في بقاع العالم وعلى مر التاريخ تكثر الأناشيد والأغاني في حب الوطن ولم تشذ عن ذلك أي طائفة أو جنسية من أجناس البشر فالكل يغني نموت نموت ويحي الوطن ولسان حال التاريخ والجغرافيا أن الوطن يستأهل ذلك لأن الوطن لا يبيع ولا يخون ولا يراهن ولا يبتز ولا يضطهد ولا يميز أحد عن أحد، فالكل أمامه سواء يسقيهم جميعا بماء واحد سواء كان عذبا أو ملح أجاج ويطعمهم جميعا طعام واحد سواء كان رغدا أم من أديد الأرض ولا يسأل من فيه عن هويته ولا عقيدته ولا عن عمره وشجرته التي أتي منها لذلك كان حقا على البشرية جميعا منذ مهدها أن تتغني بالوطن أما المواطنين فقل فيهم ما شئت يمكن أن يتعدوا ويمكن أن يسرقوا ويمكن أن يضطهدوا بل ويمكن أن يقتلوا بعضهم البعض بل زادوا على ذلك بأنهم قد بيعوا حتى الوطن ويتآمروا عليه. وليس فيما تقدم ذكره عمل مناظره بين الوطن وبين المواطن فهذا لا يجوز إطلاقا بدليل أن الوطن مقدم على المواطن في جميع الدساتير ويأخذ المواطن احترامه بقدر ولائه للوطن وهذا إقرار من المواطنين بعلو الوطن عنهم. والقصد مما تقدم أنه يجوز للمواطن أن يفرط في نفسه وفي عرضه وفي أهله بل وفي حياته بأن يقبل على الانتحار، فإذا ما وجدت مواطن يقبل على المخدرات أو على الميسر أو على الخمر فهو عندما يقبل على ذلك يعلم تمام العلم أنها ضارة له لذلك فله أن يفرط في نفسه ولكن لا يجوز أن يفرط في وطنه وقد يقبل الإنسان أي ضرر لنفسه لكن لا يقبل ذلك للوطن فالوطن لم يقدم له إلا الحسني فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وسبب هذا الحديث إنه يجوز للمواطن إلا يطهر نفسه من السرطان وأن يتعايش معه بل وأن يراه مفيد لأنه إذا جاز له أن ينهي حياته بيده فله ما دون ذلك وهذا شأنه ولكن في نفس الوقت لا يجوز له أن يقبل أن يسري السرطان في الوطن بأن تظل حالة الفوضى وقطع الطرق والمظاهرات الفئوية وإشعال النيران في المصالح الحكومية فحياة الوطن شئ وحياة المواطن شئ آخر ويظل الوطن بعد ذلك على مر التاريخ يحكي قصة من عاشوا فيه أكانوا أسيادا سادوا الناس بأخلاقهم أم كانوا عبيدا في سوق النخاسة وقد مر هذين العصرين على مصرنا وقال الشاعر كم بغت على دولة وجارت ثم زالت وتلك عقبي التحدي أما اليوم ستكون القصيدة كم بغي شعبي سنة 2012 عّلى لا قدر الله وجار ثم زال فهل نكون باغين أم نوقف الفتن ونبني الديار وندفع عجلة الإنتاج ونكون أسياد.