«لن يصمد حكم الإخوان المسلمين فى مصر بأى حال من الأحوال إلى نهاية يونيه القادم».. بهذه النبوءة الحاسمة بدأ القيادى السابق فى جماعة الإخوان المسلمين والكاتب والمحامى الشهير ثروت الخرباوى، قراءته لمستقبل الجماعة فى حكم مصر الذى وصل مرشحها محمد مرسى إلى سدته فى يونيه الماضى ولن يستمر فيها - كما يرى الخرباوى - أكثر من ستة أشهر قادمة ستشهد تصاعدا سريعا للأحداث ينتهى فى الأخير إلى سقوط مرسى وجماعته على خلفية نشوب «حرب أهلية» صارت تؤشر لها بوضوح ملفات اقتصادية وظروف معيشية وأجواء محتقنة وصراعات سياسية وصدامات مسلحة، لن يكون الجماعة والرئيس هما الخاسر الأول والأخير فيها، وإنما سيتحمل الوطن والدولة المصرية الفاتورة الأكبر لكل ما سيشهده عام 2013 الذى لن يحمل نهاية سعيدة بأى حال من الأحوال لأبناء حسن البنا. الملف الاقتصادى بمفرده بحسب رؤية القيادى السابق فى الجماعة كافيا وبمنتهى السهولة لا لأن يقضى فقط على وجود الإخوان فى الحكم ولكن لأن يقضى على وجودهم فى الحياة والمشهد السياسى من الأساس، بما وصل الوضع الاقتصادى الحالى إلى درجة غير مسبوقة فى تاريخ مصر الحديث، وأوضح كلام الرئيس مرسى فى الخطاب الأخير عن الملف الاقتصادى أنه منعزل تماما عن الواقع الذى نعيش فيه، وفى وقت الجد سيفر الإخوان من غضبة الشعب التى ستكون غير مسبوقة بسبب لقمة العيش قبل انتهاء شهر يونيه القادم وستشهد البلاد حركة احتجاجات واسعة تخرج فيها الفئات الفقيرة والمهمشة مطالبة بلقمة العيش التى ستكون «عزيزة» عليهم. وقتها أيضا سيتصدى لهذه الاحتجاجات شباب الإخوان المسلمين بأوامر من قيادات الجماعة، المشهد الذى سيسفر عن نشوب «حرب أهلية».
الإخوان يحاولون الهروب كما هو واضح من تفاقم الأزمة الاقتصادية المتصاعدة باللجوء إلى الاستدانة بشروط مجحفة للخروج من المأزق، وهى الحيلة التى ستكون عواقبها وخيمة بشدة على مصر.. تماما كما لن تجدى السفريات المكوكية التى يقوم بها رجل الأعمال القوى فى الجماعة خيرت الشاطر إلى الخارج، كما لن تفلح سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولى.
فى ملف الانتخابات البرلمانية أيضا بحسب معلومات الخرباوى، اتخذت الجماعة قرارها بإسناده إلى رجلها القوى خيرت الشاطر، ليشرف على جميع المراحل بدءا من اختيار المرشحين وتشكيل اللجان المالية والسياسية وصولا إلى إدارة العملية الانتخابية، على خلفية رغبة عارمة وبالغة الصرامة من الإخوان فى الاستحواذ على أكثر من الثلثين من مقاعد مجلس الشعب القادم، باستخدام جميع الوسائل الممكنة، بداية من استعانة الجماعة بشخصيات موالية لها وغير معروفة بانتمائها للإخوان والدفع بهم كمستقلين بعيدا عن الانتماء الصريح للجماعة أو لحزبها الحرية والعدالة، فى الوقت الذى ستلجأ فيه الجماعة إلى شيوخ القبائل والعائلات الكبرى فى الصعيد وستسعى لتنفيذ اتفاقها السابق معهم بالحشد للتصويت بنعم للدستور، فى مقابل الدفع بهؤلاء القيادات كمرشحين على قوائم الحرية والعدالة فى انتخابات مجلس الشعب القادمة، وهى السياسية الانتخابية الشهيرة التى كان يلجأ إليها عادة الحزب الوطنى المنحل، أما ما يجرى بعد الانتخابات البرلمانية فسيشهد ملف التحالف بين الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى انفصالا ملحوظا بعد انتهاء المعركة الانتخابية بما تستوجبه الرؤية المستقلة لكل فريق خاصة فى مسألة تطبيق الشريعة وترجمة الأفكار الإسلامية على أرض الواقع، حيث يمتلك الإخوان المسلمين رغبة لا تقبل المخاطرة فى إرضاء الغرب والمجتمع الدولى، فى الوقت الذى لن يقبل فيه السلفيون بأى حال من الأحوال وجود نظام إسلامى بدون وجود تطبيق كامل للحدود والأفكار الإسلامية فى الحكم، ما سيؤدى إلى خلافات فى تطبيق المفاهيم بين الإخوان والسلفيين، القوتان المؤهلتان من الأساس ومن قبل ذلك أيضا للصراع القوى بينهما، ما يعنى أن عام 2013 سيشهد وقوع الطلاق بين الإخوان والسلفيين.
