"مستشفى أحمد ماهر" من أرقى المستشفيات الحكومية, فهى نظيفة من الخارج لدرجة أنك تستشعر بأنها مستشفى خاصة، عند شارع بورسعيد الكائن بها المستشفى ينبعث لك روائح تتأكد من خلالها كم أن المستشفى نظيفة بالداخل، وعندما تدخلها تجد على اليمين غرف المعدات وغرفة "مياه" لغسيل الكلى، وغرفة لفرم مخلفات المعدات طبية تم استخدمها . وعلى الوجهة الآخر مبنى من طابقين لا تقل مساحته عن 2000 متر تقريبا مكونة من عدة أقسام كل قسم بها حوالى 12 غرفة مساحة كلا منهم لا تزيد عن 70 متر .
فتجد الغرف مكونة من ثمانية أسرِّة بدون "ملايات" أو أى شئ ليغطيها أو حتى ليحول دون تلوثها, أو لتعطى شكلا يعطى إحساسا بالراحة كما تفعله المفروشات البيضاء أو الزرقاء الفاتحة اللون, مما يساعد المرضى على الشعور بحالة إسترخاء دائم .
وما جذب انتباهنا أن بجانب كل سرير "منضدة" صغيرة عبارة عن درج وخزانة مكسورين لا يُمكِّن للمريض من وضع متعلقاته الشخصية بها، هذا بجانب الحشرات من "صراصير" على الأسرِّة و فى العنابر وعلى الأطعمة والأدوية التى بجانب كل مريض و التى كشفها لنا المرضي بأنفسهم قائلين, "احنا بنلاقى الصراصير ماشية علينا وإحنا نايمين" .
وانتقلت عدسة "بوابة الفجر" لتلقى الضوء من داخل المستشفى على دورات المياه لتستقبلك الروائح الكريهة, فأكثر أعمال السباكة تالفة والتى بسببها تجد برك من مياه الصرف الصحى الخارجة عن أرضية الحمام وهذا يسبب "إتساخات"، والأحواض المليئة بالمياة الملوثة من غسيل أكواب الشاى والأطعمة والحمامات التى تجعلك تتقيأ لمجرد رؤيتها بسبب سوء النظافة .
"ممنوع التدخين منعاً للإحراج" يبدو أن هذه اللافتة مجرد ديكور أو ضمن كماليات المستشفى، فتجد أفراد من أهالى المرضي ومنهم عاملين فى المستشفى يدخنون ولا يتم تحذيرهم من قبل الممرضين أو الأمن، وعندما تكلمت مع عم "محمد" من أهالى أحد المرضى فرد علىّ قائلاً "أنا بره الأوضة" بالرغم من أنه لا يبعد عن الغرف كثيرا .
"ايه القرف ده", أول جملة قالتها "دينا" عندما كانت تدلنا على طريق مستشفى أحمد ماهر, وعند سؤالها عن سبب ذكرها لهذه الكلمة، مؤكدة أنها مستشفى مليئة بالكثير من الحشرات وأيضا رداءة نظافة الحمّامات والمعاملة السيئة من قِبَل العاملين بالمستشفى .
ومن جانبها قالت "منى", من أهالى أحد المرضى بالمستشفى: إن والدتها جاءت ل"بتر" أحد قدميها، وذلك بسبب إصابتها بداء السكر، مؤكدة أنه بحكم مرض والدتها فهى فى غرفة معزولة عن الباقين بحكم وجود "ستارة" تحول بينها وبين باقى الأسرِّة المجاورة لها .
وأشارت إلى أن مستوى الخدمة متردى جداً فى الغرف وأن الممرضين حوَّلوا المستشفى إلى "سبوبة", حيث يحصلون من أهالى المرضى على أموال مقابل خدمتهم, ومن لا يدفع فإنهم يهملونه تماما, وكأن المستشفى تحوَّلت من بيتا لرعاية المرضى إلى "شركة أو "سبوبة" يحصلون منها على "رزق" كما يزعمون دائما, معللين ذلك بتردى رواتبهم وأنها لا تكفيهم, متجاهلين فقر وعجز شريحة كبيرة من المواطنين, فكيف يكون ذلك .
وفى نفس السياق, وأثناء تجولنا داخل أروقة المستشفى, أكدت لنا "أم مصطفى", أحد أهالى المرضى أيضا: أنه يتم دفع تذكرة للزيارة عند مدخل البوابة ثمنها خمسة جنيهات و يتم أخذها من الأهالى مرة أخرى من موظف أمن آخر يرغم الاهالى على دفع ثمن تذكرة أخرى بالرغم من عدم تعدى الزيارة للفترة المقررة لها معللاً أنه موعد "لبتشيته" وليس له علاقة بموظف الأمن الآخر .
كما أضافت أنه تم قطع الكهرباء على جميع الحمامات بالمستشفى لمدة يومين من هذا الشهر و هذا ما أدى إلى زيادة حالة سوء النظافة بالحمامات وأشارت أن الأهالى ينظفون المكان بأنفسهم بإستخدام المبيدات الحشرية للقضاء على الحشرات الموجودة بالمكان، و أنهم يأتون "بملاءت" بدلاً من أستخدام الملاءت الخاصة بالمستشفى التى تملاها "البقع" من آثر الأمراض .
فيما أكدت "أم إبراهيم" أحد أهالى المرضى بقسم الكلى أن الممرضات يعاملون المرضى بقسوة وأنهم يصرخون فى وجه المرضى والأهالى .
و أشارت "هالة" أحد الممرضات بالمستشفى إلى أنهم لا يطالبون بأى سبوبة من قبل الأهالى وأن هناك بعض الأهالى الذين يعطون بأنفسهم "منحة" للممرضات، لافتة إلى أن مرتبات الممرضات متدنية فالمرتبات تبدء من 300 جنية و لا تتعدى ال500 ، وأضافت أنه يتم معاملة الممرضين بطريقة غير مرضية من رئيس قسم التمريض و أنها ترفض أعطاء الممرضين أجازات فى حالة وجود ظروف خاصة.
و أكد "إ. م" أحد عمال النظافة أنهم ينظفون بصفة دورية وأنه يتم خلال فى النظافة فقط فى أوقات الزيارة و ذلك بسبب قلة العمال وأن فى الفترة المسائية يتم نظافة المكان بأكمله بعد موعد الزيارة ، وأشار إلى أنه لا يوجد أى حشرات بالمستشفى قائلاً "الناس بيشوفوا صرصور بيقولوا فى صراصير كتير فى المستشفى" .
كل هذا بجانب باب غرفة العمليات المركزية عندما تمر بجانبه تجده غير محكم الغلق وعدم وجود موظفين الإستقبال فى أماكنهم فى أكثر الأقسام وموظفين الأمن الذين لا يحاولون سؤالك عن مكان توجهك .
"على قد فلوسهم" على قد فلوس الفقراء يلقون هذه المعاملة..وهنا نسأل إلى متى سوف يستمر هذا الوضع وهذه المعاملة الغير أدمية لمجرد أنهم أفراد يتم تسميتهم فقراء ويتم تسميته مستشفيتهم بمستشفيات الفقراء.. هل لأنها مجرد خدمة مجانية لا يتم توفير وسائل الراحة للمرضى ؟!.