- "عالم ليس لنا"، فيلمٌ يُعرض في مسابقة مهرجان أبوظبي السينمائي للفيلم الوثائقي، وهو لمحة حميمة بارزة داخل مخيم عين الحلوة في لبنان، الذي يضم نحو 70 ألف منزل للنازحين الفلسطينيين في مربع واحد. المخرج فليفل الذي وُلد في دبي ونشأ في مخيم، يحل ضيفاً على المهرجان (الذي دعم فيلمه من خلال صندوق سند)، وننتهز الفرصة لنسأله بعض الأسئلة عن إخراج بعض الأفلام الوثائقية العربية الهامة.
عندما كنت تجمع أشرطة الفيديو المنزلية هذه، في أي مرحلة قررت صنع الفيلم؟ بدأت الفكرة كلها على نحو جمع أفلام وثائقية قصيرة عن التجمعات خلال كأس العالم في مخيم عين الحلوة عام 2010، وفكرت بأنه إذا لم يكن لدي ما يكفي من المواد فإني سأدمج بعض لقطات أخرى مما لدي حول العائلة والأصدقاء، ولكن بعد ذلك، بدأت الفكرة عندما رأيت أن لدي نحو 75 ساعة من اللقطات والمشاهد، وأصبحت الفكرة تتوسع، وبدأت أتتبع حياة صديقي، أبو إياد، في عملية استمرت ستة أسابيع. ثم أدركت أن هناك بالتأكيد إمكانيات هنا لفيلم بمدة أطول. لذا توصلت إليها، رأيتها مع رئيس التحرير وعندها ذهبنا من خلال كل شيء – لقد كان متردداً جداً في البداية - ولكن بعد ذلك أحضرت بقية اللقطات التي كنت قد جمعتها على مر السنين ووصلت إلى 70 ساعة أخرى أو نحو ذلك. نحن نتحدث هنا عن حوالي 150 ساعة من المشاهد، وبعد بضعة أشهر، قررنا أن نغتنمها والاستمرار بها والاستفادة منها في قصة أكبر عن الحياة في مخيم عين الحلوة، وتغير تركيز الفيلم، وأخذ التركيب الأول حوالي 3 ساعات، وعندما رأيته على الشاشة، بدأ كل شيء في التبلور وعرفنا أين ستذهب القصة وبدأنا بكتابة السيناريو. عرفت كل ما يجب أن يقال وتدفقت الأفكار، لقد قدم الفيلم نفسه حقاً.
هل لك أن تحدثنا عن اختياراتك غير العادية لموسيقى الفيلم؟ خاصة وأن الموسيقى أعطت نكهة وروح دعابة ساخرة له، متحدياً توقعات الجمهور. تعكس الموسيقى واقع تجربتي الخاصة كفلسطيني، وكانت تجربة فريدة من نوعها، واختياراً فريداً للموسيقى. مع تقدمي بالعمر تأثرت بموسيقى أفلام هوليوود، الموسيقى الغربية والكلاسيكية والجاز وغيرها، كان الخيار الأكثر طبيعية بالنسبة لي هو الذهاب بهذا الاتجاه، للوصول إلى ما هو أنا أكثر دراية فيه وإدماجه في الفيلم. هذه هي الموسيقى التي كنت أنتمي إليها وأحبها. عندما أشاهد مشهد المعركة، أفكر بالأفلام التي أثّرت بي خلال نشأتي، وكنت أعتقد أن هذا هو نوع الموسيقى التي تم استخدامها أثناء مشهد القتال في "الثور الهائج"، لذلك هذا هو نوع الموسيقى الذي استخدمته.
لا، قد لا تتطابق مع التوقعات التي يمكن أن تكون لدى الجمهور عن مثل هذا الموضوع أو هذا الوثائقي، ولكن أعتقد أنه يجب أن تأخذ دائماً جمهورك بجولة عند مشاهدة فيلم، ولا تُؤطر نفسك بحدود التوقعات.
