انقلاب "سلس" أم انقلاب عسكري "مقنع" أم انقلاب “قضائي"... يعجز المصريون عن إيجاد تفسير ملائم للمشهد الأخير من سلسلة التطورات السياسية في بلادهم.. هكذا استهلت صحيفة "لوموند" الفرنسية افتتاحيتها للتعليق على تطورات المشهد السياسي في مصر مشيرة إلى أن الشعب المصري لا يجد وصفا أو تصنيفا ملائما للفترة الأخيرة من حقبة ما بعد مبارك. وقالت الصحيفة في موقعها الالكتروني، إن المصريين يتوجسون خيفة من أمر واحد إلا وهو إمكانية إغراق البلاد في مستنقع فوضى سياسية عارمة... وهم في المقابل على يقين من أمر واحد أيضا يتعلق بأن قرار المحكمة الدستورية الصادر يوم الخميس الماضي بإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في شهري نوفمبر 2011 ويناير 2012 لم يصدر عن قضاة مستقلين. ويرى المصريون أن القرار صدر من محكمة تضم قضاة عينهم النظام السابق ولم يكونالجيش.ركوا دون أن يحصلوا على الضوء الأخضر أو بالأحرى الأوامر من جانب العسكريين. وقالت الصحيفة إن السلطة الحقيقية منذ سقوط حسنى مبارك في فبراير 2011 في يد الجيش ... فالبلاد تدار إذا جاز لنا أن نقول ذلك من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي تحلى بالحكمة اللازمة عندما أتاح سقوط الرئيس لامتصاص غضب الشارع المصري. ولكن منذ ذلك الحين فإن الشكوك تراود الجميع بأن الجيش يريد أن يحتفظ بالسلطة... ولم يقبل الجيش بأن يفقد ما اكتسبه من مزايا مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية والتي تجعل منه طبقة مميزة على ضفاف النيل. وأشارت "لوموند" إلى انه كان من المفترض أن يضمن الجيش سير العملية الانتخابية الجارية حاليا وان يضمن كذلك انتقالا للبلاد نحو الديمقراطية .. ولكن يبدو انه قرر إفشال الانتخابات والانتقال الديمقراطي على حد سواء وذلك عبر القرار الأخير الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا والتي تعتبر ذراعه القضائي . واستطردت صحيفة "لوموند" الفرنسية قائلة إنه على عكس ما كان يبدو متوقعا ، فقد أكدت المحكمة الدستورية العليا قانونية ترشيح احمد شفيق رئيس الأركان السابق وأخر رئيس وزراء في عهد مبارك في انتخابات الرئاسة ... ثم تبعت ذلك بإصدار قرار ببطلان الانتخابات التشريعية والتي تعد أول انتخابات حرة في تاريخ البلاد. ورأت الصحيفة أن الإخوان المسلمين وهم حاملو راية الإسلام السياسي محقون فيما يرددونه بأنهم مستهدفون... فهم يسيطرون على البرلمان ومرشحهم في انتخابات الرئاسة محمد مرسى حصل على المركز الأول في الجولة الأولى من الانتخابات متقدما بذلك على احمد شفيق. وبإمكان العسكريين أن يأتوا بأحمد شفيق على رأس الدولة ... ثم يقوم احمد شفيق بإجراء انتخابات برلمانية لا يكون فيه للإخوان الهيمنة.. وبعدها يقوم بكتابة دستور يراعى مصلحة الجيش. وهناك الكثير من الأمور التي يلقى فيها باللوم على الإخوان فقد أخطأوا برغبتهم في الاستحواذ على السلطة ... ولكن ما آلت إليه الأمور لا يمكن إلقاء مسئوليته على الصراع بين الإخوان المسلمين والعسكريين فحسب... فالليبراليون الذين جسدوا روح ميدان التحرير يتحملون جزءا من مسئولية الفوضى التي تعيشها مصر... فلو كانوا قد اتحدوا لتمكنوا من تشكيل قوة سياسية حقيقة يمكن أن تقف في وجه الإخوان ولكنهم بدوا ضعافا. واختتمت الصحيفة مقالها بالقول إن الجيش يستحوذ الآن على كل شيء الأمر الذي يوشك أن يجعل المصريون يعودون مجددا إلى الشارع. Comment *