إنقسام بين المجالس القضائية العليا ونوادى القضاة حول الإشراف على إستفتاء الدستور الجديد نوادى مجلس الدولة والنيابة الإدارية وقضاة مصر أبرز الجهات القضائية الرافضة للإشراف على استفتاء الإعلان الدستورى
حمدى ياسين : الإستفتاءً لن يكون مصوناً فى ظلال كثيفة مظلمة تخيم عليه وبقاء الإعلان الدستوري سالب لسلطة القضاء ومكبل لها
إقدام قُضاة مجلس الدولة على خوض غمار الإستفتاء محفوفاً بالمخاطر التي تمس أمنهم وسمعتهم في ظل التناحر المجتمعي القائم
رفعت السيد : الإعلان الدستورى الأخير أحدث إنقساماً فى السلطة القضائية ولم الشمل أصبح حلماً بعيد المنال
تسبب الإعلان الدستورى الجديد للرئيس محمد مرسى وقراره الأخيربعرض الدستور الجديد الذى لم يتم التوافق عليه داخل الجمعية التأسيسية على الإستفتاء الشعبى يوم 15 ديسمبر الجارى فى شق صفوف القضاة وتفريق وحدتهم فقد إنقسمت الهيئات القضائية بجميع طوائفها بين مؤيد ومعارض للإعلان فريقين بين أعضاء الهيئات القضائية أحدهما مؤيد والأخر معارض .
لم يقتصر هذا الإنقسام على جهة معينة بل استشرى الأمر إلى كل الهيئات وعلى رأس هذه الهيئات نادى قضاة مصر ومجلس القضاء الأعلى ففى الوقت الذى أكدت فيه الجمعية العمومية لنادى قضاة مصر على تعليق العمل بالمحاكم والنيابات إعتراضا على الإعلان الدستورى الجديد لما أعتبروه مساسا بهيبة القضاة وتقويضا لدولة القانون ودخل عدد منهم فى إعتصاما مفتوحا لعدة أيام ليتم التراجع عن الإعلان الدستورى الجديد وتطرق الأمر إلى مقاطعة الإستفتاء وافق مجلس القضاء الأعلى أعلى جهة قضائيةعلى اشراف القضاة على الاستفتاء المقرر فى 15 ديسمبر الجاري على مشروع الدستور
بموازاة ذلك وبعد إعلان نادى قضاة مجلس الدولة رفضهم للإعلان الدستورى وقررت الجمعية العمومية للنادى تعليق العمل بالمحاكم وافق المجلس الخاص وهو أعلى سلطة بمجلس الدولة بعد الجمعية العموية على المشاركة فى الإشراف على الإستفتاء .
وفى الوقت الذى أيد المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية الإشراف على الإستفتاء على الدستور الجديد رفض نادى مستشارى هيئة النيابة الادارية الاشراف على استفتاء الدستور الجديد فى ظل وجود الاعلان الدستورى الصادر من الرئيس محمد مرسى .
وقال المستشار ياسر زغلول عضو هيئة النيابة الادارية ان اعضاء النيابة الادارية رفضو الاشراف على الاستفتاء الجديد تضامنا مع موقف نوادى القضاة المشرف تجاه رفض الاعلان الدستورى الذى يمثل تعديا على القضاء واستقلاله.
وأضاف انه وفق لاستطلاع أراء الاعضاء جاءت النتيجة برفض الاشراف ، ووافق أيضا المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة وقضاة من أجل مصر على المشاركة فيه.
و أكد المستشار حمدى ياسين عكاشة رئيس نادى قضاة نفاذاً لقرار الجمعية العمومية لنادي قُضاة مجلس الدولة المنعقدة بتاريخ 30 من نوفمبر 2012 للتدارس حول ما سُمي بالإعلان الدستوري الصادر في 21 من نوفمبر 2012 بتفويض مجلس إدارة النادي في شأن مسألة الإشراف القضائي على الاستفتاء المزمع إجراؤه على مشروع الدستور الذي أعدته الجمعية التأسيسية واتخاذ القرار المناسب.