على الطرف الآخر يتوقع أيضا أن تزيد الهوة التى بدأت مؤشراتها بالفعل بين الإخوان وحزب الوسط، ليس على خلفية إسلامية هذه المرة ولكن بسبب طريقة الإدارة فى الحكم وطريقة التفكير والرغبة فى الاستحواذ، وهو انفصال بديهى لتحالف تم بالأساس على «المصلحة».
وقوع عمليات الاغتيالات السياسية لعدد من الشخصيات العامة ورموز المعارضة السياسية يتوقعها ثروت الخرباوى أيضا خلال 2013 وفيها ستستخدم أساليب أجهزة المخابرات المعتادة التى تتوه فيها الحقيقة وتنقطع عنها الدلائل ولا تبدو معها الوقائع وكأنها حوادث اغتيال سياسى متعمدة كما تم فى حوادث اغتيال أشرف مروان وسعاد حسنى.
من ناحية أخرى فإن خطة «التمكين» التى ترتكز بشكل أساسى على زرع الإخوان لرجالهم فى مؤسسات الدولة، قد أصبحت تقابل الآن بمجموعة من الإعاقات والعراقيل من قبل أجهزة سيادية فى الدولة تظهر مقاومة حقيقة لهذا التمكين الإخوانى، ولاسيما بعد ظهور شخصيات مسلحة ترتبط بأسماء قيادات إخوانية فى الصف الأول للجماعة، كما حدث مع حارس خيرت الشاطر، وهو السياق الذى لا يمكن فيه أيضا إغفال القانون الذى أصدره وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى بحظر بيع الأراضى فى سيناء.
أما علاقات الإخوان بأمريكا التى تتوقف فى المقام الأول على تحقيق الأخيرة لمصالحها فى مصر، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأ يتضح لها تدريجيا أن الإخوان ليس لديهم أدنى فكرة بالفعل عن إدارة شئون الدولة، واستطاعت أن تمتلك تقييما حقيقيا لأدائهم بعد أن دخلوا مرحلة الاختبار الفعلية التى حققوا فيها فشلا واضحا بالنسبة لها. لم يتبق من قراءة ثروت الخرباوى لمستقبل الإخوان المسلمين فى عام 2013 إلا الوضع الداخلى للتنظيم من الداخل الذى – ربما - لن يشهد انشقاقات معتادة على نطاق واسع فى محيط الشباب الملتزم بالسمع والطاعة والملتحق بالجماعة منذ فترة طويلة والذى يلقى بمسئولية كل ما يحدث للإخوان على مؤامرات حمدين صباحى والبرادعى، كما لن تلجأ إليه إلا شريحة الشباب حديث الالتحاق بالجماعة.. غير أن نوعًا مختلفًا تماما من العصيان السلبى بدأ يلجأ فعليا إليه عدد من شباب الإخوان بما فيه الشباب قديم العضوية منهم، حيث أظهرت تقارير «رفع الواقع» التى يلجأ إليها خيرت الشاطر عادة لقياس مدى درجة استجابة قواعد وشباب الجماعة لأوامر القيادة، ومدى نسبة التفاعل فى الأنشطة المطلوبة، وهى ما أسفرت فى آخر تقرير عن انخفاض نسبة التفاعل بشكل حاد تجسد بوضوح فى خطبة الشيخ يوسف القرضاوى فى الجامع الأزهر التى دعت الجماعة وأصدرت أوامرها للأعضاء بالمشاركة فيها فأسفرت عن نسبة مشاركة 30%فقط، كمؤشر لحالة الإحباط التى تنتقل كالعدوى من الآن بين عدد كبير من شباب الجماعة وربما تؤدى إلى انفجار جماعة الإخوان المسلمين من داخلها بفقدانها سلاحها الرئيسى والحقيقى فى مواجهة جميع الأزمات المتوقعة والمواجهات التى أصبحت تنتظرها فى الشارع.