كلية التربية جامعة الوادي الجديد تنظم المؤتمر السنوى لقسم المناهج وطرق التدريس    مفتي الجمهورية يستقبل رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم لبحث التعاون المشترك    مياه الفيوم تنظم اختبارات اعتماد المسار الوظيفي للعاملين المستحقين للترقية    محافظ سوهاج يحيل واقعة بيع أرض أملاك دولة للنيابة    "فرص مصر البترولية الاستثمارية مميزة واحتمالاتها البترولية واعدة" ورشة عمل بهيئة البترول    محافظ شمال سيناء يستقبل لجنة الدفاع بمجلس النواب    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    وزراء خارجية "الناتو" يبدأون اجتماعهم بأنطاليا لبحث زيادة الإنفاق الدفاعي قبل قمة لاهاي    مانشستر يونايتد يسابق الزمن لتجهيز المدافعين قبل نهائي اليوروباليج    بمشاركة المريخ، تفاصيل دوري النخبة السوداني 2025 لتحديد البطل والمتأهلين لبطولات أفريقيا    الدوري الإسباني، تعادل سلبي بين ألافيس وفالنسيا في الشوط الأول    تحديث جديد لتطبيق "تيك توك"، إطلاق أداة جديدة لتحويل الصور إلى مقاطع فيديو    "أم تحتضن طفلها ونهاية حلم طبيبة".. مآسي 8 جثث في كارثة انفجار غاز أكتوبر    مصرع شاب وسيدة بحادث تصادم سيارة ميكروباص ودراجة بخارية فى طوخ    توم كروز مشيدا بالأوركسترا الحية في مهرجان كان: "واو، برافو" (فيديو)    «الوثائقية» تطلق غدًا "درويش.. شاعر القضية"    خبير اقتصادى: زيارة ترامب للخليج أعادت المنطقة لدائرة الاهتمام الدولى    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    الشيخ خالد الجندي يكشف الفارق بين "الطاهر" و"النافع"    أمين الفتوى: رش المياه فى الشارع غير جائز شرعًا ويُعتبر من الإسراف    السيسى يوجه بسرعة إنجاز المرحلة الثانية للتأمين الشامل    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    الثقافة تحتفي بمسيرة الشاعر أحمد عنتر في "العودة إلى الجذور".. الأحد    رئيس وزراء الهند: عملية السندور تمثل مرحلة جديدة في مواجهة التهديدات الأمنية    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    ميلان ضد بولونيا.. موعد نهائي كأس إيطاليا 2025 والقنوات الناقلة    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    قرار وزاري بتعديل ضوابط وتنظيم العمل في المدارس الدولية    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 28 مايو    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    التعليم العالى تعلن نتائج بطولة السباحة للجامعات والمعاهد العليا    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    حالة الطقس في السعودية اليوم.. طقس متقلب على كل الأنحاء وفرص لرياح محملة بالأتربة    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمار والكواكبي والاستبداد
نشر في الفجر يوم 04 - 03 - 2012

مقدمة لابد منها: "عمّار" هو شخصية خيالية لذلك فكل الحوارات التي يجريها والحكايات التي يرويها و الأفعال التي يقوم بها هي من وحي الخيال وإن كانت لا تخلو دائماً من الحقائق.
ذهب عمار إلى عبد الرحمن الكواكبي فوجده قابعاً في قلب كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد فنفض عن الكتاب التراب ودخل على الكواكبي دون استئذان وبادره قائلا :
سيد عبد الرحمن أنا آسف لدخولي عليك بهذه الطريقة، ولكنني يا سيدي أبحث عن الحقيقة فهل سمحت لي في ذلك؟
الكواكبي: سمحنا لكَ مقاطعتنا حتى تقضي حاجتك وتشفي جهلك.
عمار: معك حق يا سيد فما من أحد يفعل فعلتي إلا جاهل.. فعذراً على هذا الاقتحام دون استئذان، ولكن قل لي يا سيد عبد الرحمن: ما هي أسباب الانحطاط الذي عاشته الدول العربية قبل ثورات الربيع العربي ومازالت تعيشه حتى الآن؟
يقول الكواكبي (في استغراب): أي ربيع تقصد أيها الفتى، إن كلامك والله غير مفهوم، ولباسك غير معلوم أمن الفرنجة أنت؟!
عمار: فرنجة لا والله يا سيدي أنا من مصر أم الدنيا.
الكواكبي: مصر ولكن ليس هذا بكلام أهل مصر ولا هذا لباسهم.
عمار: لأننا الآن في عام 2012 يا سيد عبد الرحمن وتطورت الحياة كثيراً عن عهدكم وزمانكم.
الكواكبي: 2012 ماذا تقول يا فتي، هل تقول أنك قادم من المستقبل لزماني هذا؟
عمار: نعم يا سيدي هذه هي الحقيقة.
الكواكبي: يبدو أنك تهذي أو يبدو أنني أحلم حلماً عجيباً.
عمار: دعك من الأحلام والحقائق يا سيد عبد الرحمن، ولكن أرحني بالجواب فإني أراك من أولي العقول والألباب.
الكواكبي: سل ما شئت يا ولدي فالله يحب طلاب العلم والعلماء.
