يلقي أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح غدا "الأحد"، كلمة فى افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعى الرابع عشر لمجلس الامة - بعد أن قال الشعب كلمته واختار ممثليه فى المجلس - حيث يؤكد ضرورة التكاتف بين السلطات الثلاث والتعاون من اجل تحقيق انجازات تتزاكب مع الطموحات فى مستقبل اكثر اشراقا والانتهاء من القوانين المتاخرة بما يتواكب مع تحويل الكويت الى مركز مالي واقتصادي في المنطقة. ويدشن امير الكويت مرحلة من أهم وأخطر المراحل في تاريخ الكويت ، حيث يعلق الكويتيون جميعا آمالهم على تلك الروح الجديدة ، روح التعاون والرغبة في العمل والبناء والإنجاز، بعد سنوات عديدة ساد فيها الاحتقان السياسي ، وشحنت النفوس بالشكوك وسوء الظن ، وتعطلت مسيرة التنمية الحقيقية ، ليحل محلها تلال من " إنتاج الأزمات".
ويسود التفاؤل عقب فترة من التوتر والتجاذب بين أعضاء مجلس الامة 2012 المبطل ودعوته الى مقاطعة الانتخابات ترشحا وتصويتا ، وقرارات اصدرها امير الكويت بغية اصلاح خلل اصاب الية الانتخابات وادى الى ظواهر بالغة السوء كشراء الأصوات والمساومات والتحالفات الانتخابية وتبادل الأصوات ، وأفرز مجالس لم تكن معبرة تعبيرا صحيحا عن المجتمع الكويتي ، وعجزت بأدائها المرتبك عن تلبية أحتياجات المجتمع وتطلعاته ، وصارت عبئا عليه ، بدلا من أن تكون سندا له.
وجاء تشكيل الحكومة الجديدة يوم " الاربعاء " الماضى لينهى فترة من التجاذب مع السلطة التشريعية ، ولتكون كما قال امير الكويت فى الكلمة التي وجهها الى الحكومة عقب أدائها اليمين الدستورية ، "إننا نتطلع بكل ثقة وأمل إلى تعاون إيجابي وبناء ومثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، يسوده الود والتفاهم والحرص المشترك ، للتصدي ومعالجة كافة القضايا ، وتلبية تطلعات المواطنين نحو تحقيق المزيد مما ينشده الوطن من رقي وبناء وازدهار".
وعندما يؤكد رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك أن حكومته ستمد يد التعاون إلى مجلس الأمة يلمس الجميع الصدق هذا التعهد وأن السلطتين ستترجمان النص الدستوري الذي يؤكد تعاونهما مع احترام كل سلطة منهما لصلاحيات واختصاصات الأخرى الى خطط وبرامج اصلاحية تعيد الكويت مجددا الى مكانها اللائق.
ويضع المراقبون عدة تحديات تواجه الحكومة الجديدة ومنها أن يعود مجلس الوزراء الجهة المهيمنة على مصالح الدولة ، يرسم السياسة العامة ويتابع تنفيذها ، ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية ،واداء الحكومة الذي يقاس بقدرتها على تنفيذ برنامجها ،وهناك أمل في أن تكون قادرة على النهوض بمتطلبات التنمية التي تحتاج إليها الكويت بشدة ، ومعالجة المشاكل المتراكمة.
ولعل التحدى الاكبر يكمن فى كيفية تعامل الحكومة مع المجلس الجديد الذى كشر بعض نوابه عن انيابهم ، رغم ان المجلس الحالي اعتمد نوابه في الوصول الى قبة البرلمان على انتقاد سياسة الاغلبية السابقة ورفض التأزيم والاستجوابات ، فإن بعض اعضائه قبل ادائهم القسم الدستوري اتبعوا الاسلوب نفسه الذي كانوا يرفضونه في السابق ، بالتلويح بأداءة المساءلة السياسية والتدخل في تشكيل الحكومة ، عبر وضع فيتو على عودة بعض الوزراء ، غير ان عدم استجابه الحكومة للضغوط الكثيرة التي مورست عليها لاقصاء بعض الوزراء وفرض اسماء معينة ، والحرص الشديد على اختيار حكومة هي ابعد ما تكون عن المحاصصة القبلية أو الطائفية أو السياسية ، والاعتماد في ترشيح من تم اختيارهم لها على معايير الكفاءة والخبرة وحدها ، بعيداً عن أي اعتبارات اخرى ربما كان لها الأولوية في السابق ، يشير الى انها ستتبع سياسة جديدة في التعاطي مع المجلس الحالي مستندة الى المادة 50 من الدستور بأن "يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور".
ولعل اول استحقاق ستواجهه السلطتان بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الاول وبدء مباشرة المجلس لاعماله ، هو كيفية التعاطي مع الاستجواب الصريح الذي اعلن النائب سعدون حماد تقديمه الى وزير النفط هاني حسين بشأن صفقة "مصفاة فيتنام" في حال عودته الى الحكومة ، وبما ان حسين عاد الى منصبه السابق وزيرا للنفط فإن حماد امام خيارين: اما تقديم الاستجواب او البحث عن مخرج مناسب لتجاوز الحرج الذي وضع نفسه فيه.
ويعتبر استجواب حماد بمنزلة سيناريو متكرر لعمل المجلس المبطل الذي شهد اول واسرع استجواب اذ قدم بعد اسبوع من افتتاحه، من قبل النائب صالح عاشور الى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك في 6 مارس الماضي.
ولم تخل تصريحات النواب الجدد في المجلس الحالي ، حتى قبل اعلان الوزارة الجديدة ، من التلميح والتصريح باستخدام المساءلة السياسية لرئيس الوزراء او للوزراء .، وارتفعت وتيرة هذه التهديدات بعد اعلان تشكيل الحكومة لتكشف عن عودة المشهد التأزيمي من الجديد وتنذر بعلاقة متوترة بين السلطتين قد تدفع لحل المجلس والعودة لصناديق الاقتراع مجددا.