أنا أختلف معك هذا حقى! أما أن أختلف مع الوطن والإنسانية، فهذا غباء أو جهل! نحن نعيش الآن أزمة إختلاف تكاد تعصف بكل بيت من بيوتنا، ولكن الإختلاف عندما يكون على القناعات والأفكار ينفع ولا يضر، أما ما نراه الآن فهو إختلاف على الوطن وعلى الدين وعلى الإنسانية. فأصبحنا نرى من يأخذ من الدين فهمه وما يخدم كلامه وأفكاره وعلى الجانب الآخر من يفعل أيضا كذلك وكلامهما يتهم الآخر إما بالكفر أو الإبتداع. ونجد من كان ينكر قبل ذلك أعمال التخريب والعنف بكل صورها حفاظا على الوطن، لا بل حفاظا على مصلحته، ثم نجده الآن يتفنن فى تنوع صور هذه الأعمال حتى تخدم أيضا مصلحته ناسيا أو متناسيا مصلحة وطنه مستندا فى ذلك إلا أن من كان قبله كان يفعل ذلك، ولا يستند إلا الحق والصواب. ولعلنا نجد بأن حدة الإختلاف على الوطن بل وتنوع الأعمال التى تؤدى إلى إضعاف الوطن ودماره تتزايد كل يوم عن اليوم الذى قبله، ولعلى أن أشير هنا إلى قضية واحدة وهى التى ظهرت مؤخرا بصورة كبيرة وهى تدمير الإقتصاد المصرى عن طريق سحب جميع العملات المعدنية من السوق وتخزينها حتى تعمل على شل حركة الإقتصاد، وكذلك محاولة التلاعب بسعر الجنيه مقابل الدولارمعليلين أفعالهم هذه بأنهم يريدون أن يسقطوا حكومة. وعندى لكم سؤال هل لو نجحت هذه الحيل الشيطانة وأدت ثمارها ستسقط الحكومة أم ستسقط الدولة؟ ومع وضوح الجواب إلا أن عمى البصيرة والقلب وإمتلاء القلوب بالكراهية والبغضاء يجعل الأمر على عكس الحقيقة. لكنى هنا على موعد مع استدعاء موقف من سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتعلم منه كيف تكون أخلاق المسلم وكيف يكون التعامل فى ظل الأخلاق المحمدية وكيف يكون معنى الإخلاص للوطن مع الإختلاف مع أصحابه. كان هناك رجل اسمه ثمامة بن أثال وكان سيد من سادات اليمامة وكان قد وصله كتاب من سيدنا رسول الله يدعوه إلى الإسلام فاستقبل هذا الكتاب بالإستهزاء والإحتقار بل وعزم على قتل النبى صلى الله عليه وسلم لكنه لم يستطع ذلك، لكنه تمكن من قتل بعض الصحابة الكرام، وفى يوم عزم على أداء العمرة والذبح للأصنام التى حول الكعبة لكنه وبالقرب من المدينةالمنورة قد وقع فى الأسر على أيدى جماعة من المسلمين لكنهم لم يعرفوه. فقدموا به المدينة وربطوه على عمود من أعمدة المسجد، ولما رأه النبى قال لهم هذا ثمامة بن أثال فأحسنوا أساره ودخل بيته وقال للأهله اجمعوا الطعام وابعثوا به الى ثمامة، ولما قابله النبى صلى الله عليه وسلم قال له ما عندك يا ثمامة؟ قال خير ان تقتل تقتل ذا دم، وان تنعم تنعم على شاكر، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شأت، وظل على هذا ثلاثة أيام حتى قال النبى فكوا وثاقه وأطلقوه. وابتعد قليلا عن المسجد حتى اغتسل وتطهر وعاد للنبى ليعلن اسلامه، وقال للنبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يريد العمرة فعلمه النبى أداء العمرة الشرعية، وذهب الى مكة وأخد يطوف بالكعبة ويقول لبيك اللهم لبيك فاجتمع حوله المشركين وأردوا أن يقتلوه لولا أنهم تعرفوا عليه وقالوا هذا ثمامة سيد اليمامة ان اصابه منكم سوء منع اهله عنكم الطعام، فقال لهم والله لا يأتيكم منى حبة قمح حتى تتبعوا دين محمد، ولما رجع الى قومه أمرهم أن يمنعوا عن قريش الطعام. وبدأ الأمر يشتد على قريش وانتشر الجوع ولم يجدوا ما يأكلون فكتبوا الى النبى صلى الله عليه وسلم يقولون: إن عهدنا بك أن تصل الرحم وتحض على ذلك، وها أنت قد قطعت أرحامنا، فقتلت الآباء بالسيف وأمت الأبناء بالجوع. وإن ثمامة بن آثال قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يبعث إلينا بما نحتاج إليه فافعل. فكتب عليه الصلاة والسلام إلى ثمامة بأن يطلق لهم ميرتهم فأطلقها. هذا بالرغم من أنهم قتلوا اصحابه وأخرجوه من بلده وكانوا يتفننون فى ايزاء هو أصحابه وبالرغم من ذلك يعلمهم النبى معنى صلة الرحم والرحمة وحب الوطن حتى وان اختلف مع أهله . اعلموا أنه لن يجوع أهل مصر مهما فعلتم، ولن تسقط مصر مهما خططتم لذلك، لكنكم الآن على خطر من أمركم فهذا فعل النبى صلى الله عليه وسلم وهذا فعلكم.