ترجمة - دينا قدري ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن القوات المسلحة المصرية دخلت أمس الاثنين في الأزمة التي اندلعت منذ الأحد الماضي بين أنصار الإخوان المسلمين وملايين المتظاهرين الذي يطالبون برحيل الرئيس محمد مرسي.
فقد أعطى الجيش جميع الأطراف مهلة لمدة 48 ساعة من أجل توافق الآراء، وإذا لم يحدث ذلك فإنه سيفرض خارطة طريق. ورحب بهذا البيان المتظاهرون الذين يواصلون اعتصامهم في مختلف أنحاء البلاد، حيث أنهم يعتبرون أن المهلة التي أعطاها الجيش تمثل علامة واضحة وهي أن الجيش لم يعد يدعم محمد مرسي.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن تدخل الجيش يعد أمرًا مرغوب فيه من قبل المعارضة وجزء كبير من المواطنين الذين يتخوفون من أن يؤدي تزايد أعمال العنف إلى حرب أهلية. فقد شهد مدخل قناة السويس أمس تبادل لإطلاق النار بين مجموعة من المتظاهرين. ومنذ يوم الأحد، سقط 16 قتيلا و800 مصاب في مختلف أنحاء البلاد.
وقد رفض الرئيس محمد مرسي مهلة الجيش، في مواجهة الاستقالات المتتالية حيث استقال خمسة وزراء وثمانية من أعضاء مجلس الشورى من مناصبهم منذ يوم الأحد. ويتمسك مرسي بشرعيته الانتخابية ويعتمد على دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولكن، تزداد عزلة الإخوان المسلمين الذين تخلوا عنهم عدد كبير من حلفائهم الإسلاميين والسلفيين. فقد انضم حزب النور وحزب الوسط إلى المتظاهرين.
ومن جانبها، ترفض المجموعات التي قامت بثورة عام 2011 لعب الجيش أقل دور باستثناء تأمين البلاد. فالفترة الانتقالية التي تولى خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم ما بين فبراير 2011 ويونيو 2012، شهدت عنف غير مسبوق ضد المتظاهرين وتمت محاكمة أكثر من 15 ألف مدني أمام المحاكم العسكرية وقُتل مئات الشباب في مواجهات مع الشرطة أو بسبب التعذيب.
وأوضح الجيش أنه لا يرغب في الدخول في السياسة ولكنه يريد دعم رغبة الشعب المصري في الإصلاح والتغيير من خلال ضمان العملية الانتقالية. وبعد فشل خارطة الطريق الأولى التي أدت إلى الركود الحالي، من غير المحتمل أن يرغب الجيش في إدارة البلاد من جديد. فهدفه الرئيسي حتى الآن هو حماية مصالحه من خلال ضمان أقل قدر من الاستقرار في البلاد.
وتساءلت صحيفة "لوموند": هل الجيش مستعد لدعم خطة المعارضة التي تنص على أن يحل رئيس المحكمة الدستورية محل الرئيس مرسي وتعيين رئيس وزراء مستقل على رأس حكومة من التكنوقراط يكون لديهم ستة أشهر من أجل صياغة دستور جديد ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية؟ وهذا الأمر من شأنه أن يعيد العملية التي فرضها الجيش في عام 2011 ولكن بالعكس، حيث كانت تنص على صياغة الدستور بعد إجراء الانتخابات مما سمح للإسلاميين بفرض أنفسهم على الجمعية التأسيسية.
وفي البداية، يرغب الجيش في فرض توافق آراء بين الإسلاميين والليبراليين. فإجبار محمد مرسي على تقديم تنازلات من شأنه أن يمنع يغرق الإخوان المسلمون في العنف، حيث أنهم قاموا باستعراض القوة أمس أمام جامعة القاهرة رابطين جبهتهم بشريط المعركة الأبيض.
وطرحت صحيفة "لوموند" تساؤلًا آخر: "أليس الوقت متأخرًا من أجل تجنب رحيل محمد مرسي في مواجهة غضب الشارع؟ فالمتظاهرون يريدون رأسه، والإخوان المسلمون لم يعدوا يمتلكون قدر كبير من المناورة. والموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو تعديل وزاري يعد محفوفًا بالمخاطر في ظل تآكل قاعدتهم الانتخابية. ومنذ أشهر، يرفض قادة الإخوان الحوار مع القوى السياسية الأخرى.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن احتمالية تولي الجيش الحكم وليس فقط تأمينه العملية الانتقالية لم يعد مستبعدًا طالما أن المعارضة تظهر انقسامات. فجبهة الإنقاذ الوطني تبدو على خلاف مع الحشود الفقيرة التي تتجمع في ميدان التحرير وترفع بعضها صور جمال عبد الناصر. وتطالب هذه الحشود بشكل واضح أن يتولى الجيش الحكم. ولكن التشكيك في الحكم – المنتخب على الرغم من عدم شعبيته – يعد ضربة للعملية الديمقراطية.
ومن الممكن أن تحيي هذه الأزمة طموحات بعض الجنرالات. فقد استقال سامي عنان – رئيس الأكان السابق للقوات المسلحة والعضو السابق في المجلس العسكري – من منصبه كمستشار للرئيس مرسي. وأشار عنان إلى أنه لن يتردد في أن يصبح رئيسًا إذا طالبه الشعب المصري بذلك. وتعد عودة الجيش دليلًا على عدم نجاح محمد مرسي في فرض سيطرته على المؤسسة العسكرية على الرغم من أنها تركته يستبعد بعض قاداتها عند وصوله إلى الحكم. أما فيما يتعلق بدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية للإسلاميين منذ الثورة، فإنه لا يخدع أي شخص في مصر، ومن الممكن أن ينتهي أسرع مما بدأ.