة مع السلطات القضائية، يبدو محمد مرسي أكثر استبدادًا وأكثر عجزًا في آنٍ واحد.
وشددت صحيفة "لوموند" على أن "أخونة" الدولة التي يستنكرها جميع معارضيه تصطدم بمقاومة شديدة. على سبيل المثال، عندما أطاح محمد مرسي بالنائب العام في نوفمبر 2012، انتقمت المحكمة الدستورية العليا من خلال رفضها لمشروع قانون حول إصلاح القضاء والذي كان سيقوم بإحالة أكثر من 13 ألف قاضي إلى التقاعد، ومنعت بالتالي الإخوان من وضع رجالهم في السلطة القضائية.
وإذا كان محمد مرسي قد وصل إلى السلطة في يونيو 2012، فقد تم ذلك بفضل دعم الثوار والليبراليين والإخوان المنشقين الذي سمحوا له بالحصول على 51,8% من الأصوات في مواجهة أحمد شفيق أحد رجال النظام السابق الذين يطلق عليهم الفلول. وبعد عام، ثار الليبراليون والفلول بقوة متحدين ضده ويتهمونه بالرغبة في احتكار السلطة لصالح جماعة غير قانونية. كما أن هناك عدد متزايد من السلفيين ينتقدون علنًا الرئيس مرسي.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هناك العديد من الإخفاقات يشعر بها بشدة المواطن العادي مثل نقص القمح والبنزين وطوابير الخبز وانقطاع التيار الكهربائي يومياً وانعدام الأمن وارتفاع معدل الجريمة (الذي تضاعف ثلاث مرات وفقًا لأرقام وزارة الداخلية) وإفلات الكثير من المسئولين في النظام السابق من العقاب، مما يدفع المواطنين إلى النزول إلى الشوارع.
وشددت الصحيفة الفرنسية على أن الماكينة الانتخابية للإخوان المسلمين المؤهلة بشكل جيد من الممكن أن تسمح لهم بتحقيق فوزًا جديدًا لن يؤدي إلى تعزيز تواجدهم طالما أن معنى الديمقراطية يبدو مفقودًا في متاهات عملية انتقالية لا تنتهي.