الشباب عصب الأمة وعماد المستقبل فإذا انصلح الشباب إنصلح مستقبل الأمة، ومن هذا المنطلق يجب تنشئة الشباب من نعومة أظفارهم على القيم الأخلاقية والتعليم والثقافة والرياضة، ولكن أين نحن الآن من ذلك؟
قالت د.سوسن، مديرة صيدلية، أن أصبحت "السنج والمطاوي" هى لغة التفاهم بين الشباب بل وأصبح كل فرد متسمك بأرائه حتى ولو كانت فارغة مما يزيد المشاجرة أشتعالاً، ومن ناحية آخرى الفراغ والبطالة وعدم الرقابة من الأهل أدى إلى إنحطاط الأخلاق بصورة أكبر هذا بجانب من غياب الواعظ الديني.
بينما أوضحت أم محمود، صاحبة محل بقالة، أن الشباب في وقتنا هذا أصبحوا للأسف فى غاية الإنحطاط الأخلاقي فهم طوال اليوم "في الشارع" مابين المشاجرات ومضايقة البنات وتناول الممنوعات، وذلك دون مراعاة لأي حرمة للبيوت أو المحلات أو نساء وأطفال، والأهم من ذلك أنهم أصبحوا يعلمون من له أخلاق إنعدام الأخلاق.
وأضافت أم محمود، أن السبب قد يعود إلى الأهل وعدم الرقابة أو قد يكمن في الفراغ والبطالة التي زادات حالياً داخل المجتمع
على الجانب الآخر أكد الأستاذ جميل فتحي، مدير عام بإحدى الشركات وإمام مسجد، أن للأسف أصبحت أخلاق الشباب ي "النازل" وأصبحت أبسط مشاجرة بينهما "بالخرطوش والمطاوي بل ووصل الأمر إلى آلات الطلق الناري" والتي تؤدي احياناً إلى جرائم قتل، والغريب أن تلك الظاهرة إنتشرت بين الفئة العمرية أسفل ال14 عام،ناهيك عن الألفاظ النابية التي تتنافى مع الأخلاق والقيم، بالإضافة إلى تناول المواد المخدرة في وضح النهار وعلى الملأ دون مراعاة لأي بشر سواء كان كبيرأ أو ضغيراً
وأضاف فتحى، هنا يكمن دور الأسرة وأئمة المساجد لزيادة التوعية والجانب الدينى لدى الشباب، بجانب المؤسسات التعليمية والمدارس المختلفة.
وبخصوص ذلك قالت د. عزة كريم، أستاذ علم الإجتماع، الشباب ليس منحدر أخلاقياً ولكنه مختلفاً لأن كل جيل له أخلاقياته ومفاهيمه، لذا أصبح الشباب الآن أكثر جرأة وأكثر حرية في التعبير عن رأيه بطريقة قد نسميها أنها غير أخلاقية، ولكن علينا أن نسميه طفرة في وعي الشباب وهذه الطفرة لها حسناتها وسيئاتها كأي طفرة آخرى، هذا بجانب نعامل الشباب مع التكنولوجيا الحديثة التي قد تعطيه معلومات إيجابية وآخرى سلبية أو حتى مفهوم آخر للأخلاق وأسلوب جديد لإي التعامل مع الأكبر منه سناً.
وأضافت كريم، أن من يحكم على الشباب أنه منحدر اخلاقياً هو من يتحمل المسئولية عن ذلك ألا وهو المجتمع نفسه، لأن المجتمع هو الذي يربي ويخرج جيل من الشباب غير راقي أخلاقياً، عن طريق إعطائه جرعات مكثفة من اللا أخلاق فيتعلمها ثم تصبح عادة طبيعة بعد ذلك، فيكفيه فقط رؤية الإعلام المرئي لكي يكتسب ذلك النوع من الأخلاقيات والألفاظ النابية، لذا يعتبر الإعلام السبب الأول والرئيسي في إختلاف أخلاقيات الشباب الأن، هذا بالطبع بجانب "الأنترنت" الذي أصبح من خلاله التوصل لكل شئ وأي شئ فيختار منها مايشاء، لذلك تفرض التكنولوجيا الحديثة والإعلام هذه الأخلاقيات.