وأضاف " ياسين " أن مجلس إدارة نادي قُضاة مجلس الدولة أرتأى إرجاء البت في ذلك الأمر مطالباً رئيس الجمهورية حفاظاً على سلامة الوطن ووحدته في ضوء ما يكتنف عملية الاستفتاء من مخاطر الفرقة بين الشعب الواحد وإعلاءً لمبائ الشرعية وتهيئة لمناخ إجراء الاستفتاء أن يتخذ ما يلزم لإزالة آثار الإعلان الدستوري ، إلا أن ما صدر مما سمي تطمينات للقُضاة لم ترق إلى مستوى الأمل المعقود على سلطة إصدار القرار في العمل على تهيئة المناخ المطلوب لإجراء الاستفتاء .
وأوضح " ياسين " أن مجلس إدارة نادي قُضاة مجلس الدولة أن قُضاة مجلس الدولة لا ينطلقون إلا من خندق الدفاع عن المشروعية واستقلال القضاء ، ولا يتبنون رأياً سياسياً من أي نوع ، وقد تعاملوا مع الجمعية التأسيسية حال كونها مطعون على صحة تشكيلها على سند من قرينة الصحة الملازمة للقرارات الإدارية طالما لم يُلغ القرار أو يوقف تنفيذه ، ومن ثم فهم إذ يبدون رأيهم في المشاركة في عملية الاستفتاء من عدمه لا يبدونه من رأي مسبق لأي من قُضاة مجلس الدولة حول الجمعية التأسيسية أو مشروع الدستور الناتج منها .
وأشار " ياسين " إلى أن الاستفتاء حول دستور الثورة الجديد بما له من جلال وسمو يتأبى أن يكون استفتاءً مصوناً إذا ما جرى وظلال كثيفة مظلمة تخيم عليه تتمثل في بقاء إعلان دستوري سالب لسلطة القضاء ومكبل لها من جهة ، ومناخ تتناحر فيه قوى الشعب ، ومخاطر تحيط بالقضاء وهو على منصته العالية فكيف وهو يؤدي واجب الإشراف القضائي المقدس محاطاً بالجرأة المفرطة على إهانة كرامة القضاء والقُضاة ، ومحاصرة دور قضائهم الشامخة ، ومن ثم فقد كان الأولى تنقية أجواء الاستفتاء بإزالة أسباب الاعتداء على السلطة القضائية وتهدئة الأجواء بين أبناء الوطن الواحد .
وقال " ياسين " إن الإشراف القضائي على الانتخابات والاستفتاء هو واجب وطني بغير شك ، كما أنه كان نتاجا للجهد القضائي الراسخ لقضاء مجلس الدولة في الدعوى رقم 667 لسنة 45 قضائية عام 1990 المتعلقة بوجوب الإشراف القضائي الكامل ، والمحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 11 لسنة 13 قضائية دستورية التي قضت بعدم دستورية الانتخاب "أو الاستفتاء" الذي يتم بغير إشراف قضائي كامل ، احتفاءً بعملية الاقتراع بحسبانها جوهر حق الانتخاب أو الاستفتاء.
وقال " ياسين " إنه بحسبان القُضاة هم الأقدر على ممارسة هذا الإشراف بما جبلوا عليه من الحيدة وعدم الخضوع لغير ضمائرهم ليتمكن المستفتون من إبداء رأيهم في مناخ تسوده الطمأنينة ، ومن ثم فلا غرو أن يسعى قضاة مجلس الدولة لتلبية ضمانة هامة من ضمانات سلامة الاستفتاء ، إلا أنه وفي غياب الكثير من الضمانات الملاصقة لضمانة الإشراف القضائي مثل السحابة السوداء الحاملة للإعلان الدستوري وغيبة حماية وتأمين القُضاة والتناحر والعداء الذي أنتجه الإعلان الدستوري في صفوف الشعب الواحد.