عمار: كنت أقول أيها العالم الجليل ما هي أسباب الانحطاط الذي عاشته الدول العربية والإسلامية من قبل ومازالت عيشه إلى الآن؟
الكواكبي: إن أصل هذا الداء يقصد الانحطاط هو الاستبداد السياسي والدواء واحد ألا وهو الشورى الدستورية أو الديمقراطية كما يسميها البعض.
عمار: وماذا تعني بالاستبداد يا سيدي العالم؟
يقول الكواكبي: الاستبداد في اللغة هو غرور المرء برأيه واستعلاءه عن قبول النصيحة والانفراد بالرأي حتى في الأمور المشتركة مع الغير من الناس.
عمار: هذا في اللغة يا سيدي العالم ولكني أسأل عن الواقع الذي نحياه.
الكواكبي (في غضب): لا تقاطعني يا فتى أهذه هي أخلاق زمانكم، كنت سأقول ما تريد ولكنك قاطعتني.
عمار: عذراً يا سيدي العالم فنحن في 2012، من فضلك "انجز" أقصد أكمل يا سيدي العالم.
الكواكبي: أما الاستبداد كواقع نحياه فهو صفة للحكومة المطلقة العنان بالفعل والحكم، وتتصرف في شئون الرعية كماء تشاء دون خشية من حساب أو عقاب.
عمار: وهل الحكومات المستبدة لها نمط واحد أو شكل واحد يا سيد عبد الرحمن؟
الكواكبي: بالطبع لا، فأشكال الحكومات المستبدة كثيرة ولا يتسع أي مقام لذكرها فهي تشمل الحاكم المستبد الذي تولى الحكم بالقوة أو بالوراثة والحاكم المنتخب إذا كان لا يشعر بالمسئولية تجاه شعبه، وتشمل الحكومات المنتخبة، لأن الانتخاب لا يدفع الاستبداد فهناك الكثير من الحكومات المنتخبة ولكنها مستبدة أكثر من غيرها.
عمار: مثل (برلسكوني) رئيس وزراء ايطاليا السابق.
يقول الكواكبي: من برتسكوني هذا؟!
عمار (في سره): هيه بقت برتسكوني ربنا يستر.. "فكك منه يا عم الحج" أقصد دعك منه يا سيدي العالم وقل لي بالله عليك ما هي أشد الحكومات المستبدة خطراً على شعوبها؟
يقول الكواكبي: هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية، ويمكن أن نقول إنه كلما قلت هذه الأوصاف في الحاكم كلما قل استبداد هذا الحاكم إلى أن نصل إلى الحاكم المنتخب المسئول فعلاَ عن رعيته.
عمار: وهل هناك مظاهر تخفف من شعور الأمم بالاستبداد؟
يقول الكواكبي: نعم، كلما قلت أعداد الرعية وقل التفاوت في الثروة بين أفراد المجتمع وكلما زادت معارف الشعب ووعيه، كلما قل شعور الفرد بالاستبداد.
عمار: ولكن يا عالمنا الجليل الحكومات في أوطاننا كل شيء واقع تحت يديها فما الذي يمنعها من أن تستبد بنا؟
الكواكبي: الذي يمنعها هو شيء واحد، ألا وهو المراقبة الشديدة لها من الشعب والمحاسبة الجدية لها عن كل صغيرة وكبيرة، بغير هذا لا يمكن أن تكون الشعوب في مأمن من استبداد أي حكومة حتى ولو كانت هذه الحكومة منتخبة من هذه الشعوب نفسها.
عمار: هل كان مبارك مستبداً؟
الكواكبي (في دهشة): مبارك! من مبارك هذا يا ولدي؟
عمار: الرئيس الذي كان يحكمنا قبل ثورة يناير المجيدة؟
الكواكبي: أي رئيس وأية ثورة.. ما أراك إلا هاذياً مرة أخرى يا ولدي.
عمار: هاذياً وماله طيب ممكن حضرتك تقول لي ما هي صفات الحاكم المستبد؟
الكواكبي: إن صفات المستبدين كثيرة يا ولدي ولكن بصفة عامة الحاكم المستبد هو من يتحكم في شئون الناس بإرادته لا بإرادتهم.
المستبد يا ولدي هو من يحكم الناس بهواه لا بشريعتهم، وهو يعلم عن نفسه أنه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجليه على أفواه الملايين من الناس ليسد هذه الأفواه عن النطق بالحق والمطالبة بهذا الحق المستبد عدو الحق عدو الحرية وقاتلها، إنسان مستعد للشر بطبعه ويلجأ للخير أحياناً رغماً عن نفسه ليحسن وجهه القبيح بعض الشيء أمام رعيته.
المستبد يود أن تكون رعيته كالغنم في الطاعة وكالكلاب في التذلل.
- عمار (بصوت هامس): إذن فقد كان مبارك من أشد المستبدين استبدادا.
ولكن يا عالمنا الجليل ماذا تفعل الرعية مع مستبد من هذا النوع وهم الجانب الأضعف دائماً؟
الكواكبي: الحل يا ولدي أن تكون الرعية كالخيول إذا خُدمت خَدمت، وإن ضُربت شَرست، على الرعية يا ولدي أن تعرف مقامها، وهل هي خُلقت خادمة لحاكمها، تطيعه إن عدل وإن جار، يا ولدي عليهم أن يعلموا أن الحكام إنما جاءوا ليخدموهم لا ليستخدموهم، فالرعية العاقلة هي التي تقيد وحش الاستبداد لتأمن من بطشه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.