وكما أرادك الله رمزا للنقاء والعطاء والثورة فقد أبت الظروف إلا أن تجعلك إماماً للقابضين علي جمر الوطن السالكين في محرابه والمجاهدين في سبيل الحق والعدل والحرية، هذا قدرك وهي مشيئتك فلا تعبأ بأفاعيل الاستبعاد والمصادرة فذلك دأب جيتو القاهرة المستبد، فلا تنظر خلفك في غضب. ياسيدي لست في الميدان وحدك فمثلك كثيرون من الكفاءات والنابهين يكابدون ويدفعون الثمن مرة جراء نضالهم وأخري لنبل ذواتهم ورفعة شأنهم وتميز شخوصهم، ذلك أن ذكاء المرء محسوب عليه، خصوصاً في زمن الخسارة والغباء والمحنة، ولا يعرف الشوق إلا من يكابده. كانت هذه كلماتي التي ما وجدت غيرها أوجهها لشيخ المحامين محمد رأفت نوار المرشح نقيبا عاماً للمحامين حين أبدي البعض من أعضاء حملته الانتخابية تبرمهم واستغرابهم لموقف الإعلام المصري وتجاهله العامد المستبد لهذا المجاهد الكبير الذي هو ملؤ السمع والبصر ورمز من رموز الثورة المصرية والمهموم بقضايا الوطن وعلي امتداد تاريخه الحافل والمتطوع دائماً لنصرة المهضومين والواقف دائماً شوكة صلبة في حلوق المستبدين والظلمة، والذي لم يعرف تاريخه المتاجرة ببطولاته ومواقفه فقد أبي إلا أن يقول كلمة الحق ويمضي، لقد عرفت رأفت نوار ككل أبناء جيلي من الحركة الطلابية في السبعينيات، كان في ذلك الوقت محام شاب اشتهر بعناده الشديد ومواقفه الصلبة مع كل المثقفين المصريين ضد مشروع بيع هضبة الأهرام في 5791وكانت كلمته " التاريخ لا يباع ولا يشتري ياسيادة الرئيس" التي تلقفتها الدكتورة نعمات أحمد فؤاد لتنقلها عنه للرئيس السادات، يومها لفت نظرنا رغم حداثة سنه بمواقفه الوطنية، وسرعان ماتبوأ مكانه في صدارة المشهد مع كبار المحامين الدكاترة والأساتذة سعد عصفور وحلمي مراد ونبيل الهلالي وعادل عيد ومحمد عصفور، الذين دافعوا عنا في كل قضايا الحركات الطلابية والعمالية في حركة السبعينيات. بزغ نجم رأفت نوار الثائر ضد التطبيع وكامب ديفيد حينما اختلف نقيب المحامين أحمد الخواجة مع السادات الذي شكل مجلسا انتقاليا مؤقتاً للنقابة برئاسة الدكتور العطيفي ولم يتردد نوار في الوقوف ضد السادات وكامب ديفيد، وتتوالي المواقف الوطنية الصلبة لرأفت نوار عندما رفع قضية هي الأولي من نوعها ضد حسني مبارك عندما "اعتقل الاسكندرية كلها" علي حد تعبير نوار في 92 أكتوبر 4991 بإغلاق الشوارع من الصباح حتي المساء بسبب اجتماعه مع حافظ الأسد والملك فهد، حيث غرقت الاسكندرية في المطر والزحام وتوقفت المواصلات وقضي التلاميذ يومهم في الشوارع وتعرضت سيدات للولادة علي الأرصفة. في 9 أكتوبر 1002 أي بعد أيام من أحداث 11 سبتمبر وقف في مكتبة الإسكندرية في مؤتمر حاشد نظمته جمعية تراث المحاماة التي يرأسها وفي وجود آلاف من الشخصيات العامة ليوجه حديثه " يامستر بوش أنت أكبر إرهابي في العالم وأنت سبب انتشار الإرهاب"، يومها سرق نوار تاريخ الحركة الوطنية علي امتدادها ليضعه في حجر المحاماة والمحامين، ورغمها كنا نشعر بالإمتنان والرضا. توالت مواقفه لدعم الإنتفاضة الفلسطينية والتنديد عالمياً بالممارسات القمعية الاسرائيلية والوقوف ضد حرب تدمير العراق لصالح اسرائيل، ودعم صمود المقاومة اللبنانية وحزب الله في 6002 وضد الاعتداء علي غزة ليلة عيد الميلاد 8002 لقد وقف نوار ملتحماً مع صفوف الحركة الوطنية مدافعاً عن القطاع العام وضد الانفتاح والخصخصة والفساد والظلم وتزوير الانتخابات، نوار ورغم ناصريته ومواقفه الراديكالية كان أول المدافعين في نيابات أمن الدولة ومحاكمها عن سجناء الإخوان المسلمين، وهو الذي وقف يدين التعذيب في عهد مبارك باعتباره رئيساً لهيئة الدفاع عن خالد سعيد. نوار وكما وقف متطوعاً إلي جانب كل وطني وكل مظلوم وقف بجانبي حين رفعت القضايا في بداية 0102 ضد مبارك وأحمد نظيف وهاني هلال لتدميرهم البحث العلمي والعمل ضد صالح الوطن ومستقبله، ولولا نوار وكتيبة الشرفاء من المحامين لكنت الآن خلف أسوار سجون التلفيق والظلم الذي حاكه ضدي كلاب السلطة ومماليك هاني هلال وذيوله في وزارة البحث العلمي التي ترزح تحت حكم وفساد مهندسي التطبيع وسارقي أحلام الأمة بينما وزيرنا الطيب محاصر في مكتبه مغيب عن مؤامرات مساعديه وفسادهم. نوار الذي وقف يقود صفوف الثورة رغم أنواء الإسكندرية وشتاءها القارس يخطب في الجماهير ويقود المظاهرات، وكما قهر السرطان عندما حاول نهش أمعائه فقد قهر حواجز السن والمشيب ليبدوا شاباً مقبلاً علي الحياة والكفاح بكل عزيمة وصحة وإشراق. المفارقة أن نوار هو المرشح الوحيد الذي لم يهتم به "جيتو الإعلام القاهري" علي الرغم من عشرات الحوارات الصحفية والتليفزيونية للمرشحين جميعهم إلا نوار، وكأن هناك أصابع خفية تعمل علي استبعاده من الصورة، وكأن هناك من يصر علي استبعاد القامات الوطنية والمناضلين الحقيقيين من المشهد، الإعلام الذي أصبح مطية للإعلانات والفضائح والسطحية والتفاهة يكمل تخلفه باستبعاد أصحاب الرأي والتاريخ والمواقف والقدرات الشخصية الرفيعة، حتي د.عصام شرف دعي كل المرشحين لمقعد نقيب المحامين للتشاور في أزمة العدالة ولم يدعو نوار، تماماً كما المجلس العسكري الذي تحاور مع البعض ممن يحتاجون لاستكمال تعليمهم واستبعد الكفاءات والرواد وكأنه مكتوب علينا أن نكون غرماء لكل العصور. يا رأفت ياصديقي وأخي ورفيق الكفاح والثورة يكفيك ثقة المحامين والتفافهم حولك وانت تزورهم في كل محاكم مصر، وحسبك المؤمنين بقضيتك ونبل مقاصدك، انطلق فلن يحجبك أحد ولن يحبسك أحد، مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