بعد 17 كتابا ساخرا، صدرت مؤخرا للكاتب الساخر إيهاب طاهر، مجموعته القصصية الأولى فى مشوار الإبداع " أتوبيس 13 " عن دار المصرية للنشر والتوزيع ،وبتقديم الأديب الراحل إبراهيم أصلان. جاءت مجموعة إيهاب طاهر بعنوان يقترب من عناوين كتبه الساخرة التى بدأها ب "رئيس جمهورية نفسى" ثم "طز فيكم"، و"حمرا" الذى تحول لبرنامج تليفزيونى قدمه الإعلامى ابراهيم عيسى قبل 3 أعوام تقريبا، وعناوين اخرى كثيرة لعل أبرزها ما صدر له مؤخرا دفعة واحدة ، "من انتم" ، "كوهين ينعى ولده ويصلح ساعات"، و"خوازيق" وأخيرا مجموعته القصصية التى لم يبتعد عنوانها كثيرا عن افتكاساته المغامرة كثيرا، التجارية أحيانا . حقيقة لا أعرف السر وراء سعى بعض الكتاب وخاصة الشباب وهم فى بداية طريقهم يتلمسون خطى الأدب والإبداع، يسعون باستماتة نحو أديب معروف او شاعر متحقق، سعيا وراء مقدمة فى صدر كتابه قد تفتح له آفاقا ما كانت لتفتح لولا جملة كبيرة بصدر الغلاف تشير إلى فلان الناقد أو الكاتب الذى قدم المجموعة او الرواية او الديوان مشيرا بالتأكيد فى سطورها إلى مولد نجم جديد فى سماء الإبداع ..الأمر مقبول كما ذكرت من قبل لكن لجوء ايهاب طاهر ، وهو المتحقق بالفعل فى كتبه الساخرة التى اقتربت من العشرين كتابا ، وهو رقم كبير فى أرشيف أى كاتب، كما أنه من القلائل المتحققين فى الكتابة الساخرة ، رغم صعوبتها، ورغم لجوءه إلى العامية ، التى كنت ولا زلت أحد المعترضين عليها ، خاصة مع ايهاب طاهر نفسه، وقد يقول قائل : كيف تعترض على اسم ابراهيم أصلان الذى قدم مجموعة طاهر؟ . ربما اسم ابراهيم أصلان رحمه الله هو الذى زاد الأمر تعقيدا، فالرجل لم يعرف عنه كتابة المقدمات لأحد، ولم يفعلها سوى مرة واحدة مع الأديب الكبير علاء الديب، ثم ان المجموعة صدرت بعد رحيله ، وهو ما كان يجب على طاهر ان يدركه من وجود مشككين بالتأكيد فى صحة حقيقة نسب المقدمة للكاتب الراحل من عدمه، خاصة ان ابناءه يملأون الأرض ضجيجا وصخبا مقبولا بالطبع وأنهم ملء السمع والبصر وقادرون على الرد عن الرجل صاحب القيمة الكبيرة، ولكنه الشرف ولافخر باسم الراحل القدير ، وسعادة ايهاب بجملته كانت اكبر من تفكيره فى كل ما حدث، وينتظر ان يتصاعد خلال الأيام القليلة القادمة . ترى ماذا قال أصلان عن " اتوبيس 13" فى مقدمة المجموعة يقول الكاتب الراحل : انتابنى الفضول لقراءة مجموعته،وأنا فى قمة انبهارى بهذا القاص الذى لم يذكر اسمه أو حتى رقم تليفونه المحمول، الذى يخبرنى أنها أولى مجموعاته القصصية حتى قلت بعد أن انتهيت من قراءتها، فلو كانت هذه بدايته ، فماذا سيكون شأنه بعد حين، وكيف استطاع أن يملك أدوات السرد هكذا ويطوعها لتعينه على الحكى بأسلوب شيق ممتاز بالبساطة والعمق فى آن واحد . نعود للمجموة التى ضمت 12 قصة تتراوح ما بين القصيرة والطويلة، منها : ليست كل النساء أمك ، وسوسة ، أخذت بباقى أجرها فاكهة ، سينما الشيخ حسنى ، البحث عن فأر، وبيت الراحة . كعادته دوما ، اتخذ طاهر من الجنس أيقونة لحكاياته المتعددة والمتنوعة والتى كان يمكن أن تكون أكثر تأثيرا لو ابتعد قليلا عن منطقة التابوهات، أفكار قصصه جديدة بلاشك لكن ان تكون كل شخوصه مشغولة بالامر نفسه، هنا يبرز السؤال : هل يتعايش الكاتب مع اناس لا نعرفهم ولم نلتق بهم ، أم ان خبرته بالآخرين زادت على ما نعرف فلم ير منهم إلا ما نجهله نحن ؟ الكاتب الذى يمتلك أدوات السرد جيدا ويعرف كيف يرحل فى حضن الأسئلة الكبيرة، وكيف يعبر عن وجوديته ، هو كاتب قادر على ان ينقل أفكاره بسهولة دون اللعب على وتر ما نجح طاهر فى أن ينقل مشاعره وأفكاره على الورق، فعشنا معه لحظات اخفاقه وشاركناه سعادته بشخوصه، لكن مجموعة قصصية تدور فى فلك واحد تقريبا، قد يكون مما يؤخذ على الكاتب فى أول أعماله الإبداعية ، وربما نستدل على قولنا من كلمة الغلاف الخلفى التى اختارها صاحب المجوعة مدخلا لحكاياته .. فماذا قال ؟ " ما اغبطه هو تذكره نصيحه والده ندما قال له : يا ولدى لا تتزوج من تحب أو تتوهم انك تحب أو الجميلة أو ذات الحسب والنسب أو ذات الخلق، بل تزوج من ينتصب لها شيؤك كلما صافحتها بيدك.. تلك التى ستدوم عشرتك معها طويلا ولن تطلقها ابدا "