تماما مثلما كان عامل الوقت هو السبب الرئيسي في زيادة استبداد الحكومات العربية بسبب طول فترات حكمها ، كان هو ذاته السيف المسلط علي رقاب الحكام المستبدين بعد اندلاع الثورات العربية. تأخرت الشعوب العربية كثيرا في الثورة علي الظلم ، فعلي مدار سنوات شاهدت تلك الشعوب الفساد ولم تحاول أن تمنعه ،سلبها الحكام حريتها ولم تسع لاستردادها ..طول سنوات الاستبداد ، وما قابله من صمت من الشعوب ، بعث بالطمأنينة في قلوب المستبدين ، حتي عندما اندلعت شرارة الثورات العربية ، كان كل ديكتاتور يقول إن بلده ليست مثل تلك التي اندلعت فيها الثورة ، فهو مقتنع أن شعبه لن يثور ، حتي بعد وصول الثورة إلي عقر داره ، لم يتوقع أنها ثورة حقيقية . رهان المستبدون علي عامل الوقت هذه المرة ، كان رهانا خاسرا ، فالوقت الذي زاد من استبدادهم ،بات عامل ضغط عليهم ، فكلما تأخر الحكام المستبدين في إجراء الإصلاحات زاد سقف مطالب الثوار ، فما كان يرضون به قبل اندلاع الثورة ،لا يرضون به بعد اندلاعها . فشل الأنظمة المستبدة في إدارة الوقت السياسي وضعها في موقف لا تحسد عليه ، فهي إن استمرت في القمع تعاظمت المظاهرات المطالبة برحيلها ، وإن تعهدت بإجراء إصلاحات لن يصدقها الثوار. غباء الأنظمة المستبدة ساعد في نجاح الثورات العربية ، فقد راهن القذافي علي الوقت إلي أن اختبأ في سراديب طرابلس ، وماطل صالح إلي أن نقل إلي مستشفيات السعودية ، وما يزال الأسد يراهن !!