أثناء إنعقاد قمة مکة المکرمة لمنظمة التعاون الإسلامي يومي الثلاثاء والأربعاء 14و15 أغسطس 2012قدم الرئيس المصري الدکتور محمد مرسي مقترحا لحل الأزمة السورية بتشکيل لجنة رباعية من مصر وايران والسعودية وترکيا والتي ستعقد اليوم(الإثنين العاشر من سبتمبر 2012) في القاهرة والذي سيشارک فيها السيد عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤن أفريقيا والدول العربية ووضح بصورة مختصرة دور کل دولة من هذه الدول الأربعة حيث أراد لإيران التأثير علي الحکومة السورية وترکيا علي المعارضة ومصر والسعودية الإتصال بالمعنيين لتسهيل المهمة وأعطي صبغة الحياد لهذين البلدين مصر والسعودية واللتين لن ولم يکونا محايدين أبدا لا سياسيا ولا إعلاميا ولا تمويليا ولکن في تلک الأيام سکتنا وقلنا ربما طرأ جديدا في المواقف الإقليمية بسبب فشل المشاريع التي سعت لتدمير سوريا وحرمان شعبها الأمان والإستقرار ولکن قبل وبعد قمة عدم الإنحياز تبينت المواقف للرئيس مرسي بکل شفافية ووضوح بأنه ليس محايدا بل منحازا لأحد طرفي النزاع مما جعله طرفا في المشکلة کترکيا والسعودية ويصعب عليه أن يکون وسطا يساعد علي تقريب المسافة بين الحکومة والمعارضة السورية مما سيعقد الأجواء السياسية ولا خدم الدور الذي يمکن لمصر الجديدة أن تلعبه في حلحلة الأزمات الإقليمية . فتصريحات مرسي قبل طهران وفي طهران وأخيرا في القاهرة کانت عدائية لسوريا ولن ترقي لدولة تريد أن تساعد علي حل أزمة مستعصية ومعقدة لبلد عربي ومسلم يراد تمزيقه وتدميره وإضعافه لا لشئ إلا بسبب مواقفه الشجاعة والراسخة تجاه قضايا المنطقة المصيرية وعلي رأسها القضية الفلسطينية وعدوانية الکيان الصهيوني اللقيط وتصديه الحزم للمخططات الإستکبارية في المنطقة لذا فرضت علي الحکومة والشعب السوري بعد الأزمة نقطتين أساسيتين الأولي أن لاتتم عملية الإصلاح السياسي الشامل الذي أعلنته القيادة السورية بکل صدق وجدية من بداية الأزمة وقبولها الکامل لرغبات شرائح من الشعب السوري في التغيير والإصلاح .الثاني عدم التوجه نوح المصالحة الوطنية والحوار والتفاهم والتلاقي الوطني . لأن هدف الدول الإستکبارية ليس مساعدة الشعب السوري علي نيل الحرية والکرامة والديموقراطية المزعومة وإنما الهدف المبطن والمعلن من کل هذه التدخلات الإقليمية والدولية هو إذلال سورية حکومة وشعبا وکسر شوکة النظام العاصي والمتصدي والفاضح للهيمنة الصهيوأمريکية وأقزامهم في المنطقة . کان علي الرئيس المصري وهو يمثل شعب عظيم وثورة عظيمة أخرجت مصر من الإصطفاف السابق الذي أذلها وأهانها لعقود من الزمن أن يراجع حساباته ألف مرة قبل أن يعيد مصر الثورة إلي نفس الإصطفاف السابق أي إلي محور الممايعة ، لايمکن لمصر أن تضع نفسها في صف سفاحي الأبرياء في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان وباکستان واليمن والصومال والسودان والفيتنام واليابان وعشرات المواقع الأخري هل من المعقول أن يصدق عربي أو مسلم أو أي إنسان حر أن أمريکا وإسرائيل وحلفائهم يسعون لطلب الحرية والکرامة والإستقلال للشعوب وخاصة المحيطة بالکيان الغاصب ، فهذه المواقف