أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن العلماء اختلفوا في خصم التكاليف والديون مِن الزرع المُزَكَّى قبل إخراج زكاته، فمنهم مَن قال بخصم ديون تكاليف الزرع دون غيرها من الديون، ومنهم مَن أجاز خصم جميع الديون. وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال "زكاة الأراضي الزراعية هل تخرج بعد خصم المصاريف من أجر أيدٍ عاملة وسماد، أم تخرج من الناتج يوم الحصاد وقبل دفع المصاريف؟، أن الرأي الأنسب للعلماء في هذه المسألة هو مَن جعل إخراج الزكاة قبل خصم الديون مطلقًا، لأن فيه التفريق بين ما سقي بكُلفة وما سقي بغير كلفة؛ حيث أوجب في الأول نصف العشر، وفي الثاني العشر كله؛ اعتبارًا للتكاليف، ولو كانت الديون تُخصَم من الزكاة لأغنى ذلك عن هذا التفريق، كما أن هذا الرأي هو الأوفق لحاجة الفقراء والمساكين. وأضافت: يقول الإمام الكمال بن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير 2/ 250- 251": "قال -أي صاحب الهداية-: "وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يُحتَسَب فيه أجر العمال ونفقة البقر"؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة فلا معنى لرفعها. "قوله: مما فيه العشر" الأَوْلَى أن يقول: مما فيه العشر أو نصفه؛ كي لا يظن أن ذلك قيد معتبر. "قوله: لا يُحتسَب فيه أجر العمال ونفقة البقر" وكري الأنهار وأجرة الحارس وغير ذلك، يعني لا يقال بعدم وجوب العشر في قدر الخارج الذي بمقابلة المؤنة، بل يجب العشر في الكل، ومن الناس مَن قال: يجب النظر إلى قدر قيم المؤنة، فيسلم له بلا عشر ثم يعشر الباقي؛ لأن قدر المؤنة بمنزلة السالم بعوض كأنه اشتراه، ألا يرى أن مَن زرع في أرض مغصوبة سلم له قدر ما غرم مِن نقصان الأرض وطاب له كأنه اشتراه. ولنا: ما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام: «فيما سقي سَيحا... إلخ». وتابعت: حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، فلو رفعت المؤنة كان الواجب واحدًا وهو العشر دائمًا في الباقي؛ لأنه لم ينزل إلى نصفه إلا للمؤنة، والفرض أن الباقي بعد رفع قدر المؤنة لا مؤنة فيه، فكان الواجب دائما العشر، لكن الواجب قد تفاوت شرعا مرة العشر ومرة نصفه بسبب المؤنة، فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج -وهو القدر المساوي للمؤنة- أصلا". وبناء على ذلك: فإن الأصل أن تكاليف الزرع لا تُخصَم من المحصول قبل إخراج الزكاة، إلا إذا كانت نفقات زرع المحصول مساوية للناتج أو أكثر منه، فحينئذ يجوز له أن يأخذ بقول مَن يجيز خصم تكاليف الزرع قبل إخراج الزكاة.