السيد رئيس الجمهورية المرتقب، أكتب إليك وأنت على بعد خطوات من قصرك وقوات الأمن تستعد لعمل جدار عازل بينك وبين المصريين، الذين دفعوا بك إلى كرسي العرش. سيدي الرئيس من اليوم انتهى زمن الكلام، لن نقبل منك تصريحات وردية ولا وعود زائفة، ننتظر قرارات تغير حياتنا وتنهي حالة الضنك التي نعيشها منذ سنوات طويلة. لن ننتظر طويلاً فقد انهكنا الانتظار وفاض بنا الكيل، فخلال ال60 عاماً الأخيرة كل من جلس على كرسيك طالبنا بالصبر بالانتظار مع وعد بالحياة الكريمة، ولكن مع مرور الأيام تحولت أحلام الحياة الكريمة إلى أمنيات بالبقاء على ظهر الحياة، ومع قدومك للكرسي أصبح الموت يطاردنا في كل مكان فالتفجيرات لا تتوقف، والمصريون يتساقطون كالدجاج. سيدي الرئيس هل تعلم أن ملاييين المصريين يسكنون وسط مقابر الأموات والآلاف منهم لا يجد قبراً يسكن إلى جواره، ويحسد والده المتوفي علي قبره الذي يضم عظامه في حين لا يجد هو ما يحتمي به من حر الشمس ولا برد الشتاء. سيدي الرئيس هل تعلم أن هناك 9 ملايين مصري يعانون من فيروس "سي"، وأن هناك أكثر من مليوني طفل في الشارع بلا مأوي وهو ما يعني أن كل واحد منهم مشروع مجرم وبلطجي أن لم تنقذه يدك الحانية من هذا المصير. سيدي الرئيس لن نسمح لك أن تمشي علي خطي من سبقك، فهذا من المؤكد أفضل لك فأنت تعلم مصير من سبقوك، وإذا كان جو الانتخابات أنساك مصير أسلافك فاسمح لي أن أذكرك، فمنذ ثورة 52 تعاقب على مصر وحتى اليوم 5 رؤساء أولهم مات كمدا تحت الإقامة الجبرية والثاني مات مسموما والثالث تم اغتياله وسط حراسه والرابع والخامس داخل السجون. بالطبع سيدي الرئيس نحن لا نتمني لك مصيرًا مثل هؤلاء بل العكس نتمني أن نصنع لك ثمثالاً من عناقيد الحب داخل قلوبنا، نتمني أن نشعر معك أننا لم نحكم برئيس مثلك نترحم علي أيامك بعد انتهاء مدتك ندعو لك، بعد رحيلك وهذا لن يتاتي دون أرضاء هذا الشعب الذي طالما سعي هو لإرضاء حكامه حتى داسوا عليه بالنعال. لقد انتهى زمن الشعب في خدمة الحاكم وبدأ عهد الرئيس تحت أمر المواطن، عليك أن تدرك جيدا أن طريقك للبقاء في قصر الاتحادية أو الانتقال إلى طرة حيث المخلوع والمعزول يبدأ من تحقيقك لأحلام وطموحات هؤلاء الملايين الذين لم يخرج في مظاهرات لتأييدك بحثا عن ساعة عمل زيادة يرتفع بها أجرهم، كما أنهم ربما لم يشاركوا في الانتخابات ليس رفضا لك أو تبني لموقف سياسي ولكنهم وقت الانتخابات كانوا أمام مستشفي السرطان أو معهد القلب بانتظار سرير لطفلهم المريض دون جدوي. سيدي الرئيس أنت مطالب الآن بتوفير الدواء لكل مريض ، والطعام لكل جائع ، والكساء لكل عريان ، والماء نظيف لكل ظمآن، وعليك أن تدرك أن الجائع والمريض والعاري هم السواد الأعظم من شعب مصر الذي لا تعرفه أنت ولا حملتك ولم تفكر في زيارته، كما أنهم ليس لديهم تليفزيونات ليشاهدوا لقاءاتك ولا فيديو كونفرانس ليتابعوا مؤتمراتك. تخيل سيدي الرئيس الذي طالما أعلن خشيته من مسئولية الحساب أمام الله أنك لم يتبق أمامك سوى أيام قليلة جدا وتصبح مسئولاً عن أكثر من 90 مليون مصري كثيرون منهم ينامون في الشوارع يأكلون من أكياس القمامة، فضلا أن أكثر من 40 يسقطون سنويا ما بين قتيل وجريح نتيجة حوادث المرور. سيدي عليك أن تدرك أن ما يعلنه بعض مؤيديك على شاشات التلفاز من استعدادهم الجوع من أجل مصر لا يمثلنا في شىء لأننا في الأصل جائعون ونريد أن نشبع بعد عقود من الجوع على يد أسلافك. أيها الرئيس المرتقب لا يغرك أحاديث المهللين والمطبلين فهؤلاء طالما استفادوا من المخلوع والمعزول والزعيم الخالد والرئيس المؤمن، هؤلاء الآكلون على كل الموائد ونحن الجائعون في كل عصر، أحذر جوعتنا التي طالت وتأكد أننا لسنا إخوانا فالجوع كما يقولون "كافر" لا دين له. رئيسنا القادم نريد أن تكون "رئيسنا" نحن وليس لهؤلاء الملتفين حولك فنحن أولي بك وأكثر احتياجا لك منهم، نحن الشعب الذي يبحث عن رئيس يشعر به يتحسس آلامه وآوجاعه التي لا تنتهي. سيادة الرئيس إذا أردت البقاء رئيسا فكن رئيسي الذي يشعرني أني أعيش في دولة حقيقية تحقق لي كل طموحاتي وتكفيني احتياجاتي أنا وأولادي، وإن لم تكن كذلك فلا طاعة لك علينا ولا تتوقع منا أن نكون أبناء لأم الدنيا، فالأم القاسية تدفع أبناء لقتلها.