ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال بعنوان "الفشل الثلاثي للإخوان المسلمين في مصر" أن مصر تعيش أوقات صعبة – ربما تكون حاسمة – بالنسبة إلى مستقبل الديمقراطية في البلاد. فهناك مناخ من المواجهة والحرب الأهلية الوليدة في شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية الكبرى. باختصار، مصر "العلمانية" التي تدعو إلى التظاهر اليوم الأحد تحتج على مصر "الإخوان المسلمين"، إلى حد أن الجيش الذي انتشر من أجل حماية المباني الحكومية هدد بالتدخل في مواجهة الدوامة التي تقود البلاد إلى نزاع لا يمكن السيطرة عليه.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن محمد مرسي – أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر وأول رئيس مدني يتولى الحكم – يحتفل بالذكرى الأولى لتوليه مهام منصبه وسط أجواء قاتمة. فمنذ توليه الرئاسة في يونيو 2012، يعرض مرسي بيانًا كارثياً.
ففي البداية، فشل الرئيس محمد مرسي على الصعيد السياسي، حيث لم يستطع مرسي اتخاذ قرارات جيدة أو إيجاد لهجة مناسبة أو إظهار الموهبة اللازمة لجمع التيارات المختلفة. وقد قال أنصار مرسي أن المعارضة العلمانية رفضت اقتراحات الانفتاح التي قدمها الرئيس. ولكن الحقيقة هي أن الرئيس يظهر دائمًا مترددًا وغير قادر على الحفاظ على مسار واضح وأعطى انطباع بأنه لا يمتلك الصفات القيادية المطلوبة لاتخاذ زمام البلاد.
ثم يأتي بعد ذلك فشل مرسي الاقتصادي والاجتماعي الذي تم الشعور به بشكل أكبر خاصة أن المصريين كانوا يتصورون أن تغيير النظام سيؤدي إلى تحسين جذري لوضعهم. وتعد الحالة الاقتصادية للبلاد انعكاس وضع سياسي فوضوي، وتشهد على الغياب الكامل للبرنامج الاقتصادي ومعرفة الإدارة من جانب الإخوان المسلمين الذين لم يظهروا امتلاكهم سر الطريق الذي سيجمع بين المحافظة الدينية والمدنية الاقتصادية.
ولذلك، تحالفت حركة واسعة من المعارضة تضم التيار العلماني بصفة أساسية ومن الممكن أن تستفيد من اليأس الذي أصاب جزء كبير من المصريين الذين يطالبون بتنحي الرئيس مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد جمعهم مئات التوقيعات.
ولكن، لا يبدو أن هذا التحالف يمتلك برنامجًا مشتركًا، سواء كان يتعلق ذلك بالمستقبل السياسي أو الاقتصادي للبلاد. وما يجمع بين العناصر المكونة للتحالف هو العداء للرئيس مرسي والتخوف من أن يسير بها مرسي إلى طريق الأصولية الإسلامية. وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن مرسي توتر أمام تهديد شرعيته من قبل الشارع، واتخذ في مواجهة المعارضة العلمانية أسوأ ردود الأفعال وهو الاعتماد على العناصر الأكثر تطرفًا في جماعته.
وتسبب مرسي بذلك في تفاقم مناخ المواجهة واضطر الجيش إلى التهديد بالتدخل. ويعد الجيش – على حد وصف الصحيفة – الفاعل الثالث في المأساة التي تشهدها البلاد، حيث أنه مسئول بشكل كبير. فقد تسلم مقاليد الحكم بعد يوم من رحيل مبارك، وعلى مدار ثمانية عشر شهرًا، كانت إدارته كارثية تاركًا لأول رئيس مدني دولة مدمرة.