وكشف " ياسين " إن الاشراف القضائي يصبح شكلاً بلا مضمون بما يعرض سلامة الاستفتاء على الدستور الوليد لمخاطر تفرق الأمة ولا توحدها وبالتالي يجعل إقدام قُضاة مجلس الدولة على خوض غماره محفوفاً بالمخاطر التي تمس أمنهم وسمعتهم في ظل التناحر المجتمعي القائم .
وقال رئيس النادى إن قُضاة مجلس الدولة على مر الزمن ظلوا وسيظلون كذلك بإذن الله طوداً شامخاً موحداً ضد صنوف التعدي التي طالت مجلس الدولة على مر الزمن وطالت السلطة القضائية بوجه عام ، ومن ثم فإذا ما قرر شيوخ مجلس الدولة أعضاء المجلس الخاص أنهم موافقون على الإشراف القضائي فإن قرارهم لا شك هو محل التقدير والاحترام ، إلا أن تلك الموافقة منوطة برغبة المشاركة التي يملكها ويبديها قاضي مجلس الدولة في ضوء ما سلف.
واضاف " رئيس النادى " إن قُضاة مجلس الدولة حين يباشرون دورهم في الدفاع عن استقلالهم فهم يمارسون دوراً قضائياً شريفا ومقدساً ، ولن يأبهوا لأقوال مشبوهة تسعي لتقويض استقلاله ، تنسب له توقياً لغضبته وتعطيلاً لمسيرته ، مباشرته لعمل سياسي ، كبر مقتا عند الله أن يقولوا ما لا يفعلون ، فكم من هبة وانتفاضة قام بها قُضاة مصر جميعهم دفاعاً عن استقلال السلطة القضائية ولم يقل قائل أن هبتهم كانت عملاً بالسياسة ، فليمارس السياسيون أعمالهم وليكف الجميع عن كيل الاتهام للقُضاة ضمير الأمة وعزها وفخرها ، وتاريخ مواجهة القُضاة لكل اعتداء على استقلال القضاء خير معين لمن يختالون باتهامهم هذا ولمن لا يتذكرون .
وأوضح " حمدى ياسين " أن مجلس إدارة نادي قًضاة مجلس الدولة يرى أنه ولئن كان إداء القُضاة للإشراف القضائي واجب وطني ، إلا أن المناخ الذي تجري فيه عملية الاستفتاء واستمرار سريان الإعلان الدستوري المنعدم يتأبى على قيامهم بالإشراف عليه ، صيانة للبلاد وحفاظاً على أمن المواطنين والقُضاة أنفسهم.
وأكد " عكاشة " إننا نرفض المشاركة في الإشراف على هذا الاستفاء ، كما أنه احتراماً لقرار المجلس الخاص لمجلس الدولة بالموافقة على القيام بإجراءات الاستفتاء والإشراف القضائي ، فإنه لمن يرغب من قُضاة مجلس الدولة الانخراط في عملية الإشراف فإن لإرادته ورأيه كل التقدير والاحترام وفقاً لمسئولياته
ومن جانبه أكد المستشار رفعت السيد رئيس نادى قضاة أسيوط السابق أن الإنقسام الذى يمر به المجتمع المصرى للأسف الشديد وصل إلى سلطات كانت بعيدة عن هذه المشاهد لأنها سلطة تعمل لصالح المجتمع كله ويثق فيها شعب مصر ويتطلع إلى أحكامها التى تبث الحق والعدل ألا وهى السلطة القضائية
وأضاف " السيد " أن السلطة القضائية أصابها ما اصاب المجتمع من فرقة وإنقسام وأضحى جمع الشمل ربما أمرا بعيد المنال ولاشك أن السياسة كانت هى السبب الرئيسى الدافع لحدوث هذه الفرقة ووقع هذا الإنقسام بعد صدور الإعلان الدستورى الأخير الذى لايمكن أن تخطئ العين والعقل مدى مساسه بإستقلال السلطة القضائية وهيبتها وكرامتها بل زاد الطينة بلة منع قضاة المحكمة الدستورية العليا من الوصول إلى محكمتهم ومقر عملهم لنظر قضايا معروضة أمامهم بالقوة والإرهاب والترويع وإحاطة مبنى المحكمة بجماهير عغيرة تتوعد القضاة بالويل وبالتالى كان هذا لازما على السلطة القضائية وعلى قضاة مصر أن يدافعوا عن هذا العدوان الغاشم عليهم ولم يكن لديهم سلاح سوى أن يمتنعوا عن العمل فى محاكمهم ونياباتهم ليواجهوا رسالة إلى السلطة وإلى المجتمع أنهم وسلطتهم القضائية فى خطر داهم.