كيف تشعر حيال القضية الفلسطينية؟ لقد سمعنا الكثير من وجهات النظر المختلفة من طرف لعائلة والأصدقاء، ولكن أود أن أسمع منك. أنها قضية، بكل بساطة. إذا كان لديك قلب ويدق، إذا كان لديك حس بالعدالة، فهذا يكون منطقاً كاملاً. عندما يتم نفي الناس بالقوة وطردهم، فيكون لديهم الحق في القتال والمطالبة بحقوقهم كبشر. وأنا لا أعني بالضرورة العودة إلى فلسطين، وفكرة أن الله سوف يحرر الأرض ويعيدها لنا لا تعنيني، الله ليس وكيلاً عقارياً. علينا أن نكون أكثر واقعية بعض الشيء، وفلسطين التي يتحدث عنها جدي في الفيلم ليست فلسطين الموجودة اليوم، ولن تكون أبداً، ولكن العدالة سوف تسود، وأنا قطعاً مؤمن بذلك.
هل شعرت بنوع من الفرز حين جمعت اللقطات؟ عند التبديل إلى وضع القاص، عليك أن تأخذ خطوة إلى الوراء. أنا أنظر للأصدقاء والعائلة من خلال الشاشة، وتلقائياً أصبحوا شخصيات في القصة. تبدأ بتلقيها بشكلٍ مختلف، وتبدأ في تناول الفيلم كله في هذا الاتجاه.
هل شاهد أصدقائك وعائلتك في عين الحلوة الفيلم؟ هل يعرفون عنه؟ وما رأيهم؟ عندما تشاهد العائلة والأصدقاء فيلم من هذا القبيل، فإنهم يشاهدونه على أنه فيلم منزلي أو فيلم عائلي. فيجلسون مشيرين إلى أشخاص يعرفونهم، مبدين تعليقات وملاحظات على كيفية لباس شخص ما، أو كيف يبدو أحدهم، أو أين يعيش أحدهم الآن، هلم جرا. ومع ذلك، عندما عُرض الفيلم في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، كنت مسروراً جداً للنتائج وردود الفعل، شعرت بأن الجماهير استجابت بإيجابية كبيرة للفيلم وأنهم اندمجوا مع الشخصيات التي فيه. وعلى الرغم من ذلك، لا أود أن أعرض هذا الفيلم في مخيم عين الحلوة، كما لا أعتقد أنه سيكون له وقع جيد، إنه ثقيل جداً، ويمكن أن يُساء فهمه، وربما يورط بعض الناس. أنا أكثر حرصاً على عرضه في العالم العربي أكثر من عرضه في المخيم. إذا أحدث هذا الفيلم أي نوع من التغيير، عندها سأكون راضياً. من المهم لهذا الفيلم أن يحظى بفرصة العرض خارج المخيم، لأنه لن يحدث أي فرق إذا عرض فقط في المخيم.
بمشهد ما في الفيلم كنت تزور فلسطين لأول مرة وقلت "فلسطين في مكان في عين الحلوة" ، لقد تردد صدى ذلك بمسمعي حقاً، وأعتقد أن فلسطين في مكان ما في كل جزء من هذا العالم الآن، هل توافقني على ذلك؟ بالتأكيد، قد لا تكون فلسطين دولة بعد، وإنما هي حالة من الوجود، حالة ذهنية.
كيف تشعر حيال فلسطين، حق العودة، هل سيعود وطن الفلسطينيين لهم في يوم من الأيام؟ متفائل، متأمل، أم ليس كذلك بعد الآن؟ أعتقد أنه سيكون من أكثر الأوضاع عبثية وسعادة إن حدث ذلك.
قلت مرة عندما رحلت إلى الدانمارك، على الرغم من أنك لم تخبر أحداً، بأنك كنت راغباً بالعودة إلى عين الحلوة. هل ما زلت تشعر بهذه الحالة؟ عندما كنت طفلا، كان العيش في عين الحلوة مغامرة، كان الأمر مختلفاً، كان كبيراً، بينما كان الذهاب إلى الدانمارك مملاً جداً بالمقارنة، ولكن هل ما زلت أشعر بنفس الحالة؟ فلا.
هل تصورت في أي وقت من الأوقات كيف ستكون حياتك لو ما زلت تعيش في عين الحلوة؟ في كل الوقت. لكنني لا أعرف كيف كان يمكن أن تكون بصدق. أنا حقاً لا أعرف، إنه عبارة عن حي صغير، كما تعلم؟ يشعر الناس بأن لهم الحق في التدخل في شؤون أي شخص آخر،