بداية لا ينكر أحدا منا مكانة الشيخ "محمد حسان" لدى الكثير من أبناء الشعب المصري ، فهو له باع طويل في الدعوة، ويتمتع بأسلوب معتدل أكثر من غيره ممن يخرجون علينا بفتاوى غريبة نحن في غنى عنها في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد ، فهو من العلماء الأجلاء ونحسبه على خير ولا نزكي على الله أحدا. - كذلك لا يمكن لأحد أن ينكر دور الثائرة "نوارة نجم "، إحدى بطلات ميدان التحرير ممن شاركن في ثورة 25 يناير وأنها كانت ولازالت من أبرز الناشطين على الساحة السياسية ، والتدوين الإلكتروني والدفاع عن حقوق الإنسان، فلا جدال أن كلا من الشيخ "محمد حسان" والثائرة "نوارة نجم" لهما مكانة خاصة في قلوب الكثير من المصريين .
- ولا يخفى على أحد الخلاف الحاد الذي نشب خلال الأيام الماضية بين كلا من "نوارة نجم" ، "ومحمد حسان" ، والذي تسبب في ازدياد اشتعاله محبي الشيخ "حسان" ، وليس الشيخ نفسه .
- فإن أخطأت "نوارة نجم" وأساءت في حق "محمد حسان" ، فقد عادت واعتذرت كما سمعنا، وحتى وإن لم تعتذر ، فنحن على يقين من أن الشيخ محمد حسان ، بل ومن المفترض به كرجل دين أن لا يقابل الإساءة بالإساءة ، وهذا بالفعل ما حدث ، فلم نسمع الشيخ "حسان " يكيل السباب في حق "نوارة نجم" مثلما فعل من يدعون أنهم يدافعون عنه ، وإنا كنا نعتقد أنه ليس في حاجة لمن يدافع عنه.
وعندما تخرج كلمة من ثائرة وناشطة بحجم "نوارة نجم" فمن الطبيعي أن تلقى صدا واسعا ، خاصة إذا تناولت كلماتها شخصية مثل الشيخ "محمد حسان" .
- المشكلة إذا تكمُن في من يسمون أنفسهم أنصار الشيخ "محمد حسان" ، والذين كالوا كل أنواع السباب والشتائم "لنوارة نجم" ،والتي ارتكبت ذنبا لا يغتفر من وجهة نظرهم .
- وإن تناسوا أن كلا من الطرفين بشرا وغير منزهين عن الخطأ ، فالشيء المرفوض أن يصل الأمر إلى التهديد بالقتل ،مثلما حدث مع "نوارة " ، في الوقت الذي نكاد نجزم أن من أخطأت بحقه قد تجاوز عن خطأها في حقه وفوض أمره إلى الله على اعتبار أنه رجل دين يعرف معنى السماحة ، فهذا التهديد مرفوض من أي طرف كان ولا نختص في ذلك جماعات الإسلام السياسي ، فربما يوجد من يتصيد الأخطاء ليزج بهم في مثل تلك الجرائم .
- وإن أنكرت نوارة نجم على الشيخ حسان صمته على الانتهاكات التي حدثت مع الثوار ، خاصة بعد تعرض الثائرات للسحل والضرب وكشف عوراتهن على الملأ ، فليست وحدها "نوارة" من تنكر على قامة كبيرة مثل الشيخ "حسان" صمته ، فكلنا ينكر عليه صمته عن تلك الجريمة البشعة ، وانتظرنا منه للأسف أن يخرج علينا برد فعل قوي ولو بكلمة حق ، مثلما فعل الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل ، ونخصه بالذكر لأن الكثيرين يحسبونه على التيار الإسلامي .
ذلك الصمت الذي تسبب في أن خرجت علينا التصريحات المستفزة من بعض مذيعي القنوات ذات الصبغة الدينية يزيفون الحقائق ، و يقدمون المبررات على ما حدث في حق المتظاهرات حين برر أحدهم ممن يلقبون أنفسهم ب"الشيخ فلان" وبأسلوب بارد ومستفز الاعتداء على إحدى الفتيات وتكًشُفها على الملأ "أنها كانت ترتدي عباءة فقط" ، وكأنها مطالبة أن تلبس كل ما تمتلك من ملابس قبل الذهاب لميدان التحرير، ذلك على افتراض أصلا أنها كانت لا ترتدي سوى "عباءة"! بل وصل الأمر بذات الشخص أن ينكر على "الدكتور البرادعي" استنكاره تلك الجريمة في حق الفتاة وتهكم عليه بقوله "ياواد يا متدين" ، في الوقت الذي فعل فيه "البرادعي" ما لم يفعله مدعو التدين.
وقد وصل الأمر ذروته حينما خرج أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين وصرح بأن تلك "الفتاة المسحولة " كما اصطلح الإعلام على تسميتها " وإن كنا نراها "ست البنات" بأنها ليست من الأخوات ، وكأن ذلك مبررا لما حدث لها ، أو كأنها تستحق ما حدث لها لأنها ليست من الأخوات ، ونحن لا ندري من هن الأخوات من وجهة نظرهم وعلى أي أساس يتم التصنيف .
- أخيرا نتمنى من الجميع الكف عن إشعال الفتن التي لا يستفيد منها إلا أعداء الثورة و أن يدرك جميع الرموز سواء دينية أو سياسية ، خاصة جماعات الإسلام السياسي ، بل والأهم أن يدرك مريديهم من قبلهم ، أن رموزهم بشر مثلنا يمدحهم المادحون حينما يصيبوا ، وينقدهم الناقدون حينما يخطئوا ،وأنه لا إنكار في أن يدافع الشخص عمن يرى فيه رمزا معبرا عن أفكاره ، لكن دون أن يصل به إلى مرتبة القديس الذي لا يمكن المساس برأيه .
وهو ما أعتقده صواباًَ ،فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فحسبي أنِّي بشر أخطئ وأصيب.