حثت الولاياتالمتحدة مصر على التحرك بسرعة لإبرام اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي وإصلاح قطاع الطاقة وحماية المستثمرين من "الأعمال التعسفية" لتفادي مزيد من التراجع الاقتصادي. وفي تصريحات حادة على غير العادة قالت السفيرة الأمريكية آن باترسون إنه يتعين على الحكومة والمعارضة في مصر الكف عن تجاهل المشكلات الاقتصادية والعمل معا على حلها.
وقالت في كلمة ألقتها بالإسكندرية يوم الأحد ونشرت ترجمتها على الصفحة العربية للموقع الإلكتروني للسفارة "الطريق الأكثر كارثية للحكومة والقيادة السياسية للبلد - سواء في السلطة أو في المعارضة - هو تجنب اتخاذ قرارات وعدم إظهار القيادة وتجاهل الحالة الاقتصادية للبلد."
وأضافت "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بحاجة إلى الوصول إلى نقطة نهاية."
وتتفاوض مصر منذ أشهر للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد لكن مصدرا في الصندوق قال إن المحادثات أرجئت مرارا بسبب إحجام الحكومة عن خفض الدعم على السلع الأساسية والوقود الذي يعتمد عليه الفقراء.
والتقى رئيس الوزراء هشام قنديل بمديرة صندوق النقد كريستين لاجارد في منتجع دافوس السويسري الشهر الماضي وقال إن بعثة الصندوق ستعود إلى القاهرة خلال أسبوعين لإتمام الاتفاق لكن لم تظهر إشارة على استئناف المحادثات ولم تصدر الحكومة حتى الآن خطة معدلة للميزانية.
وأشارت باترسون إلى تناقص احتياطيات النقد الأجنبي في مصر وتزايد الاعتماد على واردات الغذاء والطاقة وقالت إنهما من العوامل الرئيسية المؤثرة على الاستقرار الاجتماعي.
وقالت "الأرقام في مصر ترسم صورة قاتمة: احتياطي النقد في مستوى حرج ما يقرب من 14 مليار دولار أو قيمة ثلاثة أشهر من الواردات."
وأضافت أن الاحتياطيات ظلت صامدة بفضل ضخ سيولة متكرر من قطر وتركيا مشيرة إلى أن سوقا سوداء للدولار آخذة في النمو وأن سعر الصرف "يحتاج إلى احترام القوانين الأساسية للاقتصاد."
وأدى تراجع الجنيه الذي فقد نحو ثمانية بالمئة من قيمته مقابل الدولار منذ 31 ديسمبر كانون الأول إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 6.3 بالمئة في يناير كانون الثاني. وارتفعت الأسعار 1.7 بالمئة على أساس شهري وهي أكبر قفزة شهرية منذ الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك قبل عامين.
وقالت باترسون "هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار مليارات متأخرة على الحكومة لشركات النفط."
وتقدر مؤسسة الاستشارات اكزكيتف اناليسز في لندن الديون المتراكمة على مصر لشركات انتاج النفط والغاز بتسعة مليارات دولار. وتقول مصادر بالقطاع إنه نتيجة لذلك خفض عدد من منتجي الطاقة الأجانب انتاجهم في مصر أو يرفضون الاستثمار في رفع الانتاج أو اصدار خطابات ائتمان.
ودعا المعارض الليبرالي البارز عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية الحكومة والمعارضة للاتفاق على تأجيل الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تجرى في ابريل نيسان لستة أشهر والعمل معا لانقاذ الاقتصاد.
ودعا موسى في بيان لاعادة ترتيب الأولويات لتعبئة جميع الطاقات لمواجهة الموقف الخطير الحالي مشيرا إلى تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية وتعثر المحادثات مع صندوق النقد.
كما دعا حكومة الرئيس محمد مرسي والمعارضة التي تضم أحزابا ليبرالية واشتراكية ويسارية وسلفية للموافقة على مبادرة من أربع نقاط لاصلاح الأوضاع المالية العامة وإعادة جدولة ديون الطاقة وانعاش السياحة والاستثمار وحماية الفقراء من أي أعباء اضافية.
وقال موسى إن مصر تحتاج إلى خط ائتمان بقيمة 12 مليار دولار بأموال من صندوق النقد والبنك الدولي والولاياتالمتحدة ودول صديقة أخرى ذكر منها روسيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتركيا وماليزيا واندونيسيا.
وأشار إلى أنه ينبغي التصدي لديون الطاقة بالتفاوض لاعادة جدولة المتأخرات حتى يمكن استئناف الصادرات والتوقف عن استيراد النفط والغاز بأسعار مرتفعة.
ولم ترد الحكومة على الفور على دعوة موسى التي قالت مصادر سياسية إن من المتوقع أن يتبناها عدد من قادة المعارضة في الأيام المقبلة.