طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الحكومة المصرية بتحمل مسئوليتها في حفظ الأمن في البلاد وأمن المواطنين .. وناشدت النائب العام المستشار طلعت عبد الله مطالبة إياه بالعدول عن القرار الذي أصدره بشأن منح المواطنين الضبطية القضائية وأكدت المنظمة أن مكتب النائب العام أعلن أمس الأحد الموافق 10 مارس لعام 2013 في بيان له منح المواطنين الحق في ضبط مرتكبي الجرائم الجنائية مادام أنهم شاهدوها، وهم في حالة تلبس وتسليمهم إلى أقرب رجل شرطي أو أحد مأموري الضبط القضائي، وذلك لسرعة القبض على المخربين، الذين اعتدوا على المنشآت العامة والخاصة، وقطعوا الطرق وتعمدوا تعطيل المواصلات، وبثّوا الرعب بين المواطنين، وتسببوا في غلق المؤسسات الحكومية والخاصة، وعرضهم على النيابة العامة.
وإذ تري المنظمة أن قرار النائب العام سالف الذكر هو توسيع من مظلة المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت على أن "لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه"، يأتي متعارضا بشكل أساسي مع مواد قانون الإجراءات الجنائية لا سيما المادة 46 والتي وضعت ضوابط بمنع القبض على أي مواطن إلا من قبل مأمور الضبط القضائي، كما أنه يتعارض في الوقت نفسه مع المادة 22 من قانون ال إجراءات الجنائية والتي حددت من هم مأموري الضبط القضائي.
وتشدد المنظمة على أن خروج مثل هذا البيان في هذا التوقيت بالذات يثير شكوك كثيرة لدي الرأي العام المصري، ويأتي استجابة لمطالب بعض الفصائل السياسية المطالبة بالقيام بدور رجال الشرطة وتشكيل اللجان الشعبية لتحل محل جهاز الأمن في مصر، وهي أمور أن صحت لباتت كارثية على المجتمع المصري بالكامل، لأنها ستفتح الباب دون أدني مجالاً للشك إلى تشكيل شركات الحراسات الخاصة أو بشكل أدق بتشكيل ميليشيات مسلحة وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي ستعمد على تطبيق القان ون بالقوة المسلحة، من خلال القبض غير المشروع على المواطنين وإحالتهم للنيابة وهذا سيفتح الباب أمام العنف والعنف المضاد في الشارع المصري وخاصة أن المواطنين لن يستطيعوا تحديد ما هي الجرائم التي تمثل حالات تلبس والتي تندرج في جرائم القتل والاعتداء على النفس وفي هذه الحالة يقوم المواطنين بالتحفظ على جسم الجريمة فحسب.
وعليه فإن هذا القرار لن يصب في مصلحة المجتمع المصري في القضاء على البلطجة والعنف وغيرها بل أن هذا الأمر يعد مقدمة لانهيار الدولة المصرية والقضاء على هيبتها، فبدلا من أن تعمد الدولة على تطهير جهاز الشرطة وتقويته ليقوم بدوره في القضاء في حماية أمن الوطن والمواطن المصري، نستبدل دور الشرطة ببعض الجماعات المسلحة، فهذا بمثابة دخول إلى نفق الحرب الأهلية ومسلسل الفوضى وتصفية الحسابات.
ومن جانبه أكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن قرار النائب العام بمنح الضبطية القضائية للمواطنين ما هو إلا غطاء قانوني لعمل الميليشيات العسكرية التابعة لبعض الفصائل السياسية مما ينذر بحرب أهليه وكوارث في الشارع المصري. وأضاف أبو سعده بأن قرار النائب العام يدخل مصر في نفق مظلم لأنه ببساطة سوف ينهي دولة القانون، فالقواعد القانونية المستقرة في العالم لا تعطي أي سلطة للضبط القضائي إلا للموظفين العموميين، مشيراً إلى أنه من حق النيابة العامة أن تحاسب مأموري الضبطية القضائية في حال تجاوزه. وطالب أبو سعده بالتراجع عن هذه الفكرة التي وصفها بالعبثية والتي سوف يستغلها البعض للزج بالمواطنين الأبرياء في أماكن الاحتجاز وخاصة في ظل حالة التناحر المتواجد بين القوي السياسية والفكرية داخل المجتمع المصري، كما سيفتح المجال أمام تصفية الحسابات بين الشعب كله،حيث أنه من الممكن أن يقوم مواطن بإيقاف آخر وتسليمه إلى الشرطة وخلق سبب وهمي للتنكيل به.
وعليه تناشد المنظمة النائب العام بإصدار بيان بإيقاف العمل بهذا القرار لكونه يفتح الباب للتناحر بين كافة القوي السياسية والمجتمعية ويخلق حالة من الفوضى في المجتمع المصري، وهي أمور تساهم في تأجيج حالة الاحتقان الداخلي بين المواطنين، كما تناشد في الوقت نفسه الحكومة المصرية بالعمل على إعادة هيكلة وزارة الداخلية، والعمل على ترسيخ العقيدة الأمنية السليمة في حماية الوطن والمواطنين من أجل القيام بدورها وتحمل مسولياتها في حفظ الأمن في إطار القانون.