وأوضح
" السيد " أنه لما جاء دور القضاة ورجال النيابة فى الإشراف على إستفتاء الدستور أعلنوا عن عزمهم فى عدم الإسهام فى هذه المهمة ما لم يلغ الإعلان الدستورى أويجمد ولكن الحقيقة دائما نسبية فهناك وجهتى نظر حول مساءلة الإشراف على إستفتاء مشروع الدستورفهناك فريق يرى استمرار الموقف السلبى للقضاة وتعليق العمل بالمحاكم وأخر ينادى بأن غياب رجال القضاء عن الإستفتاء ممكن أن يؤدى إلى تزييف إرادة الشعب وإظهار نتائج مخالفة.
و من جانبه قال المستشار محمد عيد محجوب الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى أن المجلس قررعلى ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة، للاشراف على الاستفتاء بلجان المحافظات واللجان العام والفرعية . وجاء القرار في ضوء مذكرة قدمها المستشار سمير أبو المعاطي رئيس محكمة استئناف القاهرة رئيس اللجنة العليا للانتخابات إلى مجلس القضاء الأعلى طالب فيها بالموافقة على ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة.
و قال المستشار محمد زكي موسى الامين العام لمجلس الدولة ان المجلس وافق على الاشراف على الاستفتاء على الدستور وبدأ فى الاعداد للتجهيزات اللازمة ولايوجد إنقسام بين أعضاء المجلس الخاص بالنسبة له.
وقال رئيس النيابة الادارية المستشار أحمد رزق ان مشاركة مستشاري واعضاء النيابة الادارية في الاشراف علي الاستفتاء يأتي في اطار الحرص علي القيام بواجبهم وتأدية رسالتهم تجاه الوطن وتجاوز الازمة الحالي ،واكد علي حرص اعضاء النيابة الادارية علي اجراء الاستفتاء بشكل شفاف وحضاري وديمقراطي.
وقال المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر إنه "تم الاتفاق بين كافة قضاة مصر وأندية قضاة الأقاليم على عدم الإشراف على الاستفتاء " احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي أصدره أخيرا الرئيس محمد مرسي ورأى القضاة أنه " تضمن تدخلا كبيرا في أعمال السلطة القضائية، وانتهك استقلالية القضاء والقضاة وحصانتهم المقررة قانونا".
من جانبه رأى المستشار عبدالله فتحي وكيل مجلس ادارة نادي القضاة ان قرار مجلس القضاء الاعلى بندب القضاة للاشراف على الاستفتاء ليس ملزما للقضاة الذين يمكنهم الاعتذار عن هذه المهمة .
وأوضح أن نسبة تتراوح بين 80 الى 90 فى لمئة من قضاة مصر بالمحاكمة الابتدائية والاستئناف والنقض سيقاطعون الاشراف على الاستفتاء احتجاجا على الاعلان الدستوري. واضاف ان القضاة سيشرفون على الاستفتاء فى حال تم الغاء الاعلان الدستوري رغم تحفظاتهم على الدستور الذى لا يمنح القضاء.