وأشارت كريم، إلى أنه قبل أن نعيب على أخلاقيات الشباب لابد وأن نحاسب أنفسنا اولاً ونسألها ماهي المخارج التربوية التي نعطيها للشباب من جميع مؤسسات الدولة، لذا لابد وأن نعيد تفكيرنا وأسلوبنا ومخططاتنا في هذه المؤسسات التربوية لكي يتلقى الشاب الأخلاقيات السليمة لكى يستطيع أن يمارسها، ولابد من استيعابهم وحل مشاكلهم من بطالة وفراغ وطاقة مهدرة إلى آخر تلك المشاكل
وبسؤال د. أحمد فوزي، إستشاري الصحة النفسية وخبير التنمية البشرية، يعد الشباب الآن هو الجيل المظلوم في المجتمع، أما بالنسبة لفئة الفتيات التي لم يتعدى أعمارهم ال18 عاماً، تعلم جيداً أن المجتمع لن يور لها الزوج الصالح وأن الزواج السليم شئ نادر، مما يسبب حالة من الأحباط عامة، وهذا بداية من سن ال18 إلى سن ال20 ومابعده وذلك وصولاً إلى سن ال30 عام، مما يدعو إلى الشعور بالأسف لأن هذه الفئة هي التي يقوم عليها أى مجتمع، هذا بجانب الؤسسات التربوية والأسرة ومدى وعيها وما تلقاه الطفل والذي ستصبح بعد ذلك تصرفات وعادات إما أخلاقية أو غير أخلاقية.
وأضاف فوزي، أن تداول المخدرات بشكل علنى ورخيص مع عدم وجود رادع أصبح أكثر إنتشاراً من التناول نفسه فقط لأنه أكثر ربحاً، والكارثة أنها تبدأ في سن 15 عام ، أى أنني بذلك أدمر جيلاً بأكمله ومابعده أيضاً، والدليل على ذلك أنه أصبحت مرحلة الإدمان تبدأ من سن ال9 سنوات ، حيث أنتشرت فى الفترة الأخيرة هذه الظاهرة وبأعداد ليست بقليلة أبداً، وذلك بدلاً من سن ال18 أو مايطلق عليه سن المراهقة وتلك هى الكارثة لأنه إذا كان يدل على شئ فإنه يدل على إنتشار تداولها بشكل كبير. لذا فإن هذا الجيل يعد مظلوماً نتيجة لعدم وجود رادع بالإضافة إلى التوعية والتوجيه من الأسرة وتغير ثقافة المجتمع.
وعلى الجانب الآخر شدد فوزي، على أن الأحباط العام الذي يصيب الشباب نتيجة لعدم وجود أمل أو عمل وهدف يسعون إليه فعندما لا تتوافر تلك الوسائل قد يؤدي إلى إنحطاط الأخلاق بشكل عام، وحتى الجيل الذي يعمل بأماكن ووظائف راقية فإنه دائماً ما يشتكي ويعاني من أن عدد ساعات عمله تفوق قدرته التي قد تصل إلى 16 ساعة من العمل لشاب في مقتبل حياته، فلك أن تتخيل كيف هي بقية حياته.
بينما أوضح الشيخ عيد عبد الحميد يوسف، المشرف العام بالجامع الأزهر الشريف، هناك عدة أسباب لوصول الشباب إلى تلك المرحلة الأخلاقية، وهى عدم التربية الصحيحة من الوالدين والتوجيه السليم في نشأتهم "فالأم مدرسة" لذا يجب تربيتهم على هذا حلال وهذا حرام ، فلابد من تربيتهم على مكارم الأخلاق، كما تقع المسئولية على المؤسسات التعليمية التي أصبحت لاتدرس الدين كمادة أساسية الذي نشأ الطفل على الأخلاق والقيم والطريق الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم وآيات القرآن الكريم التي تعلم الإنسان أن الدين معاملة وأن الدين يكمن في حسن الخلق، لذا فمهم بعيدين كل البعد عن تعليم دين الإسلام.
وأضاف يوسف، أن أصدقاء السوء لها أيضاً تأثير قوي على أخلاق الشاب قال صلى الله عليه وسلم "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" و" لا يدخل بيتك إلا تقي" الذي ينفعه في الدنيا والاخرة، لذا على المرء أن يبحث عن الصحبة الصالحة حتى يبتعد عن طريق الضلال. كما أن المساجد لها دور عظيم في توعية الشباب وتوجيههم عن طريق دروس العلم المختلفة.
ومن هذا المنطلق يجب على الأمة الأهتمام بالنشئ دينياً وأخلاقياً وصحياً ورياضياً لأنهم مستقبل الأمة كما قال أمير الشعراء، أحمد شوقي، "إنما الأمم الأخلاق مابقيت ....... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".