لا توحي خيرا لمصر الثورة ولا لشخص ثوري ناضل ضد الإستبداد والإنحياز لسنوات طوال وهي کذلک لاتخدم من يريد أن يبادر وأن يکلل مبادرته بالنجاح ، فإذا کان الدکتور مرسي لديه نقد وتخطئة ونصيحة للقيادة السورية کان بالأحري علية الذهاب الي دمشق وإسماع صوته مباشرة الي المسؤلين هناک وليس من وراء حجاب او کان عليه إرسال مبعوث خاص يساعد سوريا والسوريين من الخروج من هذه الأزمة التي أصبحت بسبب التآمر والتدخل الأجنبي أزمة إقليمية ودولية وإرجاع الدور الريادي لمصر في المنطقة . لذا أري أن تحضر الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الرباعية بقوة من خلال مواقفها ورؤيتها المنطقية تجاه الأزمة السورية المبتنية علي الحل السياسي من خلال الحوار البناء بين الفرقاء السوريين ممايساعد الجميع علي الذهاب الي وئام وطني يتظمن وقف إطلاق النار فورا وإرسال المساعدات الإنسانية الي المناطق المتظررة والذهاب الي إستفتاء وإنتخابات حرة ونزيهة ترسم مستقبل سوريا الجديدة بإرادة وطنية خالصة دون تدخل أجنبي . وأن تکون حذرة من بعض الخطوات والتصريحات المفاجئة من بعض المجتمعين التي ربما تخرج الأمور من سياقها لأن الدول الثلاث الأخري منخرطة في المشروع التصعيدي ضد سوريا وموقفها متناغم مع العداء الصهيوأمريکي والأوربي لسوريا القوية الموحدة والمقاومة . فإذا أرادت هذه الرباعية أن تنجح في مهمتها لإنهاء الأزمة علي الدول الثلاثة أن تصحح مواقفها وأن تضع حدا للحرب الکلامية والإعلامية ووقف العمل بالمقاطعة الإقتصادية والسياسية التي أضرت بالمواطن السوري مباشرة والي مد الجسور مع دمشق وإحترام إرادة الشعب السوري وخياراته الديموقراطية ، غير ذلک لاأري أي نجاح لهذه المبادرة إذا بقيت هذه الدول مستمرة بنهجها العدائي والتصعيدي تجاه سوريا . إن مشارکة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الرباعية ملفت وغريب نوعا ما لإختلاف رؤيتها الإستراتيجية لحل الأزمة في سوريا وربما ستکون الصوت الأوحد الذي يري الحل السياسي والحوار الوطني هما الأمثل والأفضل لإنهاء الأزمة وإعادة المياه الي مجاريها والحياة الکريمة المفعمة بالإصلاحات والتغييرات الإيجابية الي طبيعتها وبالتالي سيساعد کل هذا علي إبعاد شبح الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي والتجزأة ونار الفتنة الطائفية التي تسعي اليها دوائر إقليمية ودلية وبإصرار لکن الشعب السوري الواعي لن ولم يسمح لهؤلاء المتربصين بمصيره أن يحققوا أحلامهم وأهدافهم اللاإنسانية والمخالفة لأبسط قوانين حقوق الإنسان الشرعية والعالمية . غياب العراق ولبنان أوجد خلأ کبيرا في الرباعية لايملئها الي التفاهم حول الحلول السياسية ونبذ العنف والإستقواء بالخارج المذل. ولاأعتقد أبدا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستصطف يوما في الصف الإستکباري الذي لايري إلا مصالحه وأمن الکيان الصهيوني وإذلال الشعوب وأنظمتها المستقلة ؛ مع تاييد ودعم مطالب الشعب السوري الحقة في التحول الديموقراطي والحکومة في الإصلاح والحوار . مدير مرکز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية