يثور هذه الأيام جدلا واسعا ليل نهار حول حقوق الثائر وإنه يجب أن يتولي المسئولية وأن يتولي القيادة وأن يشار إليه بالبنان وأن يكون مرجعية لكل متطلبات الدولة فيكون لها خبير فيما يجب أن يكون وخبيراً فيما يجب إلا يكون وبمعني أدق يكون الثائر هو قوام الدولة وعمادها فيصبح الثائر هو الحاكم والمسيطر والمهيمن على جميع مناحي الحياة وقد ثار هذا الجدل قبل الانتخابات واشتد بعد ظهور نتائج الأنتخابات التى أتت بعكس ما يشتهي الثوار لذلك تبدل الحديث السابق إلي سرقة الثوار وأنهم الأحق والأجدر في دخول البرلمان وأن التيارات الإسلامية قفزت على الموقف رغم إحجامها في بداية الثورة وبين هذا الحديث وهو أحقيتهم في قيادة الدولة وبين ذاك وهو أنهم قد سُرِقوا ثار التساؤل عن مدي حقوق الثوار بعد الثورة وذلك حسبما دار من أحاديث سابقة وتخلص الإجابة على هذا السؤال في أن الثائر هو الذي يتفرد عن غيره ويقوم بالثورة بدون تكليف من أحد للقضاء على الاستبداد وأن هذا الأمر منوط به وبرفاقه بدون تكليف من أحد ويأخذون على عاتقهم وكاهلهم تحرير البلد من الأستبداد ويدفعون لذلك ضريبة غالية قد تكون حياتهم ثمنا لها وقد تكون سلامتهم فمنهم من يفقد عينه أو سمعه أو أحد أطرافه أو يصاب بالشلل فيقعد طريح الفراش ما بقي حيا وفي نهاية الأمر يكون عرضة لأحد أمرين إما أن تنجح الثورة فيكون بطلا وإما أن تفشل فيكون مجرماً أثيماً خائنا للبلاد. فإذا أصبح بطلا تهافتت عليه الناس وتقربت منه وهرولت إليه أما إذا فشل أصبح مجرما تنصلت الناس منه وبين هذا وذاك يعيش الثائر صراعا مريرا وأيا ما كان الأمر فالنجاح مكفولاً بإرادة الله فإذا ما نجح الثائر يسجد لله شكرا ويظل التاريخ يحسب له ذلك ولكن رغم ذلك ورغم فداحة الثمن الذي قد يتعرض له فإن هذا لا يجعله وصيا على الشعب في اختياراته اللاحقة. أن مقتضي نجاح الثورة أن نعطي للشعب حريته والقول بغير ذلك يعني أن الثائر حرر البلاد من المستبد ليحل محله وأن شئنا الدقة ليحتلها وبالتالي لا نصبح أمام ثورة بل بين صراع المستبدين لأنه حسبْ الثائر نجاح ثورته وما بعد ذلك تكون الحرية للشعب في أن يأتي به أو بغيره لأن مقتضي الحرية هو عدم وضع قيود على الشعب ويترتب على ذلك إذا أختار الشعب غيره فإن هذا يحسب للثوار ولا يحسب عليهم في أن عملهم قد نجح نجاحا باهراً وهذه هي منتهي الحرية ونخلص من ذلك أنه لا يحق للثائر أن يكون وصيا على البلاد فشكرا لجميل صنعه وشكرا له أبد الدهر والقول بغير ذلك يعني أنهم أزاحوا مستبد ليحلوا محله وأننا أمام احتلال جديد وهذا ما لم يتمناه الثوار أنفسهم. وفي هذا المقام نري أن يكمل الثوار جميل صنعهم وأن يردوا كيد المتآمرين على الوطن بقصد إيقاع الفتنة بين الثوار والشعب الذين يخوضون في الإعلام صباح مساء ويحرضون الثوار على الاعتراض على نتائج الانتخابات فهل يتم الثوار جميلهم اللهم آمين. وفي هذا المقام نذكر بما قاله فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله بأن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد.