«عدل ده.. وللا ظلم»؟! عبارة مصرية قديمة كان أى مواطن مصرى يلجأ إليها عندما يتعرض للظلم، أو يضيع حقه المشروع، أو يواجه قرارات تعسفية ظالمة. العدل فكرة وحلم قديم عند المصريين، من أيام فلاح الفراعنة الفصيح الذى تعرض للظلم البين، فأرسل خطاباً بليغاً مؤثراً إلى حاكم البلاد، وأعجب الفرعون الحاكم بفصاحة أسلوب الفلاح، فلم يأمر برفع الظلم عنه ليجعله يستمر فى الشكوى وكتابة المزيد من الرسائل، ليستمتع الحاكم بلغة وحكمة الفلاح المظلوم!
وشاء قدر مصر والمصريين على مدار العهود المختلفة، أن يستمر العدل حلماً لا يتحقق، وعانى المصريون فى كل أنواع الظلم وتكالب عليهم أكثر من استعمار، وعشرات من الحكام الطغاة والفاسدين والظالمين.
وفى وقت من الأوقات زمان كانت فى مصر وظيفة اسمها «الباشكاتب» أو «العرضحالجي».. وكان رجلاً يجيد الكتابة والتعبير وغالباً خط يده جميل.
وكان المصرى البسيط عندما تكون لديه شكوى أو مظلمة يلجأ إلى «الباشكاتب» الذى يجلس على الرصيف، وأمامه منضدة قديمة، أمام باب أى محكمة أو مصلحة حكومية.
وكان هناك شكل وطابع للشكاوى والعرائض، التى يدمجها «الباشكاتب» بأسلوبه وقلمه، فهى مهذبة اللغة لكنها قوية وواضحة، تشرح الظلم وأسبابه وتطالب بالعدل للمظلوم!
وفى وقت من الأوقات أيام السادات كان هناك ما يسمى ب «ديوان المظالم»، وكان يتلقى شكاوى ومظالم أى مواطن مصرى، يدرسها ثم يحيلها إلى الوزارة أو الجهة المختصة لرفع الظلم عن أصحاب هذه الشكاوي!
ورغم ذلك فإن العدل لم يتحقق، والمظالم لم تختف.. واستمر المصريون يتعرضون لكل أنواع الظلم، أغلب المصريين يولدون ويعيشون ثم يموتون فى منطقة الفقر الملعون!
ولم يحصل المواطن المصرى على حقه فى أى عهد من العهود، فلا أمان ولا كرامة ولا معيشة كريمة، لا تعليم ولا صحة، وإنما لهاث وحرب يومية من أجل لقمة العيش!
والمفروض أن يكون «العدل» هو أكبر أهداف الثورة، لأن من الصعب عليه العثور على خبزه وحياة كريمة يستحيل عليه أن يتذوق حلاوة أى حرية وأى كرامة وأى ديمقراطية.
«العدل» هو ما يريده- ويستحقه- المصريون ولا اعتبار ولا تقدير لأى جماعة أو حزب أو اتجاه أو تيار لن يسعى إلى تحقيق العدل فى مصر، ولكل مصرى بغض النظر عن اسمه أو لونه أو جنسه أو دينه طالما هو مصري!
وأظن أن عهد شكاوى الفلاح «الفصيح» قد انتهى فالشكوى واحدة يعرفها ويقولها كل الناس فى مصر، والشكوى معلومة لمن يهمه الأمر، ومن بيده القرار!
ليحكمنا أى أحد.
أهلاً وسهلاً بأى حاكم، مادام سيكون عادلاً، ويسعى لتحقيق العدل فى بر مصر، وإلا فليذهب بالسلامة يرتاح ويريحنا من وجهه ولسانه!