قارنت صحيفة "لوبوان" الفرنسية بين الأحداث الأخيرة في مصر بما حدث في الجزائر في نهاية عام 1991. فقد قام الجيش الجزائري بقطع العملية الانتخابية بعد يوم من اجراء الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي كانت ستشهد فوز الإسلاميين بالجبهة الإسلامية للإنقاذ. وحصل العسكر على استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد وأقاموا السلطة التي يريدونها. وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن المقارنة تتوقف على الأرجح – ولحسن الحظ – عند هذا الحد. فقد أسفر الانقلاب الجزائري عن حرب أهلية رهيبة استمرت ثمانية أعوام. ولا يبدو أن مصر على وشك السقوط في هذه الحرب. من جهة ، لاختلاف الدولتين والعصور. ومن جهة أخرى ، لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة – الذي يتولى مقاليد السلطة في مصر منذ أن أطاحت بحسني مبارك في فبراير 2011 بفضل الربيع العربي – تظهر وحشية أقل ودقة أكثر".
وخلال الأسابيع الأخيرة ، بعد أن اعتقد الإخوان المسلمون أنه لديهم قوة مطلقة بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية ، اعتقد الإخوان كذلك أنهم يستطيعون فرض الدستور المصري القادم وأيضًا الفوز بالانتخابات الرئاسية. فقد الإخوان – على الأقل مؤقتًا – كل شئ حيث كانوا جشعين للحصول على السلطة التي ينتظرونها منذ أكثر من نصف قرن واعتقدوا أنها في متناول أيديهم.
ولم يرد العسكر في مصر خوض أية مخاطر. فليس هناك حديثًا حول رؤية مصر تتحول إلى جمهورية إسلامية أو خسارة العسكر لسلطاتهم السياسية والاقتصادية. ففي الخامس عشر من يونيو ، قام المجلس العسكري بحل مجلس الشعب المنتخب. وهذا هو في الواقع الانقلاب ، واستند إلى حكم المحكمة الدستورية العليا الذي اعتبر أن جزء من القانون الانتخابي الذي نظم الانتخابات التشريعية غير قانوني.
وبذلك ، تنتخب مصر – التي لا تمتلك برلمانًا – هذا الأسبوع رئيسًا للجمهورية لا تعرف سلطاته ، حيث أنه ليس هناك دستور حتى الآن في البلاد. أما اللجنة الدستورية المكلفة بكتابته ، فقد انتهت أيضًا بما أنها كانت يتألف أكثر من نصف اللجنة من النواب ونصفها من الشخصيات المقربة من الإسلاميين الذين لايرغب فيهم الجيش.
وفي البداية ، لم يكن للمصريين رد فعل. وانقسمت الدولة بين أولئك الذين سيصوتون لأحمد شفيق – الجنرال السابق ورئيس الوزراء الأسبق في عهد مبارك – والذي يعدهم بالعودة إلى النظام والعمل ، وأولئك الذي سيختارون الإخواني محمد مرسي لأنه يمثل القطيعة مع النظام السابق أكثر من كونه إسلامياً. ويعد أكبر الخاسرين هم العديد من المصريين الذين كانوا يحلمون منذ الربيع العربي بدولة دون "ملتحين" أو عسكريين.